قال نائب مستشار جمهورية ألمانيا الاتحادية، الوزير روبرت هابيك، يوم الأربعاء (7 حزيران/ يونيو)؛ إن ملف
شيرين أبو عاقلة أُغلِق مُبكرا، أو بسرعة". تلك وقفة جريئة من مسؤول أوروبي وقد يطاله منها ما يطاله، رغم أنها وقفة متأخرة خمسة وسبعين عاما، كان خلالها عدم فتح ملف أصلا لمن يقتلهم المحتل الصهيوني العنصري من
الفلسطينيين نهجا "إسرائيليا" مقبولا من الأمريكيين خاصة والأوروبيين عامة، وغير مُكْتَرث بنتائجه حتى عندما تكون الجرائم المرتكبة فظيعة وصادمة ومكشوفة.
ويشكل التَّطنيش
الإسرائيلي والتواطؤ الأمريكي- الأوروبي، تمهيدا ومدخلا لعدم المساءلة والاستثمار في الوقت لامتَصاص الحدث والنقمة ودفن الموضوع الجرمي مهما عظُم، ويستمر المجرم الصهيوني بارتكاب المزيد من الإجرام في ظل حماية تامة من الحساب والعقاب. وأصبح من المعتاد والمتعارف عليه أن كيان الإرهاب والعنصرية "إسرائيل" فوق القانون والعدالة والمساءلة، وما زال الأمر كذلك مهما ترتكب "إسرائيل" من جرائم بشعة ضد الشعب الفلسطيني، ومهما اعتدت على دول عربية وتآمرت عليها، ويعْلَن عدوانها وإجرام ساستها وجيشها وشرطتها ومستوطنيها،
أمريكيا وأوروبيا، على أنه حق: "من حق إسرائيل أن تدافع عن نفسها؟!". لكن ضد مَن؟! ضد شعب أعزل تحتل وطنه وتشرد أكثر من نصفه، وتضطهده، وتنفذ بحقه برنامج إبادة جماعية، "مادية ومعنوية، جسدية- روحية- إرادية"، بممارستها القتل، والتدمير، والسَّجن، والاعتقال الإداري، والإذلال، والتعذيب، والإرهاب المنظم: "إرهاب الدولة، وإرهاب الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية وقطعان المستوطنين الهمج المتوحشين".
وكل تلك السياسات والمواقف والممارسات التعسفية والوحشية مقبولة وموافق عليها، بل متفق عليها مع الأمريكيين ومع أوروبيين غربيين وشرقيين، ويضاف إلى ذلك سياسات وحمايات ومواقف داعمة على المستوى الدولي، واعتماد الخداع والتحايل، بدأً بـ"الغموض النووي، أو التعتيم النووي".. تلك الصيغة التي اعتُمدت في اتفاق أو تفاهم "إشكول- كومر"، وهو اتفاق إسرائيلي - أمريكي وقِّع في 10 آذار/ مارس 1965 للتغطية على امتلاك "إسرائيل" للسلاح النووي ومساعدتها على تطويره بأمان، مع التمويه والإنكار، رغم أن الأدلة مؤكدة وثابتة وصاعقة على امتلاكها المفاعلات النووية للأغراض العسكرية، وتصنيعها للسلاح النووي، من قبل تسريبات فَعنونو ومن بعد ذلك، وأن مخزونها من الرؤوس النووية يتراوح بين 200 و400 رأس نووي، وأنها سادس دولة في امتلاك وتطوير هذا السلاح وغيره من الأسلحة المحرَّمة دوليا. وقد بدأ التأسيس لذلك عمليا في عام 1952 حين عيَّن بن غوريون أرنست بيرغمان رئيسا للجنة الطاقة الذرية الإسرائيلية. وبوشر ببناء مفاعل ديمونا بمساعدة الفرنسيين في عام 1956 ودخل الإنتاج الفعلي في عام 1964. وهناك أكثر من سبعة مفاعلات نووية أخرى غير ديمونا، منها مفاعل ناحال سوريك، ومفاعل النبي روبين.
