هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت مجلة "تايم" الأمريكية مقالا للباحث البريطاني في معهد كارنيغي للسلام "إي أتش هيللر" تناول فيه علاقة الملك تشارلز الثالث بالدين الإسلامي.
وقال الكاتب البريطاني إنه مع اعتلاء الملك تشارلز الثالث العرش البريطاني، فإن التركيز سيكون على الرمزية السياسية التي يحملها الملك الذي لا يتمتع بسلطة تنفيذية.
ولفت إلى أن الملك يحمل لقبا آخر وهو "الحامي للدين والراعي الأعلى لكنيسة إنكلترا"، فكيف سيفسر الملك هذه المسؤوليات وتحديدا تلك المتعلقة بالدور الديني.. ربما أثارت دهشة البعض، وتحديدا عندما يتعلق الأمر بالإسلام.
وقبل ثلاثين عاما تقريبا أراد الأمير تشارلز أن يكون "حامي الأديان" بدلا من "حامي الدين" لكي يعكس التنوع الديني في بريطانيا، ما أثار هذا عاصفة، لأنه لم يعن أنه يريد تغيير الدور التقليدي بقدر ما يريد الزيادة عليه، وفق الباحث البريطاني.
وأضاف أن الملك الجديد يمثل نوعا متميزا من المؤمن الأنجليكاني، لكنه أظهر بطريقة أخرى إعجابا بالكنيسة الأرثوذكسية الشرقية والإسلام، وهما دينان يقعان خارج المجال الأنجليكاني وعليه قيادتهما اسميا.
وأشار إلى أنه عندما يتعلق الأمر بالتقاليد، فقد أشار الملك وعلى مدى السنوات الماضية إلى "رينيه غينون"، الذي ألهم عددا من الحركات (المتناقضة أحيانا) الناقدة للإفراط في الحداثة ومحاولة إعادة اكتشاف عالم الميتافيزيقا، أو عالم ما وراء الطبيعة في عصر علماني.
وفي الوقت الذي اعتنق فيه "غينون" الإسلام فإن معظم تحليله الفلسفي اتبعه غير المسلمين الذين يحاولون فهم حداثة متجذرة في الميتافيزيقا والتقليد، وربما كان الملك الجديد أشهرهم.
وبعيدا عن الاهتمامات الباطنية فإن كان الملك واضحا في التعبير عن إعجابه بالدين الإسلامي والمجتمعات الإسلامية في بريطانيا والخارج.
ومع أنه من غير المعتاد أن يظهر الملك التسامح والأدب مع الأديان التي تمارس في أراضيه، والتي قد تكون سياسة جيدة، فإن الملك الجديد ذهب بعيدا في عالم أصبحت فيه كراهية الإسلامية أمرا شائعا، بحسب هيللر.
اقرأ أيضا: اعتقال مناوئين للملكية ببريطانيا يثير جدلا بشأن حرية التعبير
وفي ما يتعلق بالمجتمعات المسلمة حول العالم، فقد تحدث الملك بوضوح عام 1993 بأن "ما يجمع بين عوالمنا أقوى مما يفرقنا، مسلمين ومسيحيين ويهودا، الجميع أهل كتاب".
ومضى الكاتب بالقول إن الملك الجديد عبر عن تعاطف أكبر مع المسلمين عندما كانوا يعانون من أوضاع سياسية صعبة، سواء في أوروبا أو في أماكن أخرى أبعد.
وزعم روبرت جوبسون في كتابه "تشارلز في السبعين" أن الملك متعاطف بشكل مهم مع الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال الإسرائيلي.
وأكد أنه لم يوافق على القيود التي فرضت على الزي الإسلامي في عدد من الدول الأوروبية.
وأكثر من هذا فقد أنشأ "موزاييك" في عام 2007 وهي مؤسسة تقدم برامج تدريبية وإشرافية للشباب المسلم في بريطانيا، كما أنه أصبح راعيا لمركز أوكسفورد للدراسات الإسلامية، حيث ألقى خطابه الأشهر عام 1993 "الإسلام والغرب".
واعتبر الكاتب البريطاني أن اهتمام الملك الجديد بالمجتمعات الإسلامية في بريطانيا واضح، كما أن اهتمامه واضح بالمجتمعات الإسلامية في الماضي وما قدمته من مساهمات للحضارة الغربية.
وفي كلمته عام 1993، لاحظ أن "قرطبة في القرن العاشر كانت أكثر المدن تمدنا في أوروبا" و"قيل إن 400 ألف مجلد في مكتبة الخليفة كانت أكثر من كل الكتب الموجودة في كل أوروبا مجتمعة".
وأضاف: "إذا كان هناك سوء فهم في الغرب عن الإسلام، فهذا بسبب الجهل عن الدين الذي تدين به ثقافتنا وحضارتنا للعالم الإسلامي".
وعندما تحدث تشارلز في الأزهر بمصر عام 2006، لاحظ قائلا: "نحن في الغرب ندين لعلماء الإسلام، لأن كنوز العلم الأوروبي الكلاسيكي ظلت محفوظة لديهم في العصور المظلمة".
واعتبر الباحث البريطاني أن كل هذا أمر غير عادي ويصدر من شخصيات بريطانية أو أوروبية أو غربية عامة، لكن تشارلز متميز بأمر أكثر من هذا، وهو تأكيده أن لدى الإسلام ما يقدمه للغرب اليوم.
وفي واحد من خطاباته لاحظ أن "الإسلام يستطيع تعليمنا اليوم طريقا في الفهم والعيش في العالم وهو ما افتقدته المسيحية، ففي قلب الإسلام يكمن حفاظه على وحدة الكون".
وفي وقت تتم فيه شيطنة الإسلام والمسلمين في الغرب، فإن الملك الجديد لا يحترم فقط ويقوي المجتمعات المسلمة ولا يتحدث بطريقة مؤدبة وبكياسة عن الدين، بل ويناقش أن الغرب بحاجة للإسلام هنا والآن، وفق هيللر.
ومع تعود بريطانيا على آراء ملكها الجديد فالعالم سيتعود على رئيس دولة يرى الإسلام من منظور مختلف عن الموجة الشعبوية في أوروبا وأمريكا الشمالية، وهذا أمر مثير للاهتمام، إن لم يكن هناك شيء آخر.