هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
حصلت "عربي21" على وثائق رسمية "سرية" من وزارة الداخلية المصرية، تكشف بالأسماء والتفاصيل فضيحة تورط رئيس مباحث سجن "النهضة المركزي" التابع لمديرية أمن القاهرة، أحد أكبر السجون المصرية، وقيادات أمنية كبرى داخل السجن، في الحصول على مبالغ مالية من سجين "أحد أباطرة تجار المخدرات" في مصر.
ولفتت إلى أن المقابل تحسين أوضاعه داخل السجن
وتوفير أمور ومتعلقات خاصة "ممنوعة" له داخل مقر السجن، وتوفير تسهيلات
له مكنته من الخروج من السجن من خلال تقرير طبي مزور له، والتسبب في هروبه.
ولم تتوقف الفضيحة عند هذا الحد، بل اشتركت
وزارة الداخلية في هذه المهزلة، من خلال عدم إحالة الضباط المتورطين في الواقعة
إلى النيابة العامة ثم المحاكمة الجنائية باعتبار أن ما اقترفوه يعد جرائم جنائية،
واكتفت الوزارة بإجراء تحقيقات "داخلية" فقط انتهت إلى إحالة ضباط إلى
الاحتياط ونقل آخرين لأماكن عمل أخرى.
الواقعة متورط فيها 4 ضباط كبار من قيادات سجن
النهضة المركزي، وهم "محمد حلمي محمد زيدان - مقدم شرطة ورئيس مباحث سجن النهضة
المركزي بقطاع أمن القاهرة، وشريف عادل علام - نقيب شرطة وضابط بوحدة مباحث سجن
النهضة المركزي، ومصطفى مدحت محمد أمين الجمال - رائد شرطة وضابط بوحدة مباحث سجن
النهضة المركزي، وعمرو حازم محمد خليفة - نقيب شرطة بإدارة الترحيلات بمديرية أمن
القاهرة ومسؤول الترحيلات من سجن النهضة المركزي".
بدأ انكشاف القضية عقب هروب أحد أباطرة تجار
المخدرات في مصر والمسجون في سجن النهضة المركزي، ويدعى "محمود محمد موسى
السيد" والمسجون في القضية رقم 5463 لسنة 2021 جنايات قسم شرطة التجمع الأول
"مخدرات"، وهي إحدى قضايا جلب وتجارة المخدرات الكبرى والتي تقدر حجم
تجارة الممنوعات فيها بمئات الملايين من الجنيهات.
قامت وزارة الداخلية بإجراء تحقيقاتها حول هروب
السجين وكثفت من إجراءاتها حتى تمكنت من القبض عليه في منطقة 6 أكتوبر، لتبدأ
تحقيقاتها التي كشفت تورط القيادات الأمنية الكبرى بسجن النهضة المركزي.
وبالتحقيق مع تاجر المخدرات، أقر أنه
قام بتحويل مبلغ 20 ألف جنيه من أحد أقاربه خارج السجن إلى الحساب الخاص بعريف
شرطة تمريض "مينا خالد رشدي" من قوة السجن نظير تحرير تقرير طبي يدعي
سوء حالته الصحية لنقله من السجن المتواجد فيه.
اقرأ أيضا: تسريبات "مستشاري السيسي" تثير جدلا بمواقع التواصل
وأضاف أنه عقب علم المقدم "محمد حلمي محمد
زيدان - رئيس مباحث سجن النهضة المركزي بقطاع أمن القاهرة آنذاك" بالواقعة
قام باستدعائه ووضعه في الحجز الانفرادي ثم أتى به وهدده بتلفيق قضية مخدرات
لزوجته، وأجبره على استرداد المبلغ المذكور من عريف الشرطة، وبالفعل استرد المبلغ
وأعطاه لرئيس مباحث السجن الذي قام بإيداع بونات له في مقصف السجن بمبلغ قدره 10 آلاف جنيه، بينما استولى على باقي المبلغ وقدره 10 آلاف جنيه أخرى.
