هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
حذر خبراء إسرائيليون من قيام الصين باستخدام العلاقات الأكاديمية مع إسرائيل لمحاولة الحصول على معلومات حساسة، مما يستدعي من الأخيرة اتخاذ المزيد من التدابير الوقائية الضرورية لحماية نفسها من جهة، ومن جهة أخرى الحفاظ على علاقاتها مع الولايات المتحدة، لا سيما وأن تل أبيب وبكين أحيتا هذا العام مرور ثلاثين عاما على إقامة علاقاتهما الدبلوماسية.
وتتعمق علاقات الجانبين في مجموعة متنوعة من المجالات، فمن وجهة النظر الإسرائيلية فإن الدفء في العلاقات مع الصين ينبع إلى حد كبير من الآفاق الاقتصادية البراغماتية والمغرية، وتم تصميم سياستها تجاهها لاستنفاد الفرص الاقتصادية الكامنة، أما بالنسبة للصين فإنها تريد الوصول لقطاع الابتكار والتكنولوجيا الذي يحظى بمكانة متقدمة في إسرائيل، ويُعتبر أحد أكثر القطاعات تقدمًا في العالم.
كايسي باب الباحث في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن، وجامعة كارلتون في أوتاوا، ذكر أن "العلاقات الصينية الإسرائيلية تسارعت بشكل كبير، بدءًا من التجارة في البضائع، والاستثمارات، والعلاقات الدبلوماسية، وما وراءها، لكن السنوات الأخيرة شهدت زيادة في ضغوط الولايات المتحدة على إسرائيل لإعادة النظر بعلاقاتها مع الصين، مما أسفر عن فتور ملحوظ في نشاطهما الاقتصادي، ويمكن القول إن شهر العسل قد انتهى".
وأضاف في مقال نشره موقع نيوز ون، وترجمته "عربي21" أن "هذا الفتور في علاقاتهما دفع الصين لتغيير ديناميكيتها إلى درجة أن تحذر إسرائيل من الإضرار بعلاقاتهما خشية الضغط الخارجي، لكن كما كان متوقعاً، استمعت تل أبيب إلى واشنطن، واستجابت للدعوة للعمل بحذر شديد بالتعاون مع بكين، وأنشأت هيئة فحص الاستثمار بهدف زيادة الإشراف على الاستثمارات الأجنبية، ثم التزمت بعدم استخدام التكنولوجيا الصينية في نشر شبكة اتصالات جي5، ورفض عقد شركة من هونغ كونغ لبناء محطة كبيرة ثانية لتحلية المياه، واستبعاد شركتين صينيتين للسكك الحديدية من المشاركة بمناقصة في تل أبيب".
اقرأ أيضا: تل أبيب تحاول الالتفاف على ضغوط واشنطن لوقف تعاملها مع بكين
وأشار إلى أن "هذه الخطوات المتلاحقة تعني أن تل أبيب تأخذ مخاوف واشنطن من بكين بشكل جاد، حتى وصل الأمر لحماية الملكية الفكرية والأبحاث الحساسة الخاصة بالتكنولوجيا والابتكار، من خلال الحد من المسارات التي تستخدمها الصين للحصول على هذه التكنولوجيا في مجالات الاستخدام المزدوج، مما قد يستدعي إجراء تحليل جديد للاتفاقيات الأكاديمية بين إسرائيل والصين، حيث حصلت عدد من الجامعات الإسرائيلية على منح وشراكات من نظيراتها الصينية".
وتكشف المعلومات المتوفرة أنه في 2013 تلقى معهد التخنيون بجامعة حيفا منحة 130 مليون دولار من مؤسسة Li Ka-shing لإنشاء معهد Guangdong للتكنولوجيا مع جامعة شانتو، وفي 2014 استثمرت جامعتا تل أبيب وتسينغ هوا في 300 مليون دولار لإنشاء مركز أبحاث XIN للتحقيق في التقنيات ذات المراحل المبكرة في مجالات التكنولوجيا الحيوية والطاقة الشمسية والمياه والتكنولوجيا البيئية.
وفي 2016 وقعت إسرائيل والصين سبع اتفاقيات تعاون أكاديمي، تشمل إنشاء معاهد بحث مشتركة وتمويل برامج، وفي 2017 وقّع معهد الأتمتة في الأكاديمية الصينية للعلوم وجامعة حيفا صفقة بقيمة 10 ملايين دولار لإنشاء ثلاثة مراكز تقنية مشتركة في مجال الذكاء الاصطناعي في حيفا وهانغتشو وبكين، وفي 2019 تم افتتاح مركز الابتكار الصيني الإسرائيلي بمنطقة بوتو لتعزيز التعاون العلمي والتكنولوجي.
وتكشف هذه الاتفاقيات عن مخاوف إسرائيلية أن تكون الصين قد نجحت بالفعل في الحصول على كميات كبيرة من المعلومات التكنولوجية الحساسة، وفي الوقت ذاته ما إذا تضررت إسرائيل من أي خسارة كبيرة في المعرفة البحثية، لا سيما في ضوء الدعاية السائدة أن الصين "تسرق" المعلومات حول العالم على مدى عقود عبر الجهود غير الشفافة لتجنيد الأكاديميين، والشراكات البحثية التوافقية، والاستثمارات الكبيرة في المؤسسات الأكاديمية، وعمليات التجسس السرية والقرصنة الإلكترونية.
وتزعم المحافل الإسرائيلية أن الصين طوّرت مجموعة أدوات متنوعة لدعم طموحاتها بنقل التقنيات من مجتمعات البحث في العالم، حتى أنها استثمرت خلال العقد الماضي 2 تريليون دولار، أكثر من ميزانيتها العسكرية، لتمويل الرواتب وتكاليف بدء التشغيل ونفقات المعيشة للباحثين القادرين على تقديم أحدث التقنيات، كما تم إرسال ألف عالم عسكري صيني للمملكة المتحدة والولايات المتحدة، و600 إلى أستراليا وكندا، و200 إلى ألمانيا وسنغافورة، ومئات آخرين لدول أخرى، بما فيها هولندا والسويد واليابان وفرنسا، حتى في روسيا سعت الصين للوصول للأبحاث في المجالات الحساسة.