سياسة عربية

هل تمت "إعادة تدوير" السيسي في "كوب 27" بشرم الشيخ؟

خبراء: أمريكا تدرك أن السيسي نجح في تنفيذ ما طُلب منه رغم فشله مع الشعب- فيسبوك/الرئاسة المصرية
خبراء: أمريكا تدرك أن السيسي نجح في تنفيذ ما طُلب منه رغم فشله مع الشعب- فيسبوك/الرئاسة المصرية

جاء حضور الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى قمة المناخ في مصر وغيره من قادة وزعماء دول العالم، ولقاء رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي، رغم الانتقادات الدولية له ولنظامه في الملف الحقوقي، ليؤكد حضور الدعم الدولي الكبير للسيسي، مجددا.

وخلال حضوره قمة المناخ بشرم الشيخ المصرية، الجمعة، وفي أول زيارة إلى مصر منذ دخوله البيت الأبيض كانون الثاني/ يناير 2012، أعلن بايدن، عن حزمة بـ 500 مليون دولار لمساعدة مصر بالتحول للطاقة النظيفة.

وأشاد بايدن، بنظام السيسي، مشيرا إلى حديث الأخير في افتتاح قمة المناخ عن ضرورة إنهاء الحرب بأوكرانيا، فيما ثمن دوره كوسيط رئيسي بغزة، ما دفع نشطاء لتوجيه اتهامات لاذعة لبايدن، متهمينه بنسيان وصفه السابق للسيسي، أنه "ديكتاتور ترامب المفضل".

المثير أن دعم بايدن، للسيسي، وإشادته بأدواره، جاءت في الوقت الذي تعلو فيه الأصوات الدولية المطالبة بالإفراج عن المعتقلين السياسيين في مصر.

 


وفي سياق الدعم الدولي لنظام السيسي، خلال قمة المناخ، قررت ألمانيا منح مصر 250 مليون يورو، منها 100 مليون يورو في صورة مبادلة ديون، ومنح تنموية بقيمة 50 مليون يورو، و100 مليون يورو تمويلات إنمائية ميسرة.

وبالتزامن، أودعت قطر، الخميس الماضي، مليار دولار بخزينة البنك المركزي المصري، بعد نحو أسبوعين من إعلان صندوق النقد الدولي، منح مصر قرضا جديدا بنحو 3 مليارات دولار، في 27 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.

ذلك الدعم المالي، والحضور الكبير من قادة وزعماء العديد من الدول بينها ألمانيا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وهولندا، رغم الانتقادات الأوروبية المتتابعة لملف مصر في حقوق الإنسان، يدعو للتساؤل: هل حصل السيسي مع "كوب 27" على دعم دولي جديد وجرت إعادة تدويره مرة أخرى؟

"خدمته الظروف الدولية"

وهنا قال الكاتب والخبير المصري في الشؤون الدولية الدكتور أشرف الصباغ، لـ"عربي21": "قمة المناخ بمنتجع شرم الشيخ، كحدث دولي مهم، يمتلك أهمية خاصة، نظرا لمجيئه تزامنا مع 3 قمم عالمية أخرى".

وأوضح أنها قمم "رابطة دول جنوب شرق آسيا" (آسيان) بكمبوديا، و"العشرين" بجزيرة بالي الإندونيسية، و"التعاون الاقتصادي لدول شرق آسيا والمحيط الهادي" (آبيك).

ولفت إلى أن "السبب الثاني، يكمن في أن هذه القمم تأتي بلحظة مصيرية للعالم على خلفية الحرب الروسية-الأوكرانية، والمواجهة بين روسيا والغرب بكل تجلياتها التي تنعكس بأزمات الطاقة، والغذاء العالمي، ومعدلات التضخم، والمخاوف من مواجهات مباشرة قد تُستخدم فيها أسلحة نووية".

ويرى الصباغ، أن "الحضور الكثيف لزعماء العالم ولمنظمات المجتمع المدني ومجموعات المصالح واللوبيات، وعلى رأسهم الرئيس الأمريكي، وقادة الدول الأوروبية المتنفذة، هو السبب الثالث لأهمية قمة المناخ".

وأشار إلى "حجم الاحتفاء برئيسة مجلس النواب الأمريكية نانسي بيلوسي، والتناغم السياسي- الإعلامي بين السيسي وبايدن".

"استفادة تاريخية"

وقال إن "قمة المناخ، لعبت دورا هاما بطرح اسم مصر على قائمة الساحات والمحافل الكبرى للتجمعات العالمية، وطبيعي أن تستفيد الإدارة المصرية سياسيا وماديا وتاريخيا ولوجستيا، خاصة أنها استخدمت كل الأوراق لرأب الصدع مع أمريكا وبريطانيا، ودول أوروبية أخرى، بملفات عدة، أهمها حقوق الإنسان".

