ملفات وتقارير

هل ينجح العراق بجمع الفرقاء ولعب دور الوسيط بالشرق الأوسط؟

تهدف القمة المقررة في بغداد نهاية الشهر إلى منح العراق دوراً بناء وجامعاً لمعالجة الأزمات التي تعصف بالمنطقة- الأناضول
تهدف القمة المقررة في بغداد نهاية الشهر إلى منح العراق دوراً بناء وجامعاً لمعالجة الأزمات التي تعصف بالمنطقة- الأناضول

يسعى العراق اليوم إلى الاضطلاع بدور الوسيط في الشرق الأوسط من خلال قمة إقليمية تهدف إلى "نزع فتيل" الأزمات في المنطقة.

ويطمح رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الذي وصل إلى السلطة في أيار/ مايو 2020 في أعقاب حراك احتجاجي مناهض للنظام في تشرين الأول/ أكتوبر 2019، إلى جعل العراق نداً لطهران والرياض وأنقرة وواشنطن.

وترى المحللة السياسية العراقية مارسين الشمري بأن القمة تشكّل رسالة مفادها أن عراق صدام حسين "الذي كان يثير الخوف والاحتقار" قد انتهى، وأن حقبة "الدولة الضعيفة التي يدوس عليها جيرانها" بعد الغزو الأمريكي في العام 2003، قد ولّت أيضاً، حسب تقرير لوكالة فرانس برس.

وتهدف القمة المقررة في بغداد نهاية الشهر إلى منح العراق "دوراً بناء وجامعاً لمعالجة الأزمات التي تعصف بالمنطقة"، على ما أكدت مصادر من محيط رئيس الوزراء.

لكن ذلك يشكل تحديا لهذا البلد الذي تمارس فيه إيران نفوذا كبيرا، وحيث تبدو السلطات عاجزة عن تلبية تطلعات الشعب على صعيد العمل والخدمات الأساسية والإفلات من العقاب وغيرها من المجالات.

وحتى الآن، تأكد فقط حضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اللاعب الوحيد غير الإقليمي المشارك في الحدث، إلى جانب نظيره المصري عبد الفتاح السيسي والملك الأردني عبد الله الثاني.

ودعي للمشاركة أيضا الرئيسان التركي رجب طيب أردوغان والإيراني إبراهيم رئيسي فضلا عن العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، لكنهم لم يؤكدوا حضورهم بعد بحسب مصدر عراقي. كما دعي أميرا الكويت وقطر إلى القمة.

"وسيط"


وفي حال حضر الخصمان الإيراني والسعودي معاً على طاولة واحدة في هذه القمة، سيشكل ذلك حدثاً بحدّ ذاته، وقد يعزز موقع بغداد "كوسيط"، على ما يشرح الباحث في مركز "شاتام هاوس" ريناد منصور.

وكانت بغداد أصلاً، خلال الأشهر الماضية، مسرحاً للقاءات مغلقة بين ممثلين عن الرياض وطهران. ويرى منصور أن هدف العراق الحالي هو التحول من موقعه كـ"مرسال" إلى "محرّك" للمحادثات بين إيران والسعودية اللتين قطعتا علاقاتهما في العام 2016.

وحتى الآن، لم يكشف المنظمون العراقيون عن المواضيع التي ستطرح خلال القمة.

ويرجح أن بغداد تنوي أيضاً طرح النفوذ الإيراني على أراضيها والذي بات بالنسبة لكثير من العراقيين، حضوراً سلبياً.

وأوضح مراقب غربي متابع للملف طلب عدم كشف هويته بأن "العراق يريد الإمساك بزمام الأمور في تحديد مساره، ولا يرغب بعد اليوم أن يخضع لتأثيرات التوترات الإقليمية".

كذلك يفترض أيضاً أن تطرح خلال القمة قضية سيادة العراق.

 

اقرأ أيضا: لماذا استبق الكاظمي قمة "جوار العراق" بزيارة خاطفة للكويت؟

الجارة إيران

هدفت التظاهرات المناهضة للنظام في العام 2019 إلى توجيه رسالة حازمة لإيران، التي بات نفوذها واضحاً أكثر فأكثر على الفصائل المسلحة الموالية لها والمنضوية في الحشد الشعبي الذي بات بدوره جزءاً من القوات العراقية الرسمية.

ومنذ بدء الاحتجاجات، تعرض أكثر من 70 ناشطاً للاغتيال أو محاولة الاغتيال فيما خطف عشرات الآخرين لفترات قصيرة.

لم يتبن أحد تلك العمليات لكن الناشطين المنادين للديموقراطية يعتبرون أن القتلة معروفون لدى قوات الأمن ولا يتم توقيفهم رغم وعود الحكومة لأنهم مرتبطون بطهران. ويعتقد بأن فصائل الحشد الشعبي المناهضة بشدة للوجود الأمريكي في العراق، تقف خلف عشرات الهجمات التي طالت المصالح الأمريكية في البلاد خلال الأشهر الماضية، على الرغم من أنها لم تتبنها قط.

وتطالب الفصائل بالانسحاب الكامل لـ2500 عسكري أمريكي متبقين في العراق، والذين يفترض أن يحصر دورهم في تدريب الجيش العراقي اعتباراً من العام 2022.

فساد وأزمة اجتماعية

وقد يطرح في القمة ملف حساس آخر هو العمليات العسكرية التي تخوضها تركيا في شمال العراق وفي كردستان العراق ضدّ متمردي حزب العمال الكردستاني المصنف "إرهابياً" من قبل أنقرة.

وتثير الضربات التركية المتكررة التي تودي أحياناً بحياة مدنيين على الأراضي العراقية استياء بغداد لكنها لم ترفع النبرة كثيراً في هذا الملف ضد جارتها تركيا التي هي أحد أبرز شركائها التجاريين.

وعلى الصعيد الداخلي تأتي القمة، قبل أقل من شهرين على الانتخابات التشريعية المبكرة التي تنظم فيما يعيش العراق أزمة اجتماعية واقتصادية وسط تفشي وباء كوفيد-19.

ويشير ريناد منصور إلى أن "العراقيين لا يشعرون بأن هذه الحكومة تمثلهم"، مضيفاً أن "الكثير من العراقيين يجدون أنفسهم ضحايا للفساد" المزمن المستشري في كل مفاصل المجتمع، فيما شهد العراق صيفا حارا وجافا تخللته انقطاعات للكهرباء وحرائق في مستشفيات أسقطت ضحايا.

وعلى الرغم من أن الكاظمي غير مرشح لمقعد برلماني، لكنه قد يسعى إلى العودة رئيساً للوزراء لولاية كاملة من خلال "ائتلاف حكومي جديد تتفق عبره كل الأحزاب على رئيس للوزراء"، على ما توضح مارسين الشمري، فيما عليه الموازنة في الوقت ذاته بين الاهتمام بالقضايا الداخلية الطارئة والقضايا الإقليمية، بدون تغليب الأخيرة على أزمات الداخل.


التعليقات (1)
احمد
الإثنين، 23-08-2021 05:13 م
ان كان العراق كما يسوقون يريد الامساك ( بزمام الامور ) عليه ان يحرر نفسه من الاحتلال الايراني للعراق اما المؤتمر فهو اجتماع مطلقات يندبن حظهن العاثر لانه لا يوجد اي طرف يستطيع ان يقرر شئ لا تريده امريكا ومن خلفها اسرائيل