تقارير

70 أسيرا فلسطينيا أعدموا في مجزرة "عين الزيتون"

مجزرة عين الزيتون من المجازر البشعة والدموية التي لا يعرف عنها الكثيرون حتى من أبناء الشعب الفلسطيني- (أرشيف)
مجزرة عين الزيتون من المجازر البشعة والدموية التي لا يعرف عنها الكثيرون حتى من أبناء الشعب الفلسطيني- (أرشيف)

 

تعتبر مجزرة قرية عين الزيتون عام 1948 التي قتل فيها نحو 70 أسيرا فلسطينيا من قبل عصابات "البلماح" من المجازر البشعة والدموية التي لا يعرف عنها الكثيرون حتى من أبناء الشعب الفلسطيني. وكان من نتائجها على الأرض أن سقطت مدينة صفد بأيدي العصابات الصهيونية. 

وتعد القرية ضاحية لمدينة صفد لقربها منها، وتبعد عن المدينة كيلومترا واحدا فقط، وكان يبلغ عدد سكانها عام 1945 نحو 800 نسمة ونشأت في أحد الأودية المنحدرة من جبال الجليل الأعلى.

وبلغت مساحة القرية 35 دونما وكانت تضم 137 بيتا. وقد امتدت عمرانيا قبل تدمير الصهاينة لها وزاد حجمها لأهمية موقعها، ولجودة أراضيها الزراعية، وتنوع مناخها ولروعة جمالها. 

في الأول من أيار/ مايو عام 1948، هاجم التنظيم الإرهابي الصهيوني "بلماح" بقيادة موشيه كيلمان قرية عين الزيتون. وكان الهدف من الهجوم السيطرة الكاملة على القرية تمهيدا لاحتلال صفد. 

 

                   القرية بعد دخول العصابات الصهيونية 

بدأت عناصر "البلماح" بقصف القرية الساعة الثالثة صباحا باستخدام إحدى قذائف الهاون من نوع "دافيدكا" وكذلك بقذائف هاون تقليدية. وكانت "الدافيدكا" تطلق قذائف هاون محلية الصنع، ورغم ضخامتها إلا أنها لم تكن مجدية بسبب عدم دقتها، ولكنها كانت تتسبب في ضوضاء وفوضى كبيرة عندما تطير وتنفجر. وعلى الرغم من أنها بالكاد تسببت في إحداث خسائر، فإن السلاح كان فعالا جدا في تثبيط معنويات المدافعين العرب الذين قيل إن بعضهم اعتقد أن الانفجارات كانت كأنها "قنابل ذرية".

كان عدد المقاتلين في القرية ما بين 50 إلى 70 شابا مسلحا، وكان مجموع أسلحتهم لا يتعدى رشاشا أو اثنين وما بين 40 إلى 50 بندقية لكل منها 25 إلى 35 طلقة.

بمجرد دخول القوات الصهيونية القرية تمكن معظم الشبان من مغادرة القرية لكن غالبيتهم وقعوا في أسر القوات الغازية. وقام جنود "البلماح" بتدمير القرية وأحرقوا منازلها. ونقل عن أحد ضباط كتيبة بلماح، إيلاد بيليد، قوله: "رجالنا بدأوا بنسف بيوت القرية. نشوة النصر أعمتهم وأثارت هياجهم، فدمروا الممتلكات وكانوا يسحقون وينسفون وكانوا فرحين ويرون ذلك انتقام لما قام به العرب ضد يهود صفد وعين زيتيم".

 


                              الجامع القديم في عين الزيتون 

وبحسب أحد التقارير التي كشفت عنها الصحافة الإسرائيلية ومن بينها "هآرتس" فإن "30 سجينا عربيا نقلوا إلى لواء غولاني". وبعد يوم أو يومين، قام جنديان من قوات "البلماح"، بناء على أوامر قائد الكتيبة الثالثة أوشيه موشيه كيلمان، بقتل عشرات السجناء في واد بين القرية وصفد، "وربما كان شبان قرية عين الزيتون من بين هؤلاء السجناء". وتقول منظمة "الهاغاناه" الصهيونية إن "إجمالي قتلى قرية عين الزيتون بلغ سبعين شخصا".