وأضاف أن "الأمر كان يسير ببطء في هذا الملف، ولا توجد ضمانات بأن تسير الأمور بشكل جيد؛ ولكنها تسير بشكل يرضي الإدارة المصرية، ويجعل وسائل إعلامها تبرز نقاط القوة في وضع النظام السياسي".

الصباغ، أكد أن "الإدارة المصرية، رغم كل شيء، استفادت من التناقضات الدولية، ومن الصراعات الإقليمية والعالمية القائمة؛ ومن ثم تمكنت من الظهور كقوة إقليمية ودولية فاعلة، وقادرة على تلبية جملة من (المصالح) المتشابكة مع دول كبرى مثل أمريكا".

وأوضح أنه "لا يمكن تجاهل رغبة الغرب بتدوير النظام السياسي المصري بشكل يلبي مصالح الطرفين، إذ إن الغرب نفسه بمأزق يجبره على استخدام أساليب ناعمة بالتعامل حتى مع بعض الأنظمة التي كانت منذ عدة أيام لا تروق له سياساتها".

وتابع: "لكن يبقى الانتظار لرؤية كيف ستتفاعل القاهرة الرسمية مع تلك التطورات، وقدرتها على الاستفادة منها لصالحها ولصالح الوضع الداخلي بمجال التنمية والاستثمارات وملف الحريات المعقد، ولصالح آلية استمرار وجود تلك المساحة التي تضمن لها المناورة بالساحتين الإقليمية والدولية، والحفاظ على تلك المساحة وتوسيعها".

 


"اختبار لا مكافأة"


ويعتقد أن "نجاح قمة المناخ، وحصول الإدارة المصرية على كروت خضراء جيدة ليس مكافأة بقدر ما هو اختبار ومسؤولية ثقيلة الوطأة"، متسائلا: "هل تنجح القاهرة باستثمار هذا النجاح بمجالات التنمية والاقتصاد والاستثمار مع كبوة اقتصادية تمر بها البلاد؟".

وواصل تساؤلاته: "وهل ستنجح الإدارة المصرية باستثمار هذا الممر الذي جاءها على طبق من ذهب لتطبيع ملف الحريات ورفع الأسقف السياسية لتوسيع مساحة الأمان الاجتماعي والشعبي، وإشاعة الاستقرار الذي يمكنه أن يضاعف من المكاسب الاقتصادية والاستثمارية؟"، مبينا أن "هذه الأسئلة مرهونة بالأشهر المقبلة".

لكن الصباغ، أكد أن "هذه القمة حملت مكاسب تاريخية لم تكن متوقعة إطلاقا حتى من النظام السياسي نفسه؛ بقي فقط أن يستخدمها بعقلانية وبذكاء لتحقيق مصالح مباشرة وواضحة للداخل المصري، بعيدا عن الحملات الدعائية والبروباغندا الرخيصة التي دأبت وسائل الإعلام المحلية على الترويج لها".

"استكمال خططه"

وفي إجابته على التساؤل "هل حصل السيسي مع "كوب 27" على دعم دولي جديد وجرى إعادة تدويره مرة أخرى؟"، قال الخبير في القانون الدولي والعلاقات الدولية الدكتور السيد أبو الخير: "ليس ذلك لنجاحه، ولكن لضرورة وجوده بالوقت الراهن، والحاجة إليه لتنفيذ المخطط الذي جاء لأجله؛ وهو تفتيت مصر وإنهاء وجودها كدولة واحدة موحدة".

الأكاديمي المصري وفي حديثه لـ"عربي21"، أشار ثانيا إلى أن "الحزب الديمقراطي الأمريكي هو الذي دعم وخطط للانقلاب عام 2013، وأمريكا المتحكمة بالدول العربية".

وتابع: "ثالثا: هم يدركون تماما أنه نجح في تنفيذ ما طُلب منه، مع العلم أنه فاشل تماما بنظر الشعب؛ ولكن الحقيقة أنه استطاع تنفيذ كل ما طُلب منه، وفعل ما لم يجرؤ أي رئيس على فعله بمصر كدولة وشعب، كما أنه حتى الآن لم ينه مهمته".

ويعتقد أبو الخير، أنه "مازال هناك بقية للتدمير والتفريط؛ منها مخزون المياه خلف بحيرة السد العالي الذي تكون بأكثر من 70 عاما، وهو الآن يحاول بكل قوة تفريغ البحيرة حتى لا يكون لدى مصر أي مخزون استراتيجي من المياه".

