هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
كشف دراسة حكومية في مصر عن نتائج صادمة لدراسة قياس أثر فيروس كورونا على حياة الأسر المصرية، شملت ثلاث فترات على مدار نحو 7 أشهر (بدءا من نهاية شهر شباط/فبراير وحتى 20 أيلول/سبتمبر 2020).
وقالت الدراسة إن 55 بالمئة من إجمالي الأفراد المشتغلين تغيرت حالتهم العملية، وترتفع تلك النسبة قليلا في الحضر لتصل إلى 58.4 بالمئة مقابل 52.2 بالمئة في الريف.
وأكدت أن نصف الأسر المصرية لجأت للاقتراض من الغير لعدم كفاية الدخل للوفاء باحتياجاتها، لافتة في الوقت ذاته إلى تراجع اعتماد المصريين على مساعدات أهل الخير إلى 13.7 بالمئة.
وأشارت الدراسة إلى انخفاض استهلاك المصريين لسلع وخدمات هامة وضرورية مثل اللحوم والطيور والأسماك والفواكه وكذلك وسائل النقل والمواصلات، بنسب متفاوتة.
وأضافت: "لا يزال أهم تصرفين نفذتهما الأسر المصرية منذ فيروس كورونا لمحاولة تغطية احتياجات الأسرة خلال فترة الدراسة هما الاعتماد على أنواع أرخص من الغذاء وتخفيض نسب الاستهلاك الأسبوعي من اللحوم والطيور والأسماك".
وفي تعليقه على نتائج الدراسة، قال أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر صلاح فهمي، إن هذه النتائج على الرغم من قسوتها إلا أنها لا تمثل سوى جزء من الواقع الحقيقي الذي يعيشه المصريون، مرجحا عدم دقة هذه البيانات التي اعتمد عليها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء للخروج بهذه النتائج.
وقال فهمي لـ "عربي21"، إن القطاعات الاقتصادية التي تضررت بسبب تفشي وباء كورونا من شأنها أن تخلف أضرارا واسعة على سوق العمل في مصر سيمتد آثارها لفترات طويلة، مضيفا: "حتى مع عودة العمالة واستئناف الأنشطة الاقتصادية بعد فترة من الإغلاقات لا تزال الكثير من المصانع والشركات تعمل بأقل من ربع طاقتها العمالية حتى الآن".
اقرأ أيضا: دراسة حكومية تكشف مؤشرات خطيرة في مصر بسبب كورونا
وتوقع فهمي أن تتجاوز نسبة الأسر التي لجأت للاقتراض من الغير نسبة الـ 75 بالمئة من إجمالي عدد الأسر المصرية وليس 50 بالمئة كما في نتائج الدراسة مستطردا: "النتيجة ستكون قاسية جدا إذا ما أضفنا إليها نسبة الأسر التي لجأت لسحب جزء كبير من مدخراتها وهو ما يعده الاقتصاديون اقتراضا أيضا ويطلق عليه الادخار السلبي".
وفي نهاية آذار/مارس الماضي، قال محافظ البنك المركزي المصري، طارق عامر، في تصريحات تلفزيونية إن حصيلة سحب الأفراد من البنوك خلال آخر 3 أسابيع بلغت 30 مليار جنيه.
وجاءت تصريحات عامر في إطار تبريره لقرار البنك المركزي بتقييد عمليات السحب والإيداع النقدي ووضع حد يومي لعمليات الإيداع والسحب النقدي بفروع البنوك بواقع عشرة آلاف جنيه مصري للأفراد وخمسين ألف جنيه مصري للشركات، وحد يومي لعمليات الإيداع والسحب النقدي من ماكينات الصراف الآلي بواقع خمسة آلاف جنيه مصري.
وفي قراءاته لنتائج الدراسة الحكومية، اعتبر الباحث الاقتصادي، إبراهيم حسونة، أنها نتائج غير مفاجئة لكنها تحمل رسائل مهمة ومخيفة.
وأضاف لـ"عربي21": "نتائج غير مفاجئة لسببين، الأول أن العالم كله تأثر بكورونا وليست مصر وحدها، والثاني أن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أعلن أرقاما مشابهة في الإصدار الأول لهذه الدراسة في حزيران/يونيو الماضي".
اقرأ أيضا: دراسة حكومية تتوقع ارتفاع الفقر والبطالة بمصر بهذه النسب
ولخص الباحث الاقتصادي الرسائل المخيفة التي تحملها نتائج الدراسة في 5 رسائل، وذلك على النحو التالي:
الأولى: مؤشر على محدودية أثر الإجراءات التي اتخذتها الحكومة المصرية لتخفيف أثر كورونا على حياة المصريين (بدليل أن نتائج الإصدار الثاني لم تختلف كثيرا عن نتائج الإصدار الأول رغم رفع قيود كورونا وعودة العمالة).
الثانية: عدم دقة الأرقام التي تعلنها الحكومة عن مؤشرات التعافي الاقتصادي من كورونا، وأن هذا التعافي على الأرجح مدعوم بالدين وهو ما قد يخلف آثارا أكثر خطورة على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للمصريين خلال الفترة المقبلة.
الثالثة: تمزق شبكة الضمان الاجتماعي بعد إغلاق آلاف الجمعيات الخيرية وتراجع الدور التكافلي داخل المجتمع، رغم المبادرات والبرامج الاجتماعية التي تطرحها الحكومة بين الحين والآخر، وأن هذه البرامج تغطي شريحة محدودة فقط من الشعب وليس كل المصريين والهدف منها الشو الإعلامي أكثر منه تخفيف معاناة المصريين في وقت الأزمات.
الرابعة: القروض التي حصلت عليها نصف الأسر المصرية، كانت لسداد احتياجات أساسية مثل الأكل والشرب، ولم تكن للاستثمار، وهو ما قد يتبعه عجز هذه الأسر عن سداد تلك القروض حال استمرار الأزمة، وما قد ينتج عنه من آثار اقتصادية واجتماعية كارثية خلال الفترة المقبلة مثل اتساع رقعة الفقر وزيادة معدلات الجريمة.
الخامسة: سيكون هناك تبعات سلبية وخيمة على صحة المصريين خلال الفترة المقبلة بسبب استبعاد أطعمة رئيسية من وجباتهم الغذائية مثل اللحوم والدواجن والأسماك، إلى جانب تقليل عدد الوجبات.
ودعا حسونة إلى ضرورة زيادة معاشات الفقراء ودعم وتقوية وتوسيع شبكات الحماية الاجتماعية مثل معاشات تكافل وكرامة ومعاشات الضمان الاجتماعي، إلى جانب فتح المجال أمام العمل الأهلي والتكافلي في مصر لمساندة الفقراء وسد جزء من احتياجاتهم.
كما دعا الحكومة المصرية إلى ضرورة تغيير سياساتها الاقتصادية الحالية التي تعتمد على القروض وإهدار الأموال على مشاريع ضخمة مردودها الاقتصادي ضعيف، والتركيز خلال الفترة المقبلة على الإنتاج ودعم الصناعات التحويلية التي تعتمد على العمالة الكثيفة لدعم الاقتصاد المصري وتخفيف الأعباء عن كاهل المصريين.