هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قال المعارض السوري، والعضو السابق في الائتلاف الوطني السوري، الدكتور زكريا ملاحفجي؛ إن "الشعب السوري لن يستسلم أو يرضخ أو يتراجع عن هدف التغيير المأمول والمنشود في البلاد، ولن يرضى مطلقا بفرض معادلة الأمر الواقع التي يسعى البعض لتمريرها، وذلك على الرغم من أن شعبنا مُثقل بالكثير من الجراح والآلام والفقر والجوع والقهر والخوف".
ونبه في مقابلة خاصة مع "عربي21"، إلى أن "الشعب يشعر دائما بالخوف والحذر الشديد بشأن أي مسألة تطرح فكرة المصالحة مع النظام؛ فهو يرفض هذا المسار جملة وتفصيلا، وقد اتضح ذلك بشكل جلي في الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت مؤخرا في العديد من المناطق".
فرص المصالحة مع النظام
واستبعد ملاحفجي تماما حدوث "مصالحة تاريخية" في سوريا تشمل كل الأطراف خلال الفترة المقبلة، وقال: "من الصعب جدا حدوث ذلك؛ لأن السوريين يرفضون بالمطلق المصالحة والمفاوضات العبثية مع النظام المجرم، رغم أننا لا نرفض المفاوضات من حيث المبدأ، لكن لا بد أن تكون مفاوضات تتسم بالجدية والنزاهة والعدالة، حتى لا تكون آثارها كارثية".
واستطرد قائلا: "لو كانت هناك مفاوضات جدية ومُلزمة، وهناك مراقبة في تطبيق وتنفيذ بنودها، سيختلف الوضع بكل تأكيد، خاصة أن إقامة هيئة حكم انتقالية باستطاعتها أن تهيئ بيئة محايدة تتحرك في ظلها العملية الانتقالية، وهي تتكلم عن نظام ومعارضة".
يُذكر أن الأطياف السورية المعارضة للنظام لديها وجهات نظر متباينة بشأن موقفها من الحل السياسي المأمول في البلاد؛ فهناك مَن يريد تغيير النظام بشكل كامل، بينما يرى آخرون احتمالية التوصل لتسوية سياسية معه.
اقرأ أيضا: سوريون قلقون من تصالح تركيا مع الأسد.. هل يفعلها أردوغان؟
انتفاضة شعبية
ورأى ملاحفجي أن "الدعوة للانخراط في انتفاضة ثانية ضد النظام في كل ربوع البلاد، لم تعد ممكنة الآن في ظل الظروف القاسية الراهنة، التي تلقي بظلالها على الجميع".
لكنه استدرك قائلا: "ربما تحصل انفجارات مجتمعية مثلما حدث في السويد وغيرها، نتيجة الظروف الحياتية المؤلمة، لكني لا أعتقد أنه ستكون هناك انتفاضة شعبية قريبا، خاصة أنه لا توجد قيادة سورية اليوم يمكنها إطلاق مثل هذه الدعوات وتجد استجابة واسعة لدى الشعب".
وتابع: "حتما سيأتي اليوم الذي يخرج فيه ويحتج بوضوح، خاصة أنه يعيش ظروف قاسية للغاية، بينما ينشد التغيير والأمان والعدالة. لذلك نجد حراك الشارع، في كثير من الأحيان، يسبق حراك قوى الثورة والمعارضة".
مناورات لا تحولات
وأشار ملاحفجي إلى أنه "لا توجد تحولات استراتيجية كبيرة في الملف السوري؛ فلا زالنا في مرحلة المناورات ولم ندخل بعد مرحلة الصفقات الدولية كما يعتقد البعض"، مشيرا إلى أن "تلك الأحاديث جاءت في أعقاب كل جولات المفاوضات التي عقدتها اللجنة السورية خلال السنوات الماضية".
واستطرد المعارض السوري قائلا: "فشل مسار اللجنة السورية كان معروفا ومتوقعا بشكل مسبق، حتى بالسنبة للسوريين البسطاء غير المهتمين بالسياسة. لقد كان مسارا عبثيا لا فائدة منه ولا طائل من ورائه".
ونفى صحة ما تردد مؤخرا حول طلب تركيا من الائتلاف الوطني السوري مغادرة أراضيها، قائلا: "لا أعتقد أن هذا الأمر صحيح على الإطلاق؛ فمن المستحيل أن تطالب أنقرة الائتلاف بالإقدام على هذه الخطوة غير المنطقية، بل العكس هو الصحيح تماما؛ لأن هذا الملف عند الأتراك مهم جدا، وهم لم ولن يطالبوا الائتلاف بمغادرة أراضيهم".
كما لفت إلى أن "الدول العربية، وغيرها، لم تحسم موقفها من فكرة القبول بتعويم نظام الأسد حتى الآن؛ فهناك مواقف عربية صلبة وأخرى متأرجحة بشكل ما أو بآخر، وهناك غموض في بعض تلك المواقف التي بحاجة لمراجعة وإعادة تقييم".
ولفت ملاحفجي إلى أن "دور الائتلاف السوري المعارض بحاجة إلى تعزيز وتطوير بشكل أكبر وأعمق؛ كي يصبح أكثر فاعلية وتأثيرا في المشهد السوري الداخلي وامتداداته الخارجية، وكي يصبح له وجود وحضور ومصداقية في الشارع السوري".
يشار إلى أن أنباء مغادرة الائتلاف السوري الأراضي، جاءت في ظل ما يُقال حول تغيرات جذرية في موقف أنقرة من نظام الأسد.
مبادرة غير ممكنة
وتحفظ ملاحفجي على المبادرة التي طرحتها قبل أيام النقابات المهنية والعلمية السورية، والتي تدعو لتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، الذي يؤكد حق الشعب السوري في تقرير مصير بلاده، مؤكدا أنها "قراءة غير ممكنة للتطبيق على أرض الواقع".
اقرأ أيضا: ما دلالات افتتاح النظام السوري مركز "مصالحة" في ريف إدلب؟
وتساءل: "كيف سيُطبق القرار 2254 دون إرادة المجتمع الدولي؛ فلا توجد أداة تنفيذية ضاغطة في هذا الاتجاه"، موضحا في الوقت ذاته أن "القوى العسكرية السورية دخلت في هدنة مع النظام السوري من أجل خفض التصعيد، وهو ما يحول أيضا دون تنفيذ هذا القرار الأممي".
ويطالب القرار 2254 الصادر في 18 كانون الأول/ ديسمبر 2015، جميع الأطراف بالتوقف عن شن هجمات ضد أهداف مدنية، ويحث الدول الأعضاء بمجلس الأمن على دعم الجهود المبذولة لتحقيق وقف إطلاق النار.
كما يطلب القرار ذاته من الأمم المتحدة أن تجمع بين الطرفين للدخول في مفاوضات رسمية، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة، بهدف إجراء تحول سياسي.
وانتقد ملاحفجي أداء مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، غير بيدرسن، مؤكدا أن "هذا المبعوث لم يغير شيئا في الأزمة السورية، ولم يقدم مبادرات ذات شأن أو قيمة، بل إن طرحه كان متأرجحا جدا وغير واضح في كثير من الأحيان".
وفي الوقت الذي ثمّن فيه مواقف تحالف "أصدقاء سوريا" الذي تشكّل لتأمين الدعم العالمي للشعب السوري، قال: "لقد وقفوا مع الشعب السوري خلال السنوات الماضية بالفعل، لكننا نأمل المزيد من المواقف والأدوار العربية والتركية والأوروبية؛ لأن التحديات جسمية والاحتياجات هائلة، والشعب في أمس الحاجة إليها".