هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
ما زالت الأوساط الأمنية والعسكرية الإسرائيلية منشغلة بأنباء الهجوم على منشآت كيماوية سورية، ما أعاد الحديث مجددا عن حيازة النظام السوري لهذه الأسلحة، رغم التقارير الأممية التي تحدثت عن القضاء على نسبة كبيرة منها في سنوات سابقة، من خلال حملات المراقبة والتفتيش الدائمين، ما رفع أصواتا إسرائيلية تدعو إلى عدم الاعتماد على اللجان الدولية والتعهدات الأمريكية بتجريد النظام السوري من هذه الأسلحة، والاستعداد الدائم لتنفيذ هجمات جديدة.
وهدفت الهجمات الإسرائيلية، وقبلها الأمريكية، باتجاه المنشآت الكيماوية السورية قرب دمشق وحمص، لتعطيل محاولة سوريا إحياء صناعة الأسلحة الكيماوية، بما في ذلك إنتاج غاز الأعصاب القاتل، رغم أن توقيت النشر ليس في صالح الأسد ذاته، لأنه يتزامن مع تجديد علاقاته مع بعض الدول العربية في الأشهر الأخيرة بهدف إعادة سوريا للجامعة العربية، لكن هذا الكشف قد يعطل خططه، ويقوض ما تبقى من شرعيته.
كارميت فالنسيا خبيرة الشؤون السورية بمعهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب، ذكرت في مقال على القناة 12، ترجمته "عربي21" أن "النظام السوري اضطر لتفكيك ترسانته من الأسلحة الكيماوية في 2013، كجزء من اتفاقية بين روسيا والولايات المتحدة".
وأضافت أن "ما يتم ترديده في الآونة الأخيرة بشأن عودة النظام السوري لحيازة أسلحة كيماوية تمت مهاجمتها من الطائرات الإسرائيلية والأمريكية، يعني أن وجود مبادرة إقليمية، وربما دولية، لقبول الأسد، والاعتراف به، مقابل إبعاد الإيرانيين عن سوريا، هو خيال خطير، لأن تجديد ترسانته من الأسلحة الكيماوية تذكير بأنه يجب عدم الوثوق به، رغم تصريحات الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تموز 2014، بشأن استكمال إخلاء وتدمير 95٪ من الأسلحة الكيماوية في مخازن الجيش السوري".
اقرأ أيضا: مخاوف إسرائيلية من السلاح الكيميائي بسوريا وحرب طويلة مع إيران
وتعيد الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على ما قالت إنها منشآت كيماوية سورية إلى الأذهان ما تردد في السنوات الأخيرة من تقارير متكررة عن استخدام أسلحة كيماوية ضد مدنيين سوريين، فمنذ عام تم الإبلاغ عن مزيد من التطوير للإنتاج في سوريا، ورد الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب بهجومين في نيسان 2017 بهجوم على قاعدة الشعيرات الجوية السورية قرب حمص، والآخر بعد عام في 2018 على قواعد عسكرية ومعاهد بحثية ومنشآت تخزين أسلحة كيماوية في دمشق وحمص.
وتزعم المحافل الإسرائيلية أن النظام السوري يسعى لإنتاج أسلحة استراتيجية قد تنقلب على دولة الاحتلال، أو على الأقل تكون رادعًا لها، ما يعني أن هذه الأسلحة تشكل خطورة عليها لا تقل عن خطورة التمركز العسكري الإيراني في سوريا، وتؤكد أنه لا يمكن لإسرائيل الاعتماد على لاعبين آخرين في المنطقة للقيام بهذا العمل من أجلها، وربما يستدعي منها أن تكون يقظة، ومدعومة بقدرات استخباراتية وعسكرية استثنائية، كي تكون قادرة على العمل ضد عدد كبير من التهديدات التي تشكلها سوريا.
نير دفوري الخبير العسكري قال في مقال على موقع القناة 12، ترجمته "عربي21" إن "الهجمات الإسرائيلية على منشآت الأسلحة الكيماوية السورية تحمل رسالة إلى سوريا والعالم في وقت حرج، وهدفها جعل الإيرانيين مرنين في المفاوضات النووية التي تواجه صعوبات، وفي الوقت ذاته إعلان إسرائيل أنها ستعمل دائمًا من أجل إبادة السلاح الكيماوي في مهده".
وأضاف أن "نشر التقارير عن الهجمات على سوريا لم يأت صدفة، بل يتزامن مع بدء مفاوضات الاتفاق النووي مع إيران، ووصولها إلى طريق مسدود، ما يؤكد أن وراء هذه التقارير تقف محاولة للضغط على طهران، وجعلها أقل إصرارًا، وأكثر مرونة، وفي الوقت نفسه إرسال إشارة لسوريا والأمريكيين والإيرانيين بأن إسرائيل لن تقبل دخول أسلحة غير تقليدية للمنطقة، في ضوء الكشف أن الأسد استثمر موارد لتطوير أسلحة كيماوية عالية المستوى، وقد يستخدمها لتهديد إسرائيل على المدى الطويل".
تجدر الإشارة إلى أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين الولايات المتحدة والأسد وروسيا قبل سنوات أجبر الأسد على التخلي عن كل الأسلحة غير التقليدية التي بحوزته، من أسلحة كيماوية وغاز أعصاب من نوع السارين، ووصل مفتشو منظمة انتشار الأسلحة غير التقليدية في لاهاي إلى سوريا، وحددوا مكان الأسلحة بناءً على معلومات استخبارية، وجاءوا إلى المواقع والمستودعات، ولم يفكروا مرتين قبل إخراج كل شيء من هناك.