وفي تفسيره لغياب الدعم الخليجي الآن للسيسي، عن ما كان في السابق، ومدى وجود خلافات بينهما قال الأكاديمي المصري: "لا أعتقد بوجود خلافات لأن الحكام العرب موظفون مأمورون من قبل واشنطن، فلا يملكون مجرد حق التمرد وهم ينفذون الأوامر".

 


"تمويل ضعيف ودعم جيد"

من جانبه، قال القيادي بالحركة المدنية (أكبر التجمعات المعارضة داخل مصر)، السياسي مجدي حمدان، إن "التمويل الذي حصلت عليه مصر بقمة المناخ مخيب للآمال، والحكومة توقعت تمويلا بـ50 مليار دولار، ولكن المبالغ حتى الآن 750 مليون دولار، من أمريكا وألمانيا".

وفي حديثه لـ"عربي21"، أعرب عن عدم فهمه لـ"سبب الربط الحاصل بقمة المناخ مع ملف حقوق الإنسان بمصر"، مشيرا إلى أن "تلك القمم دائما ما تكون قاصرة على الحديث عن الانبعاث الحراري وتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وغاز الميثان، لكن ارتباطها بحقوق الإنسان غريب".

ويرى حمدان، أن "عدم تحدث بايدن، عن الملف الحقوقي المصري خلال القمة، يرجع لوضع بلاده الآن، وعدم رغبتها في خسارة أي حليف، خاصة أنها تعتبر أن مصر شريك استراتيجي وحليف قوي وأنها لا يجب أن تخسر القيادة المصرية أو تؤثر على قرارها".

ويعتقد أن "أمريكا لديها سياسات ومحددات ترى فيها ما يخصها، ولهذا فإن بايدن، لم يتحدث علنا في ملفات كثيرة، ولكن ربما في الغرف المغلقة يكون قد تحدث، وناشد السيسي الإفراج عن بعض معتقلي الرأي، وبينهم علاء عبدالفتاح".

وقال: "بالتأكيد أن السيسي حصل على دعم كبير من الحضور، وأعتقد أن (كوب 27)، حققت ما كانت تصبو إليه الحكومة المصرية، ما عدا نقطة الدعم التي جاءت مخيبة، لكن هناك دعم سياسي ومعنوي".

وأضاف: "نجحت الحكومة المصرية في تقديم ملفات ذات اهتمام مشترك مع العالم وخاصة بجزئية المناخ والتحول للوقود الأخضر والأزرق، وجهزت مشاريع ومناطق وطرق عمل مشتركة جذبت بعض الدول بينها الدعم الألماني وبعض الدول الأخرى ربما يتم الإعلان عنها لاحقا".

وختم بالقول: "أما عن إيداع قطر مليار دولار بالبنك المركزي المصري، فهو جزء من حصص في شركات القطاع العام والأراضي التي ستشتريها من مصر، وأودعت هذا المبلغ تحت هذا البند، وبالطبع فهو يشكل دعا للاقتصاد ومكاسب للحكومة القطرية أيضا".

 

التعليقات (6)
جمال الجمال
السبت، 19-11-2022 05:25 م
هنالك الكثير من النفايات القابلة للتدوير ؟؟!!
تدوير النفايات
الإثنين، 14-11-2022 12:07 ص
الذى أعاد تدوير ذليل مصر مؤقتا بعدم النزول فى ما سمى بثورة المناخ هو الشعب المصرى والذى سينهى التدوير حتما هو الشعب المصرى. لا تستطيع قوه مهما كان حجمها أو نفوذها أن يكون لها قرار أعادة تدوير أى نفايه ممن يطلق عليه رئيس موالى إذا نزل الشعب إلى الشوارع ودامت له السيطره ، ولم تستطع أمريكا أن تعيد تدوير الحليف على مدى 30 سنه حسنى مبارك أثناء ثورة 2011 ولم تستطع اسرائيل إنقاذه وهو من أطلقوا عليه كنزهم الأستراتيجى فلماذا يعتقد البعض أن هناك قوى خارجيه تستطيع أعادة تدوير ذليل مصر إذا قرر الشعب المصرى أنهاء حكمه والذى إن شاء الله نراه قريبا ويرونه بعيدا وإن غدا لناظره قريب فقط بحسن الظن فى الله.
محمد اليبي
الأحد، 13-11-2022 07:26 م
ان الخنزير علي اشكالها تقع .
ابوعمر
الأحد، 13-11-2022 06:15 م
أكيد سيتم(تدويــره)من تحت......مؤكد...
واحد من هون
الأحد، 13-11-2022 06:14 م
من الناحية العلمية البحتة ، بعض النفايات البشرية غير قابلة لإعادة التدوير (مثل غالبية أنواع البلاستيك)، و حين يبلغ الإنسان السكير من العمر عتياً فهو غير قابل لإعادة التدوير (بمعنى إعادة الشباب إليه إطلاقاً ).