هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قاد التصعيد المتواصل من جانب قوات النظام على حي "درعا البلد"، منذ نهاية تموز/ يوليو الماضي، إلى اتفاق برعاية روسية، وهو الاتفاق الذي حقق للنظام مكاسب جديدة، تضاف إلى المكاسب التي حققها في صيف 2018، عند توقيع اتفاق التسوية في الجنوب السوري.
ومن أبرز المكاسب التي حققها
النظام، وفق مصادر متطابقة، إنشاء حواجز من جانب قواته داخل "درعا البلد"
بالتشارك مع "اللواء الثامن" المدعوم روسيا، علما بأن اتفاق التسوية السابق،
يمنع تواجد النظام عسكريا في هذه المنطقة، والمناطق المشمولة بالاتفاق.
وإلى جانب ذلك، نص الاتفاق على
دخول الشرطة العسكرية الروسية، إلى الأحياء المحاصرة، وأن يتم تسليم السلاح من المقاتلين
الذين يرغبون بالبقاء، بعد إجراء تسوية جديدة، وإجلاء رافضي التسوية.
ثمرة للمفاوضات
وفي قراءته للاتفاق الأخير،
قال عضو "اللجنة الدستورية" المصغرة عن المعارضة، ورئيس "المجلس السوري
للتغيير" حسن حريري، إن الاتفاق الأخير جاء ثمرة لسلسلة من المفاوضات على مدار
شهرين، مع بداية الحصار والتضييق الذي بدأته قوات النظام ومليشيات مدعومة من إيران.
وأضاف حريري لـ"عربي21"،
أن المفاوضات شهدت حالات من الشد والجذب، حتى استقرت على الاتفاق الأخير، الذي تم الإعلان
عنه.
ووصف حريري بنود الاتفاق بـ"الجيدة"،
قائلا: "الاتفاق جيد من حيث الشكل، وغالبا سنشهد خلافات على تطبيق مضمونه".
اقرأ أيضا: بدء تنفيذ اتفاق درعا.. وإجلاء مقاتلي المعارضة لمناطق الشمال
ووفق رئيس "المجلس السوري
للتغيير"، فإنه من الصعب القول إن النظام فرض شروطه، حيث سبق وأن كشف عن نيته
اجتياح درعا، وحاول جاهدا تحقيق ذلك على مدار الـ70 يوماً الماضية، وفشل بتحقيق ذلك عسكرياً،
وهذا يعكس فشل النظام.
وعن مكاسب ثوار درعا من الاتفاق،
قال حريري، إن الثوار استطاعوا وقف جحافل قوات النظام والمليشيات الإيرانية والعراقية
واللبنانية في منطقة صغيرة محاصرة، بحيث لم تستطع كل هذه القوات مجتمعة كسر عزيمة الثوار.
فشل النظام
ومتفقا مع حريري، قال الكاتب
والمحلل السياسي، الدكتور باسل المعراوي، إن الاتفاق يعد نصراً لثوار درعا، بحيث استطاعوا
بالسلاح الخفيف وقف تقدم قوات النظام، التي بدت عاجزة بغياب الغطاء الجوي الروسي.
وفي حديثه لـ"عربي21"،
أضاف المعراوي، أن النظام افتعل التصعيد في درعا خدمة لثلاثة أهداف جوهرية، تشكل الحالة
الاقتصادية والمعيشية المتردية والعزلة الدبلوماسية الخانقة أولها، بحيث لا يستطيع
النظام أن يعلن أن الحرب انتهت، حتى يستطيع مواصلة تقديم الخطاب للموالين بأن الأوضاع
ستتحسن فور انتهاء الحرب، وبما أننا في حالة حرب فلا صوت يعلو فوق صوت المعركة".
وبما أن النظام لا يستطيع إحداث
أي تقدم في جبهات إدلب الصعبة، توجه لدرعا، معتقداً أنه كان يستطيع تحقيق الانتصار
السهل، لأن حي "درعا البلد" لا يضم إلا مجموعة من الشباب والسلاح الخفيف،
وقد راعى النظام طول المدة، لكن في النهاية فشل في تحقيق ذلك الانتصار، وفق المعراوي.
أما الهدف الثاني، حسب المعرواي، فيتصل بالتقارب الروسي الأمريكي، حيث أراد النظام تعطيل هذا التقارب الذي ظهرت ملامحه
باتفاق دولي على تمديد آلية إدخال المساعدات الأممية العابرة للحدود من معبر باب الهوى،
مختتما بقوله: "الاتفاق سجل نصرا معنوياً لثوار درعا".
وطبقاً لمعراوي، فإن الهدف الثالث
من وراء افتعال التصعيد، هو على صلة بإيران، التي تحاول تمرير رسائل للولايات المتحدة،
بعد تعثر المفاوضات النووية، وقال: "أرادت المليشيات الإيرانية الموجودة ضمن
"الفرقة الرابعة" تسجيل نقاط على إسرائيل والأردن والوصول إلى كامل الشريط
الحدودي".
في المقابل، قالت وكالة
"سانا" التابعة للنظام، إن الاتفاق ينص على "تسليم السلاح للجيش العربي
السوري تمهيدا لانتشار وحدات من الجيش وعودة مؤسسات الدولة إلى جميع المناطق في درعا".