هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثار التطور اللافت في العلاقات السياسية بين النظام
السوري والأردن، المتمثل بتلقي العاهل عبد الله الثاني اتصالا من بشار الأسد، هو الأول
من نوعه منذ سنوات، مخاوف المعارضة السورية من توسع التطبيع مع النظام السوري، ودخول
أطراف عربية جديدة على هذا الخط.
وتعبيرا عن مخاوف المعارضة، انتقد الائتلاف إعادة بعض
الدول علاقاتها مع النظام السوري، معتبرا أن التطبيع مع النظام يعني القبول والشراكة
بالجرائم بحق الشعب السوري.
وأضاف في بيان أنه "بعد عشر سنين من الحرب الوحشية
المستمرة من نظام الأسد على الشعب السوري، وقتل مليون مدني، واعتقال ربع مليون، وتهجير
نصف الشعب، لا يمكن أن يكون هذا الكم الهائل من الفظائع مسوغاً لتدوير نظام الإبادة
أو إعادة العلاقات معه"، معتبرا أنه "لا يمكن تسويغ إعادة العلاقات مع نظام
الأسد المجرم بأي دوافع اقتصادية، فالنظام جعل سوريا من أفقر الدول عالمياً، وهو غير
قادر على تأمين الخبز والوقود، فماذا يمكن أن تأمل منه أي دولة؟ أو ماذا يمكن أن يصدر
لها النظام سوى الأزمات والخيبات؟".
ويبدو أن مخاوف المعارضة تتجاوز الأردن، وعن ذلك يقول
الباحث في مركز "جسور للدراسات"، وائل علوان، إن انتقال التنسيق بين الأردن
والنظام السوري من المستوى الاقتصادي إلى المستوى السياسي، يأتي ضمن المباحثات بين
الأردن وروسيا، التي تضغط لإعادة تعويم النظام عربيا ودوليا.
ويضيف لـ"عربي21"، أن الأردن لا تمثل نفسها،
بل كل حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، وبالتالي فإن استمرار التطبيع وانضمام أطراف
عربية أخرى محكوم بالضمانات الروسية، وفي مقدمتها النفوذ الإيراني في الجنوب السوري.
ويعني ذلك، وفق علوان، أن الجدية الروسية هي التي تحدد
توسيع التطبيع مع النظام السوري في ضمان ما تريده دول المنطقة، أي تغيير سلوك النظام،
والحد من مخاوفها الناجمة عن تعاظم النفوذ الإيراني.
اقرأ أيضا: عاهل الأردن والأسد يجريان أول اتصال معلن منذ سنوات
ويتابع علوان بأن نجاح روسيا في تقديم الضمانات الحقيقية سيفتح الباب واسعا أمام التطبيع العربي مع النظام.
الكاتب والمحلل السياسي، حسن نيفي، قال لـ"عربي21"،
إن التوجه الأردني للتطبيع مع الأسد لم يكن وليد اللحظة، وإنما يعود لنهايات العام
2019، عندما فتحت الإمارات قنصليتها في دمشق، وكادت أن تقدم دول عربية عدة، من بينها الأردن، على الخطوة ذاتها، لكن الرفض الأمريكي
في حينها من قبل إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب منع ذلك.
وأضاف لـ"عربي21"، أنه مع قدوم إدارة جو بايدن
ذات المواقف اللينة مع النظام السوري وإيران، تشجع الأردن، وأعاد المحاولة مجدداً.
ورغم إعلان إدارة بايدن تمسكها بالثوابت الأمريكية
حيال الملف السوري، إلا أنها، بحسب نيفي، لا ترفض بشكل حازم إعادة العلاقات مع النظام
السوري، ولا تشجع كذلك، بمعنى آخر تعتمد الإدارة سياسة غض النظر عن خطوات التطبيع مع
النظام السوري.
وقال نيفي: "غالبا، ستكون خطوة الأردن فاتحة لخطوات
عربية أخرى، وفي مقدمتها مصر الدولة الأكثر تشجيعا للنظام السوري".
في هذا الوقت، أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري، من
موسكو، أنه ناقش مع وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، الوضع السوري، وكيفية تعزيز
الخروج من الأزمة السورية بالشكل الذي يتواكب مع مقررات الشرعية الدولية، وسط تسريبات
عن سعي مصري لإعادة النظام السوري إلى الجامعة العربية.