وتابع، أنه بعد ذلك قام النقيب "شريف عادل
علام - ضابط مباحث السجن"، باستدعائه في مكتبه وعرض عليه تحسين وضعه المعيشي بالسجن
وتوفير جانب من الرفاهية له من خلال إدخال "ممنوعات للوائح السجون" داخل
مقر سجنه وذلك نظير مبلغ مالي قدره 200 ألف جنيه، فوافق وتواصل مع ذويه عبر الهاتف
المحمول الخاص بالسجن، وطلب منهم تجهيز المبلغ وهو ما حدث بالفعل.
وأضاف أنه عقب تجهيز المبلغ المتفق عليه تم
تسليمه إلى الضابط من خلال سائق تاجر المخدرات أمام سنتر "كارفور"
المعادي بالقاهرة، وذلك تنفيذا للاتفاق بين الضابط وتاجر المخدرات، كما تم الاتفاق
أيضا على إصدار تقرير طبي مزور له يدعي سوء حالته الصحية لنقله من السجن إلى أحد
المستشفيات حتى ينفذ مخطط هروبه من السجن.
وتابع، أنه خلال عرضه على المستشفى طلب من
الحراسة المعينة عليه "عيد عبد الحميد إسماعيل - أمين شرطة" فك القيد
الحديدي من يده مقابل مبلغ مالي قدره 600 جنيه، وطمأنه بأنه "موصى عليه"
من قبل قيادات السجن، فقام أمين الشرطة بالفعل بفك قيوده ثم نجح في الهرب من خلال
سيارة كانت في انتظاره أمام المستشفى.
وواصلت وزارة الداخلية تحقيقاتها واسترجعت
المكالمات الخاصة بالضباط والقيادات الأمنية واستجوبت القائمين على السجن من ضباط
وأفراد حرس، حتى انتهت معلومات الإدارة العامة لمباحث القاهرة إلى إدانة 4 قيادات
أمنية بالسجن - السابق ذكرهم - في الواقعة.
وأشارت إلى قيام النقيب "شريف عادل
علام" إبان عمله بوحدة مباحث سجن النهضة المركزي التابع لأمن القاهرة،
بالتحصل من المسجون (محمود محمد موسى السيد - المودع بالسجن على ذمة قضية مخدرات)
على مبلغ قدره 200 ألف جنيه نظير تحسين أوضاعه المعيشية بالسجن.
وأنه استلم المبلغ من "محمد فتحي حسن -
السائق الخاص بالمسجون"، وكان ذلك أمام سنتر كارفور المعادي، حيث تم رصد
مكالمات هاتفية تؤكد حدوث الواقعة.
كما أشارت المعلومات إلى قيام النقيب
"عمرو حازم محمد خليفة" باستلام مبلغ 10 آلاف جنيه من السجن لإيداعها
أمانات بالقسم للمسجون المذكور إبان تكليفه بمأمورية ترحيله إلى قسم التجمع الأول،
إلا أنه لم يقم بإيداع المبلغ بأمانات القسم واحتفظ به لنفسه، وعند اكتشاف الأمر
عرض إعادة المبلغ.
وتبين أيضا قيام الرائد "مصطفى مدحت محمد
أمين الجمال" بالحصول على مبلغ 10 آلاف جنيه من أمانات السجين المذكور
المودعة له دون تدوينها في الدفاتر.
كما تبين قيام المقدم "محمد حلمي محمد
زيدان - رئيس مباحث السجن" بالحصول على 10 آلاف جنيه من السجين دون أن يدونها
في الأمانات الخاصة به بدفاتر السجن، والتسبب نتيجة ذلك في النهاية إلى هروب
مسجون بعد التورط في واقعة تزوير تقرير طبي له.
الغريب أن وزارة الداخلية لم تحل الواقعة إلى
النيابة العامة ومن ثم إلى المحاكمة بل اكتفت بإحالة ضابطين إلى "الاحتياط"
وهما النقيبان "شريف عادل علام وعمر حازم خليفة"، وأحالت المقدم
"محمد حلمي زيدان" إلى مجلس تأديب انتهى إلى نقله إلى مقر آخر للخدمة
بالعاصمة الإدارية الجديدة، ومجازاة الرائد "مصطفى مدحت الجمال" بجزاء
إداري ونقله للعمل بمقر خدمة آخر.