هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تحركات مصرية أردنية
حثيثة في الملف الفلسطيني، تأتي في ظل بروز الدور الإماراتي والتقارب غير المسبوق
بين أبوظبي وتل أبيب إثر التطبيع بينهما، ما اعتبره محللون تنافسا على الأدوار بين
مصر والأردن الحلف القديم للكيان الإسرائيلي، وبين الحليف الجديد له والمتمثل في
الإمارات.
آخر تلك التحركات
المصرية الأردنية المشتركة هي لقاء رئيسي مخابرات الأردن ومصر، أحمد حسني، وعباس
كامل، برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، في رام الله بالضفة الغربية الأحد،
للتباحث بشأن مرسوم عباس حول تحديد الانتخابات الفلسطينية.
ونقلت مواقع فلسطينية
عن مسؤول فلسطيني رفيع تأكيده أن القاهرة وجهت الأحد دعوة للفلسطينيين للحوار حول
آليات الانتخابات الفلسطينية المقبلة، وهي الخطوة المرتقبة، والتي تثمنها الأطراف
الفلسطينية، ورعتها القاهرة في وقت سابق الأشهر الماضية.
وفي ملف فلسطيني آخر، استضافت القاهرة الاثنين الماضي، 11 كانون الثاني/ يناير 2021، اللجنة الرباعية
الدولية المكونة من مصر والأردن وفرنسا وألمانيا، لبحث عملية السلام الفلسطينية
الإسرائيلية، فيما أكد السيسي بمؤتمر صحفي أن تسوية القضية الفلسطينية ستغير
المنطقة إلى الأفضل.
وعلى الجانب الآخر،
تسود حالة من التوتر علاقة الإمارات بحليفها السيسي، مؤخرا ولأول مرة منذ الانقلاب
العسكري منتصف 2013، وهو ما رصده تقرير في موقع "هآرتس"، وترجمته
"عربي21".
وذلك في الوقت الذي تتوالى فيه اتفاقيات اقتصادية قد
تقلق القاهرة بين تل أبيب وأبوظبي، وتأكيد مسؤولين إماراتيين أن حجم التبادل
التجاري مع إسرائيل قد يصل إلى 6.5 مليار دولار، والإمارات ستصبح أهم شريك تجاري
لإسرائيل.
وعلى الرغم من أن هناك
توافقا عربيا بأن الملف الفلسطيني لدى القاهرة، إلا أنه بدت علامات غضب إماراتية
من تحرك أحادي للسيسي بالملف الفلسطيني الإسرائيلي، إثر اجتماع "الرباعية
الدولية" بالقاهرة، حيث هاجمت "صحيفة العرب" اللندنية، الممولة من
الإمارات، التحرك المصري الأردني.
وكتبت يوم 12 يناير/ كانون
الثاني 2021، تحت عنوان "عودة المفاوضات مع إسرائيل خدمة للداعين إليها أم
للفلسطينيين"، مؤكدة أن اجتماع القاهرة الرباعي مجرد "عناوين تقليدية،
وبدت قريبة من أهداف من حضروها، قبل أن تحمل معها طموحات الشعب الفلسطيني".
ورغم ذلك، إلا أن
الفتور المصري الإماراتي يقابله تقارب بين أبوظبي وعمان، فيما قام ملك الأردن، عبدالله بن الحسين، بزيارة السبت للإمارات.
"فقدت أوراقها"
وفي رؤيته، قال رئيس
لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان المصري سابقا، رضا فهمي، إن "مصر حتى حرب
الخليج الأولى كانت لاعبا مؤثرا بشؤون الإقليم، وكانت الوكيل الحصري منذ قيام
الكيان الصهيوني وحتى الانقلاب العسكري في 2013، للملف الفلسطيني".
السياسي المصري، في
حديثه لـ"عربي21"، أكد أن "الدول العربية كانت تسلم بهذه المسألة،
وأروقة الحكم بالخليج وغيرها رفضت محاولات بعض الوسطاء والأطراف الدفع ببلد آخر
للعب دور ولو جزئي كانوا يمتنعون عنه؛ خشية إغضاب مصر".
وأضاف: "ولكن بعد
تبدل الحال بقدوم نظام يفتقد الشرعية، شعر الخليج بحاجة السيسي له، وأصبحت بالتالي
مسألة تجاوزه بملفات المنطقة، وبينها الفلسطيني، مسألة مشروعة ومقبولة، ولم يعد لديهم
حساسية الماضي وخشية رد فعل مصر".
فهمي، جزم بأن
"الأوراق والملفات التي قد تعزز مكانة مصر بالإقليم الآن شبه معدومة، حتى
الملف الفلسطيني دخلت عليه أطراف كثر، ولم يعد ملفا خالصا لمصر"، مشيرا إلى أنه
"وحتى الرباعية الدولية التي تستضيفها القاهرة لا تمثل أهمية، لأن الرباعية
السابقة كانت مشكلة بقرار من الأمم المتحدة، وكان لديها شرعية المنظومة الدولية".