كل تلك السياسات والمواقف والممارسات التعسفية والوحشية مقبولة وموافق عليها، بل متفق عليها، مع الأمريكيين ومع أوروبيين غربيين وشرقيين، ويضاف إلى ذلك سياسات وحمايات ومواقف داعمة على المستوى الدولي، واعتماد الخداع والتحايل، بدأً بـ"الغموض النووي، أو التعتيم النووي"
إنه لمن المضحكات المبكيات، المخزيات لذوي الوجه والقناع من الساسة، في ظل نظام دولي متواطئ، أن تملك "إسرائيل النووية" قدرات بهذا الحجم ولا تُسأل، في ظل التعتيم/ التواطؤ، وأن تتبع أسلوبا هجوميا افترائيا بامتياز، فتعتدي على دول، وتدمر منشآتها الأولية لطاقة نووية للأغراض السلمية، ويكون فعلها ذاك مقبولا، بل مباركا ومدعوما ومُشَجَّعا من دول متواطئة معها، ومسكوتا عليه دوليا. وقد سبق أن دمرت مفاعل تموز العراقي، وبناء في طور الإنشاء لمفاعل سوري، وكانت خلف التسميم الإعلامي والذرائع الكاذبة التي أدت إلى حرب تدمير العراق عام 2003 بذريعة امتلاك سلاح نووي وأسلحة محرمة دولية، الأمر الذي ثبت كذبه ونجا مسببوه وفاعلوه من المساءلة والعقاب.
وإنه لمن فضائح السياسة وفظائع نظام القطب الواحد القائم اليوم أن تكون "إسرائيل النووية" التي رفضت وترفض الانضمام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، مرجعا يُبنى على قرارها ورأيها موقف مؤسسات دولية، وهي مركز الافتراء العالمي، وأن تطالب بمعاقبة أعضاء في الوكالة بذريعة سعيهم لامتلاك سلاح نووي! لكن أسلوبها ذاك واجتراءها يقبل منها، وأصبح عدوانها حقا من حقوقها، في ظل حامي الحمى الأمريكي.
إن تلك السياسات والممارسات والأساليب الصهيو- أمريكية مستمرة، وتمتد من العدوان إلى التطنيش، مرورا بالتهديد، والتشويش، والكذب، وتشويه الآخر، وتزوير الحوادث، وطمس الوقائع، وتزوير الوثائق، والافتراء و.. و.. و.. وعندما يرفع أحد صوته بالحق بوجهها، يواجَه بتهم منها الإرهاب. وعلى رأس تهم "إسرائيل"؛ "العداء للسامية"، فمن يعارض سياستها العنصرية الإجرامية، هو معاد للسامية وضد اليهود، حتى لو كان هو السامي- الإبراهيم خليلي، المضطَهَد والمُواجَه بعداء واحتلال وهمجية ووحشية يهود القبيلة الخزرية الثالثة عشر، التي لا علاقة لها بسام ولا بإبراهيم الخليل! وتهمة "العداء للسامية" تزغلل رؤية المبصرين وتزلزل الكثيرين من الغربيين خاصة، وتخيفهم، وتحولهم إلى ضحايا -وروجيه غارودي والأب بيير مثالان صارخان على ذلك-، أو تشوههم وتحيلهم صَمتَ مقابر، وتُذهل عن الحق، وتقلب المنطق رأسا على عقب، وتدمغ الحقَّ بباطل يلغيه، وتُجرِّئُ على
العدالة ومؤسساتها، بما في ذلك محكمة العدل والدولية ومحكمة الجنايات الدولية، وترفع صوت المجرم والإجرام والعنصرية بوجه العدالة والدول والشعوب والجماعات والأفراد، بوقاحة وفجور لا نظير لهما.
هكذا تفلت "إسرائيل" ويفلت مجرموها من العقاب، وتبقى فوق المساءلة وفوق القانون، وتستمر في ارتكاب الجرائم، وهذا هو النهج الصهيوني- الإسرائيلي المعتمد تلموديا وتاريخيا وسياسيا، وهو كما أسلفت نهج مؤيد ومدعوم سياسيا وعسكريا وماليا وإعلاميا من الولايات المتحدة الأمريكية خاصة والغرب عامة، ومن دول تتبعهما، وأخرى تمارس النفاق وتقدم المصالح على المبادئ، وتتواطأ مع الظلم والقوة الغاشمة وفساد الضمير ضد العدالة والحقائق والقيم والبشر المظلومين.
