هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يرى مراقبون أن محاولات روسيا الهادفة إلى تحريك مسار اللجنة الدستورية السورية، ليست بعيدة عن ما يحصل بين تركيا والنظام السوري على صعيد تطبيع العلاقات بينهما، إذ تريد موسكو حسب مراقبين أن تؤكد أنها جاهزة لدعم "المصالحة" بين النظام والمعارضة، لتشجيع تركيا أكثر.
فبعد أيام قليلة من إشارة وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، خلال مقابلة تلفزيونية إلى عدم تحقيق أي تقدم في اجتماعات اللجنة الدستورية السورية رغم أنها (اللجنة الدستورية) جاءت بمساهمة من تركيا وروسيا وإيران، واستقبلت روسيا المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسون في موسكو، وقبلها استقبلت وزير خارجية النظام فيصل المقداد.
وبحسب الخارجية فإن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أجرى مع بيدرسون مباحثات أوليا فيها "اهتماماً خاصاً" لعمل اللجنة الدستورية السورية، وأضافت: "أجريت مناقشة موضوعية حول الجوانب الموضوعية لتسوية سورية شاملة مع التركيز على دفع العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة والتي تقودها سوريا، على النحو المنصوص عليه في قرار مجلس الأمن رقم 2254".
وقالت الخارجية الروسية إنه تم خلال الاجتماع إيلاء اهتمام خاص لأنشطة اللجنة الدستورية السورية التي تشكلت بقرار من المشاركين في مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي عام 2018.
ولم يُحدد موعد انعقاد "الجولة التاسعة" التي كانت مقررة أواخر تموز/ يوليو الماضي، بعد أن جرى تأجيلها من قبل بيدرسون إلى موعد غير محدد، بعد تعليق وفد النظام مشاركته نزولاً عند اعتراض روسيا على مكان انعقادها في جنيف، بحجة الموقف "غير المحايد" لسويسرا والغرب عموما من موسكو والتقييد على حركة الدبلوماسيين من جانب الغرب، على خلفية الحرب في أوكرانيا.
ومن هنا، تأتي الخطوة الروسية المتمثلة باستقبال بيدرسون وتأكيد لافروف على دعم بلاده لمسار اللجنة الدستورية "المُعطل" لترسل إشارات إلى تركيا التي تحدثت عن ضرورة إيجاد حل سياسي للملف السوري، خلال الإعلان عن رغبتها بإجراء تقارب سياسي مع النظام السوري.
اقرأ أيضا: ما خيارات المعارضة بعد إلغاء جولة "الدستور السوري"؟
تحركات متناغمة مع التوجه التركي
وتقول عضوة اللجنة الدستورية عن قائمة "المجتمع المدني" رغداء زيدان، إنه "من الواضح أن التحرك الروسي يتناغم مع التوجه التركي بخصوص العلاقة مع النظام السوري".
وتضيف لـ"عربي21" أن روسيا تبدو حريصة على الوصول إلى حل سياسي ما، ووفق رؤيتها فإن المسار الدستوري هو أحد مفاصل هذا الحل، وهو ما تتفق حوله روسيا وتركيا.
واعتبرت زيدان، أن المطلوب اليوم من المعارضة ومن المجتمع المدني العمل بكل قوة لفتح مسارات الحل السياسي وفق القرار ٢٢٥٤، وعدم اختزال القرار بالعملية الدستورية فقط، لأن "التغيير الدستوري مهما كان جيدا لن يغني عن التطبيق الكامل للقرار ٢٢٥٤، ولن يضمن الحد الأدنى لحقوق السوريين المطلوبة".
أما الباحث المختص بالشأن الروسي محمود الحمزة، فيصف في حديثه لـ"عربي21" ما يبدو اهتماما روسيا بالمسار الدستوري في سوريا بـ"غير المستغرب"، مؤكدا أن موسكو تقوم من وقت لآخر بخطوات توحي بأنها تدعم هذا المسار.
وهنا، أشار الحمزة إلى ما يجري من حراك سياسي حول الملف السوري، قائلاً: "نشهد مؤخراً نشاطات مكثفة، من قمة طهران الثلاثية (الإيرانية، الروسية، التركية) وبعدها قمة سوتشي (الروسية، التركية) إلى زيارة وزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد إلى موسكو، والإعلان قبل الزيارة عن توجه أنقرة الجديد في الملف السوري، وكل ذلك يؤشر إلى رغبة باتخاذ خطوات في سوريا".
وبحسب الباحث فإن من بين هذه الخطوات تنشيط اللجنة الدستورية، حتى تدفع تركيا إلى المضي في خيار "المصالحة" بين المعارضة والنظام.
ويرى الكاتب الصحفي المختص بالشأن السوري، سامر إلياس، أن روسيا تركز حالياً على التقريب بين النظام وتركيا، دون إنجاز أي خطوات في الحل السياسي.
ويضيف لـ"عربي21" أنه لا يبدو أن روسيا جادة في دفع المسار الدستوري السوري، وخاصة أنها عطلت هذا المسار، من خلال تعليق انعقاد الجولة التاسعة.
بعيداً عن جنيف؟
ولم يتضح للآن، الموقف الروسي من استمرار محادثات اللجنة الدستورية في جنيف، علماً بأن روسيا كانت قد اشترطت في وقت سابق تغيير المكان قبل عقد الجولة التاسعة.
وفي هذا الجانب تحدث محمود الحمزة عن احتمالية تغيير مكان انعقاد المحادثات إلى أكثر من دولة، منها كازاخستان، التي تستضيف "مسار أستانا"، ويستدرك: "لكن المعلومات تشير إلى رفض أممي لهذا المطلب، ومن جانب تركيا أيضا".
وبعد تأكيد الحمزة على عدم جدوى المسار الدستوري، يقول: "روسيا تريد تحريك المشهد السوري العام بالحديث عن المسار الدستوري، أي إنها خطوة فقط".
وسبق أن أعلنت المعارضة السورية عن تمسكها بجنيف، ورفضها نقل مكان انعقاد المحادثات التي تحظى برعاية أممية، وطالبت الأمم المتحدة بتحييد اجتماعات اللجنة الدستورية، عن الحرب الأوكرانية.
وفشلت اللجنة الدستورية في إحراز أي تقدم على صعيد كتابة دستور جديد للبلاد خلال الجولات الثماني الماضية، وآخرها التي اختتمت في مطلع حزيران/ يونيو الماضي.