هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تحاول روسيا اغتنام حالة شلل القرار الأمريكي الناجمة عن الاستعدادات لخوض الانتخابات الرئاسية، لتحقيق اختراق على صعيد تعويم النظام السوري، من البوابة الإسرائيلية.
ويؤكد مختصون بالشأن الروسي تحدثت إليهم "عربي21"، أن روسيا تعمل على استئناف المفاوضات بين نظام الأسد و"إسرائيل"، للاستفادة من قدرة الأخيرة على التأثير بالقرار الأمريكي، إلا أن نجاح هذه المساعي يصطدم بعقدة الوجود الإيراني في سوريا.
والأربعاء، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إنه أجرى مكالمة هاتفية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بحثا خلالها قضايا إقليمية ملحة، مؤكداً أنه "ناقش هاتفيا مع بوتين الذي يحتفل اليوم بعيد ميلاده الـ68 مسائل الأمن الإقليمي والعدوان الإيراني والوضع في سوريا".
المحادثات هذه ليست الأولى، لكنها تأتي بالتزامن مع معلومات تشير إلى استعداد نظام الأسد لاستئناف المفاوضات مع "إسرائيل".
رئيس النظام السوري بشار الأسد أعلن عن استعداده لتطبيع العلاقات بشرط استعادة الأراضي السورية التي تحتلها "إسرائيل".
اقرأ أيضا: الأسد لا يمانع "علاقات طبيعية" مع الاحتلال.. ويشترط
وأضاف في حديث لوكالة "سبوتنيك" الروسية، أن الشرط الرئيسي لعقد مفاوضات سورية-إسرائيلية هو استرجاع الأراضي السورية كاملة، وقال: "موقفنا واضح جدا منذ بداية محادثات السلام في تسعينيات القرن العشرين، أي قبل نحو ثلاثة عقود، عندما قلنا إن السلام بالنسبة لسوريا يتعلق بالحقوق".
هل تكون إيران الثمن؟
وقال الكاتب المختص بالشأن الروسي سامر إلياس، إن من مصلحة روسيا تقليم أظافر إيران في سوريا، لكن موسكو تدرك بالمقابل أن الإيرانيين يحظون بثقل كبير في بنية النظام، عسكريا واقتصاديا، وحتى مذهبيا.
وأضاف لـ"عربي21"، أنه من غير المستبعد أن تغض إيران الطرف عن دخول النظام في مفاوضات مع إسرائيل، شريطة أن تضمن الوجود في سوريا، على الأقل سياسيا واقتصاديا، لضمان مصالحها.
وحسب إلياس، فإن إيران قد توافق على الانسحاب عسكريا، أو تتظاهر على الأقل بذلك، شريطة بقاء الأسد على رأس السلطة، مرجحا أن تكون روسيا تمارس دور الوساطة مع إسرائيل لتنفيذ هذا الطرح.
وقال: لن تجد روسيا وإيران وحتى إسرائيل شخصا كالأسد، فالأخير حريص على تحقيق مصالح الجميع في سبيل البقاء رئيسا، ولو كان ذلك على حساب دمار البلاد، وتقتيل وتهجير شعبها.
الانطلاقة بدأت منذ صيف 2018
وأكد إلياس أن الخطة الروسية بدأت منذ صيف العام 2018، بعد توقيع اتفاق "مصالحة الجنوب"، بين النظام السوري وفصائل المعارضة سابقا.
وقال: "بعد الاتفاق خرجت روسيا بتصريح مفاده أن الوقت قد حان لعودة قوة الأمم المتحدة (أندوف) للمنطقة العازلة بين شطري الجولان، ومن ثم نشرت شرطتها العسكرية في كامل الجنوب، وذلك بهدف حفظ أمن إسرائيل".
وفقا لإلياس، فإن التوافق على كامل الخطة، تم خلال اللقاء الثلاثي الأمريكي- الروسي- الإسرائيلي، في حزيران/يونيو 2019.
"قيصر" للدفع نحو هذا الاتجاه
وفي السياق ذاته، برى الباحث بالشأن السوري أحمد السعيد، أن هناك شبه توافق أمريكي- روسي على إبقاء الأسد في السلطة، بمقابل التقليل من النفوذ الإيراني.
وقال لـ"عربي21": إن الواضح من خلال التصريحات الأمريكية الأخيرة عن شروط لإعادة العلاقات مع الأسد مجددا، بعد أن كانت تتحدث عن ضرورة رحليه، أن واشنطن تراهن على دفع النظام السوري للابتعاد عن إيران.
اقرأ أيضا: الأسد يعلق على إعلان ترامب نيته سابقا محاولة اغتياله
وفي وقت سابق، أعلنت الخارجية الأمريكية أن إعادة العلاقات بين واشنطن ونظام الأسد ممكنة في حال نفذ النظام السوري عدة شروط ومطالب أمريكية.
وحسب السعيد، فإن الغرض من "قانون قيصر" الذي لم يستهدف للآن مصالح روسيا في سوريا في الموانئ والغاز والسياحة والطاقة، هو دفع الأسد لفك ارتباطه بإيران، وكذلك زيادة الضغط الاقتصادي على الأخيرة لترضخ للشروط الأمريكية.
في غضون ذلك، أكدت مصادر إعلامية أن النظام السوري، يعتزم إطلاق سراح عدد من الرهائن الغربيين، من بينهم الصحفي الأمريكي أوستين تايس الذي اختفى في سوريا في العام 2012.
وأوضحت صحيفة "جسر" المعارضة (مقرها باريس) نقلا عن مصدر من واشنطن، أن إطلاق سراح الرهائن يتزامن مع "مؤشرات قوية على قرب عودة المفاوضات بين النظام وإسرائيل".
وطبقا للمصدر، لا تمانع إيران بتحريك المياه الراكدة حول نظام الأسد، لكنها لن تخضع نفسها لأي التزامات، ونظام الأسد سيبقى قادرا على التنصل من أي التزام، خاصة في ظل الموقف الأوروبي المتراخي، لكنه سيتمكن من خلال هذه اللعبة من تعويم نفسه ولو لمدة محدودة.