يكشف
قطع
روسيا الرواتب عن عناصر "
اللواء الثامن" التابع لـ"الفيلق الخامس"
المدعوم منها في
درعا، عن محاولة موسكو زيادة الضغط على اللواء، لكن من دون أن يصل
هذا الضغط إلى التخلي الكامل عنه وفق ما أكد محلل روسي لـ"عربي21".
وحسب
مصادر متطابقة، لم توزع روسيا الرواتب على عناصر اللواء منذ نهاية أيلول/ سبتمبر الماضي،
وذلك بعد نحو شهرين فقط من استئناف توزيعها.
وحول
خلفيات وأسباب قطع الرواتب، يؤكد الناطق باسم "تجمع أحرار حوران"، أيمن أبو
نقطة أن روسيا أبلغت قائد اللواء الثامن، أحمد العودة، بوقف المنح المالية المخصصة
للواء، وذلك بالتزامن مع إلحاق اللواء بشعبة المخابرات العسكرية التابعة للنظام في
محافظة السويداء.
ويشير
أبو نقطة في حديث لـ"عربي21"، إلى زيارة العودة لموسكو في تشرين الثاني/
نوفمبر الماضي، ويقول: "يبدو أن زيارة العودة كانت محاولة لدفع الروس إلى استئناف
توزيع الرواتب، لكن يبدو أن مهمة العودة لم تنجح".
وحسب
الناطق باسم التجمع، طلب الروس من العودة نقل معسكر التدريب المخصص لعناصر اللواء من
ريف اللاذقية إلى منطقة البادية السورية، وذلك بهدف قتال خلايا التنظيم، وهو ما رفضه
العودة، خشية انتقام النظام من عناصر اللواء، الذين ينتمي غالبيتهم إلى فصائل
"الجيش الحر" سابقا.
وعن
مقدار الرواتب التي توزعها روسيا على عناصر اللواء، أكد أبو نقطة أن روسيا كانت توزع
راتبا شهريا للعنصر مقداره 200 دولار أمريكي، لكن تم تخفيض الراتب إلى النصف (100 دولار)
عند استئناف توزيعه بعد قطعه على خلفية رفض اللواء للقتال في البادية، قبل أن تقطعه
مؤخراً في أيلول/ سبتمبر الماضي.
ولا
يمكن قراءة الضغط الروسي على اللواء الثامن، بمعزل عن مباشرة روسيا بتدريب التشكيلات
التابعة لـ"الفيلق الأول" في جيش النظام، كما يؤكد الباحث في مركز
"جسور للدراسات"، وائل علوان لـ"عربي21".
ويوضح
أن روسيا تبدو راغبة بإنهاء الحالة "المحلية" للواء، وصولاً إلى دمجه مع
قوات النظام، لأن موسكو حريصة على أن يكون النظام مسيطرا على الحالة الأمنية والعسكرية،
أو أن يظهر بذلك، على الأقل.
ويضيف
علوان، أن زيادة الضغط الروسي على اللواء، تأتي منسجمة مع مساع روسية نحو إعادة تأهيل
فرق وتشكيلات جيش النظام في الجنوب السوري، لافتا إلى أن "روسيا طرحت في وقت سابق
موضوع دمج اللواء بقوات النظام، غير أن معارك البادية والظروف غير المستقرة في الجنوب
السوري، وفي درعا على وجه التحديد، قد تكون قد أجلت تنفيذ ذلك".
والآن،
ترى روسيا أن زيادة الضغط على اللواء الثامن، قد يحقق رغبتها في تطويع الأخير تحت الإدارة
العسكرية الكاملة من قبل النظام السوري.
هل تخلت
روسيا عن اللواء الثامن؟
وتعليقاً
على ذلك، يشير المحلل السياسي الروسي أندريه أونتيكوف، في حديث لـ"عربي21"
من موسكو، إلى صعوبة تأكيد هذه الأنباء من مصادر رسمية روسية، واستدرك: "تخلي
روسيا عن دعم اللواء ليس واردا، لأن الأعمال الروسية (في الجنوب السوري) هناك مستمرة".
ويضيف
أونتيكوف أن الأنباء عن قطع روسيا الرواتب عن اللواء الثامن تكررت مؤخراً، "رغم
أن المعلومات لدي تؤكد عدم وجود أي تغيير جذري في الموقف الروسي لجهة اللواء ودرعا،
وهذا بلا شك يؤكد أن هناك ترتيبات تجري حول الرواتب".
وفي
صيف العام 2018، تمكنت روسيا بعد ضغط عسكري كبير من فرض اتفاق التسوية على فصائل الجيش
الحر في درعا، ومن ثم شكلت "اللواء الثامن" من عناصر الفصائل سابقا، وأوكلت
مهمة قيادته لأحمد العودة، القائد السابق لفصيل "شباب السنة".
ويبدو
أن الحسابات المتعلقة بإيران، تحول دون أن تقدم روسيا على إنهاء وجود "اللواء
الثامن" في درعا، بحيث يعطي غياب اللواء لإيران الفرصة بزيادة تغلغلها في الجنوب
السوري، وهو ما يتعارض مع التعهدات الروسية لدول إقليمية بالحد من انتشار المليشيات
الإيرانية على مقربة من الأردن والجولان السوري المحتل.
في غضون
ذلك، وثق "مكتب توثيق الشهداء في درعا" مقتل 309 من أبناء محافظة درعا خلال
العام 2021، سبعة منهم قُتلوا في أثناء وجودهم خارج محافظة درعا، بينما قُتل خمسة في
أثناء الاشتباكات التي جرت ضد قوات النظام في شمال غربي
سوريا.
وأكد
المكتب في تقريره السنوي، أن درعا سجلت خلال عام 2021، 508 عمليات ومحاولات اغتيال،
قُتل فيها 329 شخصاً وأُصيب 135 آخرون، بينما نجا 44 شخصاً من محاولات الاغتيال.
وجاء
في التقرير أن قوات النظام اعتقلت 359 شخصا خلال العام، أفرج من بينهم عن 144 معتقلا،
وتوفي اثنان منهم تحت التعذيب، مؤكداً أن الإحصائية هذه لا تشمل من اعتقلوا بهدف سَوقهم
للخدمة الإلزامية والاحتياطية في قوات النظام، والذين يقدر عددهم بالآلاف.