تفلت "إسرائيل" ويفلت مجرموها من العقاب، وتبقى فوق المساءلة وفوق القانون، وتستمر في ارتكاب الجرائم.. وهذا هو النهج الصهيوني- الإسرائيلي المعتمد تلموديا وتاريخياًوسياسيا، وهو كما أسلفت نهج مؤيد ومدعوم سياسيا وعسكريا وماليا وإعلاميا من الولايات المتحدة الأمريكية خاصة والغرب عامة، ومن دول تتبعهما
إن وزير الخارجية الأمريكية بلينكن، الذي تتكرر على مسامعنا اليوم تصريحاته بشأن مقتل الشهيدة شيرين أبو عاقلة، هو ابن هذه المدرسة أو المؤسسة، متشرب لازدواجية المعايير وممعن فيها، وضالع من الباطن في قرار الإغلاق المبكر لملف شيرين، ذلك الإغلاق الذي أشار إليه روبيرت هابيك، نائب المستشار الألماني.
وبلينكن لا يمكن إلا أن يكون مع "إسرائيل" فهو منها وفيها، ومطالبته بتحقيق في قتل شيرين أبي عاقلة، تتعاون فيه "إسرائيل" مع السلطة الفلسطينية، هو ضغط مكشوف، ونوع من تضييع للوقت وتمييع للموضوع، وفخٌّ لتحميل السلطة الفلسطينية مسؤولية تعطيل التحقيق المطلوب، لأنه يعرف أن السلطة لن تتراجع عن موقفها بعد أن أعلنت أنه من المحال التعاون مع القاتل ("إسرائيل") في التحقيق بجريمة ارتكبها، وهو موقف صحيح، وملزم منطقيا وأخلاقيا وقانونيا لمن اتخذه، لا سيما بعد أن سلمت السلطة ملف التحقيق الذي قامت به لمدعي عام محكمة الجنايات الدولية.
وموقف السلطة الرافض لتحقيق مشتَرَك مع "إسرائيل" مؤكد وملزم لها أمام الشعب الفلسطيني، وهو موقف سليم تماما؛ نظرا لانعدام الثقة بـ"إسرائيل" بسبب تاريخها المعروف بتزوير الحقائق والوقائع والوثائق والأدلة و.. وما إلحاح الوزير بلينكن على ذلك وتكراره لتصريحه أو تجديده، إلا لإحراج السلطة وتحميلها مسؤولية التعطيل، وذاك مدخل معروف للتملص من الموضوع، واستثمار الوقت من أجل امتصاص الحدث وتمييع الموضوع.
أما ما أشار إليه في آخر تطوير لتصريحه، من مطالبة بـ"تحقيق مستقل"، فهو للاستهلاك الداخلي، بعد موقف أعضاء في الكونغرس، ومطالبة عضوي مجلس الشيوخ ميت رومني وجون أوسوف بالتحقيق، لأن الشهيدة شيرين أبو عاقلة أمريكية وصحفية. وهو تصريح للتصدير الخارجي أيضا، مراعاة للرأي العام العالمي الذي صُدم بالاستهداف المتعمَّد للصحفية أبو عاقلة، وصدمَه أكثر تعرض جنازتها لهمجية ووحشية غير مسبوقة من شرطة "إسرائيل".
إن بلينكن يتواطأ عمليا بدبلوماسية هو مجبر عليها، ويصرح بما يمكِّنُ من امتاص النقمة وكسب الوقت تمهيدا لإدخال الموضوع في النسيان، عبر تراكم الأحداث الأخرى وتطورها وشغلها للرأي العام ومحوها من الذاكرة. ولو كان الأمر غير ذلك، ولو لم يتصل بـ"إسرائيل"، لكان التدخل الأمريكي أسرع وأثمر، ولكان الـ"أف بي آي" (F.B.I) بادر بالتحقيق فورا، وبالقوة إذا لزم الأمر، بذريعة أن المستهدَف مواطن أمريكي.
ومن الأمور المستقرأة بوضوح، أنه لو لم تكن شيرين أبو عاقلة تحمل الجنسية الأمريكية وصحفية في الجزيرة التي تقف وراءها لما كان ذلك الاهتمام، ولما صرح بلينكن أصلا بشيء في هذا الشأن. والدليل على ذلك يفقأ العين، فقد استهدفت "إسرائيل" عشرات الصحفيين الفلسطينيين طوال سنوات وسنوات، وقتلها لهم كان أكثره عَمدا، ولم يثر ذلك اهتمام أحد من المسؤولين الأمريكيين والأوروبيين غربيين وشرقيين.