ويعتقد السياسي
المصري أن "الدخول الإماراتي ليس حديثا، وظهر عبر الرباعية العربية التي كانت
طرفا فيها بين يوم وليلة، بعد صفقة سلاح ضبطتها حماس قادمة من الإمارات باتجاه
القيادي في فتح محمد دحلان، لدعم فتح بمواجهة حماس عام 2007، وزعمت أبوظبي أنها
شحنة طبية".
وألمح فهمي إلى أن
"الإمارات دخلت ملف فلسطين بإيعاز أمريكي وفق نظرية كانت سائدة تقول إن
الأطراف الإقليمية قليلة الوزن خفيفة الحركة يمكنها لعب دور مؤثر على حساب
الكيانات كبيرة الوزن بطيئة الحركة والدول المركزية مثل مصر والسعودية".
ولفت إلى أن "مصر
غاضبة من دخول الإمارات موجة التطبيع من دون تنسيق؛ كونها عرابة المنطقة، والمفروض أن
تكون هي مهندس العملية، كما أن تجاوز الأطراف لها يضعف دورها، ويجعلها غير شريك
بالطبخة، وبالتالي فرص حصولها على أي مكاسب ومساعدات أمريكية تتضاءل، ما يبرر غضب مصر".
ويعتقد أن "الشيء ذاته ينطبق على الأردن، المسؤول لسنوات عن إعمار المسجد الأقصى وحماية الحقوق
التاريخية للمسلمين بالقدس، وبالتالي اتفقت المصلحة المصرية والأردنية بملف
فلسطين، وأنه يحقق لهما مصلحة مشتركة، فذهبا يبحثان عن دور".
وأشار إلى أنه
"رغم غضب الأردن من الدول المطبعة بعيدا عنها وعن مصر؛ لكن أبوظبي حريصة، وأنهت تلك الحالة مع عمان، لكن الوضع مختلف للقاهرة؛ لأن مساحات التباين شملت ملفات
عديدة، والهوة تتسع، والعلاقة مع أبوظبي مرشحة لمزيد من التنافر والتباعد وعدم
التلاقي على غير ما كانت عليه".
وفي نهاية حديثه، توقع
فهمي "تطور الأمور لمدى لا أحد يعرفه مع قدوم إدارة جو بايدن الأمريكية،
واستحقاقات جديدة بالمنطقة من شأنها خلخلة التحالفات القائمة، وخلق تحالفات جديدة، وفق مصالح كل دولة".
"تحركات في السياق"
من جانبه، يعتقد الباحث
في الشؤون الإسرائيلية، صلاح الدين العواودة، أن "الحركات الأخيرة لرجال
المخابرات تأتي بهدف معرفة توجهات الرئيس الفلسطيني محمود عباس بشأن الوضع
الفلسطيني والمصالحة، ودخول حماس لمنظمة التحرير".
الباحث بمركز
"رؤية للتنمية السياسية" في إسطنبول، أضاف لـ"عربي21"، أنه
"من المعروف أن لدى الطرفين اهتماما خاصا بالوضع الفلسطيني بحكم التاريخ
والجغرافيا أكثر من غيرهما، ووجهات نظر وتخوفات بشأن إشراك حماس، وإن كانت الرؤية
غير متطابقة تماما، وحجم التخوفات كذلك".
وفي توصيفه للوضع، أكد
أن "النظام الأردني لا يريد أن يرى حماس بأي شكل في النظام السياسي الفلسطيني، لا تشريعي ولا غيره، بينما النظام المصري يريد حماس في التشريعي وتحت السيطرة، ويرى
أنه لا يستطيع تجاهلها؛ نظرا لحكم الأمر الواقع في غزة".
ومع ذلك، أشار العواودة
إلى وجود "تخوفات من نتائج الانتخابات، لا سيما بشأن المشاركة في منظمة
التحرير"، مضيفا أنه "وفي ظل احتضان القاهرة للحوار الفلسطيني، وفي ظل
إدارة ديمقراطية جديدة، وبعد لقاء الرباعية الأخير في القاهرة، تأتي هذه الزيارة في
السياق الطبيعي".
ويرى أن "هذا
الحراك بحد ذاته يشير إلى أن الاتفاق الإبراهيمي في الحقيقة لم يستطع تحويل
الإمارات إلى لاعب مهم بالملف الفلسطيني، ولم تحل محل مصر والأردن، بل ربما تسبب
التهور الإماراتي في مسألة التطبيع بإشعال إنارة تحذير لدى مصر تحديدا من أن دورها
يتم ابتلاعه".
وتابع: "وكون مصر
والأردن الأكثر تأثرا والأقرب لأي تطورات على الساحة الفلسطينية، سواء داخليا أو
خارجيا، تأتي تحركاتهم طبيعية وفي السياق، سيما أن الساحة الفلسطينية ساخنة بعد
مرسوم الانتخابات، وعلى خلفية مجيء بايدن للسلطة".