هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
عانى المعتقلون المصريون وعائلاتهم الأمرّين خلال عام 2020، بسبب جائحة فيروس كورونا من ناحية، وإجراءات الحكومة المصرية التي فرضت عليهم من جهة أخرى، بدعوى منع انتشار الوباء في السجون، وحمايتهم من العدوى.
وضاعف انتشار الفيروس، في ظل
تعنت السلطات المصرية في الإفراج عن بعض المحبوسين احتياطيا إسوة بكثير من الدول لتخفيف
التكدس، من معاناة آلاف الأسر مع الخوف والقلق على ذويهم، خاصة مع بدء تسلل الفيروس
لبعض السجون.
وتقول منظمة العفو الدولية إن
"السلطات المصرية تحتجز آلاف الأشخاص رهن الحبس الاحتياطي المطول، بما يزيد على مدة عامين التي يقرها القانون المصري".
واشتكى أهالي وذوي محبوسين احتياطيا
على ذمة قضايا سياسية، وآخرون حاصلون على أحكام نهائية في تصريحات لـ"عربي21"
من حرمانهم من زيارة ذويهم، وعدم وجود أي وسيلة للتواصل معهم، وانقطاع أخبارهم بالشهور،
وعدم تمكينهم من توصيل بعض الأغراض الضرورية لهم.
ومن بين الإجراءات الصارمة التي فرضتها الحكومة المصرية، وفق هيومن رايتس ووتش، فرض تعتيم شامل على المعلومات في مراكز الاحتجاز، ومنع جميع الزيارات إلى السجن، بما فيها زيارات المحامين، منذ 10 آذار/ مارس.
اقرأ أيضا: حملة للمطالبة بالإفراج عن كبار السن والمرضى بسجون مصر
وقالت المنظمة في تقرير لها، في تموز/ يوليو الماضي، إنّ سجونا وأقسام شرطة عديدة في مصر شهدت تفشيا محتملا لفيروس
"كورونا"، وسط تعتيم رسمي وصارم، وكانت الرعاية الطبية في السجون غير كافية،
مع غياب شبه كامل للفحص المخبري للفيروس والمسح الطبي للكشف عن الأعراض.
وأشارت حينها إلى أنّ 14 سجينا
ومحتجزا على الأقلّ لقوا حتفهم، على الأرجح بسبب مضاعفات ناجمة عن الإصابة بالفيروس
في عشرة مراكز احتجاز حتى 15 تموز/ يوليو 2020، ولا توجد إحصائية رسمية أو مستقلة بعدد
الإصابات أو الوفيات.
وتجاهلت السلطات المصرية كل الدعوات الحقوقية المحلية والدولية لإطلاق سراح آلاف المحبوسين، ووصفوا الأوضاع بأنها غير إنسانية في العديد من السجون المصرية؛ حيث دعت منظمة العفو الدولية في نيسان/ أبريل الماضي إلى خفض عدد السجناء، كما طالبت بحماية السجناء الأكثر عرضة للخطر.
تجارب مريرة بالسجون
الأكاديمية المصرية، وأستاذة
الرياضيات بجامعة القاهرة، ليلى سويف، لا تنتهي تجارب أسرتها مع السجون منذ عام
2013، حيث يقبع نجلها علاء وابنتها سناء في الحبس الاحتياطي حاليا، وطوال تلك السنوات
ترددا على مراكز الشرطة والسجون، في حين تكافح خلفهم في النيابات والمحاكم والسجون.
وقالت في تصريحات لـ"عربي21":
إن "هذه السنة كانت صعبة على غير العادة، كلها صعبة، ولكن المعاناة فيها أشد بسبب
التضييق الشديد الذي تم فرضه علينا، وكان رد الحكومة على انتشار فيروس كورونا بمنع
الزيارات والتواصل بدلا من وضع بدائل للتواصل، ومنعهم من النزول للمحاكمات، ولما فتحوا
الزيارات كانت ضيقة ومحدودة".
ولفتت إلى أن "هناك محبوسين
غير مسموح لهم بالزيارة أصلا، ومع بداية الأزمة لم يسمحوا بتوصيل أي متعلقات خاصة لهم
داخل السجن، ثم بدأوا في السماح بدخول أشياء بسيطة، أو كما نقول عليها "طبلية"،
وهي أقل بكثير من المعتاد".
اقرأ أيضا: الأمن المصري يعتقل 5 من أقرباء الفنان المعارض هشام عبدالله
حجة كورونا غير مقبولة، وفق
الدكتور ليلى؛ لأن "الإجراء الاحترازي الأساسي بالنسبة للسجون هو تخفيف التكدس، والإفراج عن المحبوسين احتياطيا، للسماح بوجود تباعد اجتماعي حقيقي، وليس التضييق ومنع
الزيارات".
وتساءلت: "أين الإجراءات
الاحترازية أثناء النقل للمحاكم في عربات مغلقة، أو التواجد في "الحبسخانات"
أثناء نظر القاضي الحبس الاحتياطي، وتكدس المحبوسين من سجون وأماكن مختلفة، وهو يضاعف
من فرصة إصابتهم بفيروس كورونا".
تكدس السجون
زوجة أحد الصحفيين المحبوسين
احتياطيا على ذمة إحدى القضايا، أكدت بدورها أن "كورونا ضاعف من معاناة أهالي
المعتقلين، ورغم صعوبة القرارات التي اتخذتها إدارة السجون للحد من تداعيات فيروس كورونا
التي حالت دون رؤيتهم أو الاطمئنان عليهم، لكنها كانت ضرورية".
وأضافت الزوجة، التي تحفظت على
ذكر اسمها، "خاصة أن الإمكانيات الصحية داخل السجون متواضعة، والتكدس هناك كبير
للغاية، والذي زاد بعد أحداث 20 سبتمبر الماضي، وإلقاء القبض على كثيرين"، مشيرة
إلى أن "التشديد في الإجراءات يختلف من مكان لآخر، لكن في النهاية فإن سلب الحرية
أمر قاس".
وأوضحت أنه "بعد مع فتح
الزيارة فرضت إدارة السجون إجراءات وقائية، مثل اقتصارها على شخص واحد من أسرة المعتقل،
واقتصارها على زيارة واحدة كل شهر، وفرض مسافات عند الزيارة من أجل التباعد الاجتماعي،
ومنع دخول بعض الاحتياجات ولكن المنع نسبي".
واختتمت حديثها بالقول:
"كان من باب أولى على الحكومة إذا كانت تريد اتخاذ تدابير وقائية لتخفيف التكدس
وتخفيف الكثافة، هو الإفراج عن المحبوسين الذين تجاوزوا مدة الحبس الاحتياطي، والمحبوسين
احتياطيا؛ لأن السجون مكتظة، ومهما كانت التدابير فإن إصابة فرد يعني إصابة كل من في
الزنزانة".