استهداف "إسرائيل" للصحفيين الفلسطينيين وقتلها لهم، عمدا مع سبق الإصرار والترصد، نهجٌ صهيوني وسياسة متبعة، وما نفتالي بينيت في ذلك سوى حلقة من الحلقات
واستهداف "إسرائيل" للصحفيين الفلسطينيين وقتلها لهم، عمدا ومع سبق الإصرار والترصد، نهجٌ صهيوني وسياسة متبعة، وما نفتالي بينيت في ذلك سوى حلقة من الحلقات، وتابعٍ لنتنياهو الذي قال في جلسة قائمة الليكود، عندما تحدث عن المراسلين: "يجب ألا تخافوا من مهاجمتهم"، حسبما نقل ذلك عنه نحاميا شترسلر ونشره في هآرتس بتاريخ 8 حزيران/ يونيو 2021. وأضاف شترسلر مؤكدا أن "هذا في الواقع هو هدر دمهم".
ونأمل ألا تكتمل حلقة التواطؤ مع المجرمين بموقف العدالة الدولية، وألا يستمر طويلا تلكُّؤ مدعي عام محكمة الجنايات الدولية السيد كريم خان في فتح تحقيق بشأن هذه الجريمة، وهو الذي قال في مؤتمر صحفي يوم الأربعاء (27 نيسان/ أبريل 2022) في المقر الدائم للأمم المتحدة: "...لا يمكن للقانون الدولي أن يقف موقف المتفرج، لا يمكن أن يكون خامدا، إنه بحاجة إلى التحرك بحذر ليوفر الحماية ويصر على المساءلة". فعدم تفعيله لذلك وعدم فتحه لتحقيق بشأن القضايا المرفوعة إليه وآخرها قضية شيرين أبو عاقلة، يدخله دائرة ازدواجية المعايير وفي دائرة التواطؤ المكشوف، ويثير كلَّ الجراح والمظالم والأسئلة القديمة التي يطرحها الفلسطينيون والعرب والمسلمون على الخصوص، ويشاركهم في ذلك كثيرون من أحرار العالم المتعاطفين مع الشعب الفلسطيني والصحفيين: "متى تتحرك العدالة الجادة بشأن إجرام مستمر بشأن شعب وقضية عمرها يمتد لأكثر من خمسة وسبعين عاما؟! وقد أصبح يضاف إليها في العقدين الأخيرين من الزمن جرائم يومية متنوعة، ففي كل يوم قتل، وتدمير، وتهجير، ونهب أراض، وملاحقة شعب بالاضطهاد، وتنفيذ حلقات في برنامج إبادة عرقية ممنهج، لإنهاء شعب وقضية عادلة هي قضية فلسطين.
من الواضح والمؤسف أن السيد المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، لا يتحرك بجدية ومسؤولية وحيادية وسرعة، لأن الأمر يتعلق بـ"إسرائيل" وبملف فلسطيني ضدها؟! فلإسرائيل وحلفائها الأمريكيين تأثير فعال للغاية عليه، رغم أن إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية لم توقعا على اتفاق روما، ولم تنضما إلى نظام المحكمة وتقفان ضد رفع أية قضية فلسطينية أمامها.
إن هذا الموقف لا يريح أحداً ممن يعلقون أهمية على العدالة الدولية، ويضرهم ويضيرهم أن يكون المدعي العام في محكمة الجنايات الدولية، جزءا من منظومة "عدالة عرجاء"، تأخذ بتفوق العرق الأبيض، وبالعنصرية الصهيونية، وازدواجية المعايير، وتنحاز لإسرائيل، وتحمي مجرمي حرب، وتتغاضى عن مرتكبي جرائم كثيرة وخطيرة بحق شعوب وجماعات وأفراد، لا سيما عندما يكونون من جنس أو لون أو أمة أو بلد، شأن الفلسطينيين خاصة والعرب عامة.
إن مثل هذه المواقف والسياسات والممارسات، تعزز نهج "إسرائيل" للتملص من المسؤولية السياسية والقانونية، ولا نتكلم عن الأخلاق، فالأخلاق ليست شأنا صهيونيا. وتعزز نهج استخدام الوقت للتضييع والتمييع، وذاك نهج وسياسة معتمَدة صهيو- أمريكية لتجاوز القرارات الدولية وكل ما يتعلق بقضية فلسطين.