ووفقا لشهادات مقاتلين في المنظمات الصهيونية، فقد قيدت أيدي وأرجل الأسرى ثم ألقوهم في واد عميق في عين الزيتون وتركوهم لمدة يومين. ثم قرر كيلمان التخلص منهم تماما.
 
بعد يومين، تسربت أنباء المذبحة وبسبب مخاوف عن وصول المحققين البريطانيين أو التابعين للأمم المتحدة، قام بعض الجنود بجمع الجثث ودفنها. ووفقا لشهادة أهارون يائيلي، الذي كان جنديا آنذاك، وقد حصل عليها المؤرخ الإسرائيلي أوري ميلشتاين، فإن "اثنين من الإسرائيليين قدموا من صفد وأخذوا 23 رجلا من عين زيتون، وجردوهم من ساعاتهم وأموالهم، وأخذوهم إلى تل وأطلقوا النار عليهم. وقد تم طرد العرب الآخرين نحو جبل الجرمق".

واعتبر المؤرخ الإسرائيلي إيلان بابي، أن المجزرة التي ارتكبت في عين الزيتون هي "إحدى المجازر الثلاث الأكثر شهرة". وقد أدى تدمير قرية عين الزيتون وما تلاها من مجزرة إلى مخاوف لدى العرب في صفد وربما ساهم ذلك في تفريغ الكثير من القرى لاحقا.

وقد تمت عملية التدمير لترويع سكان صفد الذين كان في وسعهم أن يروا المشهد من التلال المجاورة، فقد أضعف مشهد تسويه القرية بالأرض معنويات السكان في المدينة وفي قرى الجليل الشرقي المجاور.

 

                             بقايا منزل من قرية عين الزيتون 

وفي كتاب له يقول هانس ليبريخت: "في نهاية أيار 1948، أمرتني الوحدة العسكرية التي كنت أخدم فيها ببناء محطة ضخ مؤقتة، وتحويل مجرى جدول القرية المهجورة، عين الزيتون، من أجل تزويد الكتيبة بالمياه. وكانت القرية مدمرة كليا، وكان هناك بين الأنقاض جثث كثيرة. وعلى وجه التخصيص وجدنا الكثير من جثث النساء والأطفال والأطفال الرضع بالقرب من الجامع الحالي، وأقنعت الجيش بإحراق الجثث".

وبعد أن دمرت القرية فقد تشتت من بقي حيا من سكانها العرب. وأقام اليهود مستعمرة "عين زيتوم" على بعد كيلومتر واحد من أنقاض عين الزيتون.

وتتبعثر أنقاض المنازل الحجرية في أرجاء الموقع الذي غلبت عليه أشجار الزيتون ونبات الصبار. وبقيت بضعة منازل مهجورة ولبعضها مداخل مقنطرة ونوافذ طويلة تعلوها أشكال مقنطرة متنوعة وفي أحد المنازل حجر أملس يعلو قنطرة المدخل. وقد بقيت البئر وعين الماء أيضا.

تعتبر مجزرة عين الزيتون الأكثر شهرة لأن قصتها شكلت الأساس للرواية الملحمية الوحيدة عن النكبة حتى الآن، وهي رواية "باب الشمس" للكاتب إلياس خوري. كما أن ثمة عرضا لما حدث في القرية في القصة القصيرة الإسرائيلية عن تلك الفترة، "بين العُقد"، للكاتبة نِتيفا بن-يهودا.
 
المراجع

ـ مصطفى مراد الدباغ، "بلادنا فلسطين"، 1974.
ـ إيلان بابي، "التطهير العرقي لفلسطين"، 2006.

ـ وليد الخالدي، "كي لا ننسى"، 1997. 
ـ مذبحة "عين الزيتون" القرية التي لا يذكرها أحد"، بوابة الهدف الاخبارية، 2016.
ـ سليمان أبو ارشيد، "ما زال "المخفي أعظم" في التاريخ الصهيوني الأسود"، 2018.
ـ المركز الفلسطيني للإعلام، 2007.


التعليقات (0)