هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أشهر ثلاث ثورات في الميزان
أتيت (فيما سبق) على ذكر ثلاث ثورات، كلها "مذمومة" بمعيار المآلات، وليس بمعيار الدوافع والأسباب؛ فدوافع هذه الثورات وأسبابها كانت منطقية ومبررة، أما نتائجها ومآلاتها فتجعلنا نحكم عليها (دون تردد) بأنها ثورات "مذمومة"، يجب الاتعاظ بها، في سعينا نحو "الثورة التي نريد".
فالثورة الفرنسية (أيار/ مايو 1789) ثورة مذمومة؛ لأنها أسرفت في إزهاق الأرواح، حتى ساق قادتها بعضهم بعضا إلى المقصلة؛ لمجرد الاختلاف في الرأي، وتمت "فبركة" اتهامات، لا عقوبة لها سوى الإعدام، عن سابق قصد وتصميم.. ولأن هذا التناحر الدامي، انتهى (بعد بضع سنين، شديدة الكآبة) باستيلاء العسكر على السلطة، وأعني نابليون بونابرت، الضابط الكورسيكي الذي قاد انقلابا على نظام الثورة "المضطرب"، بالتآمر مع "سيايس" أشهر مشرِّعِي فرنسا الدستوريين وقتذاك! ونصّب نفسه قنصلا أولا لفرنسا، ثم إمبراطورا، ثم عادت مَلكية "آل بوربون" التي أسقطتها الثورة، ثم كانت ثورة سنة 1848م، التي أسست نظاما جمهوريا، بعد مرور نحو 60 سنة على الثورة الأم، وهي ثورة مذمومة؛ لأنها (سياسيا وأخلاقيا) لم تتورع عن احتلال واستعباد شعوب أخرى، حرمتها من أبسط حقوقها التي قامت لانتزاعها، من براثن المَلكية المطلقة!
وأما الثورة الشيوعية، على حكم القياصرة، في روسيا عام 1917م، فهي نموذج آخر للثورة المذمومة، إذ سلبت حرية الإنسان، وسحقت آدميته، وتحول الشعب (في ظل قيادة الحزب الشيوعي السوفييتي) إلى قطعان من الدواب، وتروس في آلات، لا تتوقف عن العمل؛ لتوفير أسباب الرفاهية لشرذمة من الدببة السِّمَان، أطلقوا على أنفسهم اسم "اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفييتي"!.. وهي ثورة مذمومة؛ لأنها حاربت الدين (أي دين) بلا هوادة، وفرضت الإلحاد، وطمست هوية الشعب الروسي، ولم تحقق الرفاه التي وعدت بها طبقة "البروليتاريا"، ولم تمكنها من السلطة، وقد كانتا الركيزتين الأساسيتين في الفكرة الشيوعية، كما كانتا المحفز الأساس للعمال والفلاحين على الثورة ضد آل رومانوف!
وأما الثورة الإيرانية، فهي ثالث الثورات المذمومة! اشتعلت في عام 1979م، ضد نظام علماني فاشي، ارتمى علنا (وبكل فخر) في الحضن الصهيوأمريكي، إلا أنها كانت ثورة "طائفية" محضة، استندت إلى ما أعتبره "خرافة" لدى الطائفة الشيعية، اسمها "الإمام الغائب" الذي اختفى قبل ما يربو على ألف عام، وينتظرون عودته! وأسست نظام "الولي الفقيه" الذي يترأسه "المرشد الأعلى للثورة"، وهو شخص "معصوم" (في عقيدتهم) عصمة الأنبياء والرسل! ينوب عن "الإمام الغائب" حتى يعود، فيتسلم "الولاية" منه! وقد اضطهدت هذه الثورة مواطني إيران "السنَّة" على وجه الخصوص، وحرمتهم من أبسط حقوق المواطنة! وزادت فتوغلت في محيطها العربي، في كل من العراق وسوريا ولبنان واليمن، بصور مختلفة، عسكريا وسياسيا!
لم أستخدم لفظ "الديمقراطية" مطلقا، خلال حديثي عن الانتخابات! ليس لأني "كافر" بها، ولكن لأن ما نسميه اليوم "ديمقراطية" يسميه المفكر الفرنسي جان جاك روسو "أرستقراطية" أي "حكم النخبة"، وليس "حكم الشعب"
الثورة المحمودة: هي انتفاضة شعبية عارمة، ضد نظام شمولي مستبد فاسد، تحركها قيادة راشدة كفؤة متجانسة، تنجح في إقامة نظام جديد، يكون الحكم فيه لله، وتكون السيادة فيه للشعب