مثل هذه المواقف والسياسات والممارسات، تعزز نهج "إسرائيل" للتملص من المسؤولية السياسية والقانونية، ولا نتكلم عن الأخلاق فالأخلاق ليست شأنا صهيونيا.. وتعزز نهج استخدام الوقت للتضييع والتمييع، وذاك نهج وسياسة معتمَدة صهيو- أمريكية لتجاوز القرارات الدولية وكل ما يتعلق بقضية فلسطين
ويتضمن أسلوب استخدام الوقت بهدف التعطيل والتمييع والتضييع بأشكال مختلفة منها التطنيش والتأجيل والمفاوضات العقيمة. وتاريخ "إسرائيل" حافل بذلك للتملص من المسؤولية عن جرائمها والتخلي عن التزاماتها ونقض اتفاقيات تعقدها وتوقع عليها؛ فقد تملصت من التزاماتها في اتفاق أوسلو بعد أن استنفدت كل ما يتيح لها ذلك الاتفاق من استفادة من سياسات واستراتيجيات وأفعال وإجراءات وفُرَص، بما في ذلك تدمير المقاومة الفلسطينية، وشق الصف الفلسطيني، وقضم الأرض بالاستيطان، وتعطيل الإرادة الشعبية بالتصفيات الجسدية والاعتقالات والسَّجن والتعذيب، وتسخير السلطة الفلسطينية لخدمتها من خلال التنسيق الأمني على الخصوص، وقد نجحت في ذلك، وكانت تزداد صلفا وغطرسة وعدوانا وقوة مع الوقت، وتزداد توسعا وظلما وعسفا.
وتملصت "إسرائيل" أيضا من كثير من الالتزامات، وآخرها التزاماتها بما جاء في الاتفاق والتفاهمات الأخيرة مع المقاومة في غزة على وقف إطلاق النار، بعد حرب الأيام الأحد عشر (أيار/ مايو- رمضان 2021) وما فرضته معركة سيف القدس، فقد نقضت الضمانات وفرَّغت الالتزامات من مضمونها، لا سيما ما جاء من ذلك في البند رابعا: المسار السياسي من الاتفاق الذي تنص مسوَّدتُه المتفق عليها على: "وضع خطة شاملة لإنهاء الاحتلال وقيام كيان سياسي فلسطيني ينفذ بعد مدة خمس سنوات، تجري خلالها استعادة الثقة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، ويبدأ العمل من الآن بأن تقوم الولايات المتحدة بالضغط العاجل على "إسرائيل" لإيجاد طريقة ما لإجراء الانتخابات الفلسطينية في أحياء القدس الشرقية مثل أبو ديس والعيزرية، بحيث تتناسب مع ما يقبل به الجانب الإسرائيلي مع تقديم وعد بالضغط على "إسرائيل" لإيقاف إجراءاتها في حي الشيخ جراح وأحياء فلسطينية أخرى لا زالت مهددة. وخلال فترة السنوات الخمس، يتم ضخ أموال من الدول المانحة قد تصل إلى مليارات الدولارات لتحقيق استقرار اقتصادي في الجانب الفلسطيني، وبما يحقق استقرارا أمنيا".
إن كل ما تريده "إسرائيل" تنفذه وتحققه لها الولايات المتحدة الأمريكية ويساعدها عليه الاتحاد الأوروبي، وتقبله الدول دائمة العضوية، صاحبة حق النقض في مجلس الأمن الدولي. تفعل ذلك بالتغاضي عما يجري للفلسطينيين، وعمَّا ترتكبه "إسرائيل" من عدوان وجرائم، وتمالئ الصهيونية ودولة الإرهاب والعنصرية "إسرائيل". وهكذا يتكامل التآمر والتواطؤ والنفاق الدولي ضدَّ الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، ويبقى مُجرِمُونْ فَوقَ المُساءَلَة والعَدَالة والقَانونْ. ويكتمل الدرس برقص دول "عربية" على حبل الخُذلان، فوق صدر الشعب الفلسطيني وقضية فلسطين، وعلى رأس الحق والعدل والانتماء للأمة، بدخولها على خط تطبيع مدان، وتحالفها بمذلة وخُذلان مع القَتَلة والمجرمين والعنصريين الصهاينة في كيان الإرهاب "إسرائيل".
ولله في خَلقه شؤون، ولا حول ولا قوة إلَّا بالله.