بعد مرور عام كامل على تولي مصطفى
الكاظمي رئاسة
الحكومة
العراقية، برزت تساؤلات حول الإنجازات التي حققها ضمن برنامجه الحكومي الذي قدمه إلى
البرلمان، وتعهد بتحقيقه خلال سنة واحدة.
وفي 5 أيار/ مايو، منح البرلمان العراقي الثقة للكاظمي وحكومته، بعد استقالة سلفه عادل عبد المهدي؛ إثر احتجاجات تشرين الأول/ أكتوبر 2019، التي قتل
فيها نحو 800 شخص، بينهم 30 من ضباط وعناصر الشرطة، وأصيب نحو 22 ألفا.
"لا إنجازات"
وفي قراءة لأداء حكومة الكاظمي وما حققته خلال عام، قال الخبير
الإستراتيجي والسياسي العراقي مؤيد الجحيشي، لـ"عربي21"، إن "الكاظمي
لم يحقق أي إنجازات واقعية حقيقية، هناك وعود لم ينفذ أي شيء منها حتى اليوم".
وأضاف الجحيشي أن "أوضاع البلد تتدهور من سيئ إلى أسوأ،
فلم تكن المليشيات في عهد رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي تستعرض في الشوارع وتشن
هجمات على الشخصيات الدبلوماسية مثلما يحصل اليوم وسط بغداد".
وأوضح أن "أداء الكاظمي يفسر أنه لا يعلم كيف تحكم الدولة،
فهو رجل ضعيف أتت به قوى سياسية من أجل تمشية الوقت مثلما تريد، حتى يحين موعد الانتخابات،
وفرض عليهم، ووافقوا عليه، فهو أقرب إلى إيران من أمريكا".
ورأى الجحيشي أن "الكاظمي كان حلمه الوصول إلى رئاسة
الحكومة، كما كان سلفه يطمح إلى ذلك، حتى يسجل في مذكراته أنه أصبح رئيسا لوزراء العراق،
دون تحقيق إنجازات، فنحن لا نتكلم عن دولة ديمقراطية ومستقرة حتى يأتي أي شخص فقط يقود
المؤسسات التي تعمل بشكل اعتيادي".
وأوضح أن "منصب رئيس الوزراء في العراق لا يمكن أن يشغله
شخص لم يعمل في مؤسسات الدولة، لأن البلد يمر في مرحلة عصيبة، فالسلاح منفلت، والوضع
الاقتصادي متدهور، والخدمات متردية، والمحصلة كانت مزيدا من التدهور في جميع الملفات".
وبناء على ذلك، رأى الجحيشي أن "ضعف الحكومة الحالية
سيؤثر بالضرورة على مرحلة الانتخابات المقبلة وما بعدها، فالكاظمي جيء به حتى تبقى
الأوضاع على حالها، ولا يقدم أي إنجاز في جميع الملفات".
"عام التبريرات"
من جهته، قال المحلل السياسي العراقي رعد هاشم إنه
"لم نشهد خلال عام كامل أي تحسن في الأداء الأمني والوضع الاقتصادي ولا الخدمات،
ولعل الكثير من المتابعين وعموم القطاعات الجماهيرية تؤكد أن الوضع لم يشهد أي تحسن،
بل ازداد سوءا في بعض المفاصل".
وأضاف لـ"عربي21" أن "الوعود التي أطلقها
الكاظمي لم يتحقق منها شيء على مستوى محاكمة قتلة المتظاهرين، وكشف الجهات التي تقف
وراء اغتيال الناشطين والشخصيات المعروفة مثل الخبير الأمني هشام الهاشمي، وكذلك الإفصاح
عن مطلقي قذائف الكاتيوشا على البعثات الدبلوماسية، بل وصل الأمر إلى التراجع في القبض
على بعض عناصر المليشيات".
وبرأي هاشم، فإن "هذا العام شهد بامتياز تحاشي الكاظمي
أي تماس مع الفصائل المسلحة؛ بدعوى أنه لا يريد إراقة دماء، مع العلم أن تصعيدهم يشي
بتأزم أمني خطير انعكس على الشارع بسبب الاستعراضات الاستفزازية، ولا نجد سوى تبريرات
حكومية، فقد كان عاما للتبريرات".
وأشار إلى أن "الوضع السياسي والأمني يسيطر عليه مكون
واحد في العراق، وبذلك جعل الحكومة تطمطم على ما يصدر من المليشيات من تجاوزات، فقد
كانت تسيء إلى الجهات الحكومية، وفي المقابل نجد قبولا حكوميا لتلك التجاوزات".
وتابع: "لم يتحقق من الكاظمي شيء سوى امتصاص مزيد من
الاستفزازات والتجاوزات والاعتداءات المليشياوية وعدم الرد عليها، وتهدئة الخواطر والتراضي؛ فقد كانت تجري وساطات بينه بين قادة الفصائل؛ لتهدئة الوضع، وتخفيف قصف البعثات والقواعد
العسكرية".
ولفت الخبير السياسي العراقي إلى أنه "في عهد الكاظمي
حصلت الكثير من الخروقات الخطيرة لتنظيم الدولة، رغم الحديث عن الانتصار على تنظيم الدولة
عام 2017".
"فشل البرنامج"
وعلى الصعيد الاقتصادي، رأى هاشم أن "الورقة البيضاء
التي طرحتها الحكومة لإصلاح الواقع الاقتصادي تضمنت رفع قيمة الدولار أمام الدينار
العراقي، الأمر أثر تأثيرا كبيرا على السكان".
أما بخصوص الملف السياسي والانفتاح على الخارج، فيضيف هاشم
أن "الكاظمي من خلال زياراته المكوكية للدول العربية وإيران حاول من خلالها لعب
دور سياسي مؤقت يريد أن ينجز تهدئة بين الأطراف المختلفة حتى تحسب له، رغم أن برنامجه
الحكومي لا يتضمن لعب دور الوساطة السياسية".
وأردف: "ما كان مطلوبا من الكاظمي أثناء تكليفه برئاسة
الحكومة، هو إتمام الانتخابات والقضاء على تنظيم الدولة وتحسين الوضع الاقتصادي، ولكن
هو لم يحقق 10 إلى 20 بالمئة مما طلب منه".
وزاد الخبير السياسي العراقي، قائلا: "حكومة الكاظمي
أخفقت في مواجهة أزمة تفشي فيروس كورنا، وكذلك لم تنه ملفات اللجان التي شكلتها في
العديد من القضايا، فضلا عن استمرار انفلات السلاح وتناسل المليشيات أكثر فأكثر".
وفي المقابل، نشر "معهد السلام الأمريكي"، الجمعة،
مقالا تحليليا أعده سرهنك حمه سعيد، مدير برامج الشرق الأوسط في المعهد، وإيلي أبو
عون، مدير برامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المركز الإقليمي للمعهد، أكد أنه رغم
وعد الكاظمي بتلبية العديد من مطالب المحتجين، إلا أنه لم يحقق الكثير من النتائج الملموسة،
"على الرغم من بذله جهودا جديرة بالثناء".
وأشار إلى أن مرتكبي الاغتيالات السياسية التي شهدها العراق
خلال السنة الأخيرة لا يزالون بلا عقاب، ما يفتح الباب لمزيد من عدم استتباب الأمن،
مشككا في إجراء الانتخابات بموعدها المقرر في 10 تشرين الأول/ أكتوبر المقبل بسبب استمرار
الأحزاب استخدام مجموعاتها المسلحة. وأكد أن الفساد في العراق لا يزال يعيق أجهزة إنفاذ
القانون، وما يسببه ذلك من عدم استقرار للبلاد.
لكن المقال رأى أن الكاظمي قام بتحسين سيطرة الحكومة على
المعابر الحدودية المتعددة في العراق، حيث تسببت هذه الخطوة في توفير 60 مليون دولار
أمريكي لخزينة الدولة، وحرمت جماعات مسلحة وعصابات إجرامية أخرى، كانت تسيطر على هذه
المعابر، من الوصول لملايين الدولارات.
ومن إنجازاته التي يراها "المعهد الأمريكي" قيامه
بتعيين قادة جدد في بعض أكثر المناصب الأمنية حساسية. وانخرط في التواصل المكثف مع
الدول العربية، وتحسين العلاقات مع دول مجلس التعاون الخليجي، وعمل على اتفاقيات ثنائية
ومتعددة الأطراف مع الأردن ومصر وغيرهما.