قال السفير الأمريكي السابق في
تونس،
البروفيسور غوردون غري، إنه ينبغي على الولايات المتحدة اتخاذ ثلاث خطوات حيال
مستجدات الأزمة التونسية، على رأسها "الاستفادة من النفوذ في المجلس التنفيذي
لصندوق النقد الدولي بحيث تتطلب حزمة القروض قيد الدراسة قيام سعيّد بإجراء
إصلاحات سياسية واقتصادية على حد سواء".
ومؤخرا، أرجأ صندوق النقد الدولي إلى
أجل غير مسمى النظر في ملف الاتفاق المبدئي لحصول تونس على قرض بقيمة 1.9 مليار
دولار.
وأضاف غري، في مقابلة خاصة مع
"عربي21": "ينبغي لواشنطن أن تُبقي المساعدات الممنوحة لتونس من
قِبل مؤسسة (تحدّي الألفية) الأمريكية، والبالغة قيمتها 498.7 مليون دولار، قيد
الدراسة والنظر الفعلي كحافز إيجابي للرئيس سعيّد لإعادة تونس إلى المسار
الديمقراطي".
اظهار أخبار متعلقة
ومؤسسة تحدّي الألفية (MCC) هي وكالة مساعدات خارجية أمريكية تجديدية
ومستقلة تساعد في مقاومة الفقر على المستوى العالمي. أنشأها الكونغرس عام 2004
بدعم من كلا الحزبين (الديمقراطي والجمهوري)، وتقيم شراكات مع دول ملتزمة بالحوكمة
الرشيدة والحرية الاقتصادية والاستثمار في التقدم بمواطنيها.
ودعا غري، وهو أستاذ في كلية الشؤون
الدولية بولاية بنسلفانيا الأمريكية، بلاده إلى ضرورة "بذل قصارى جهدها لدعم
المجتمع المدني التونسي، بما في ذلك من خلال دعوة قادة المجتمع المدني -وليس
المسؤولين الحكوميين- إلى مؤتمر (قمة من أجل الديمقراطية) المقرر عقده في الفترة 29- 30 آذار/ مارس".
وأشار الدبلوماسي الأمريكي السابق إلى
أن "هناك تكهنات حاليا بإمكانية إجراء حوار وطني ثان على غرار الحوار الذي
حازت بفضله اللجنة الرباعية الراعية للحوار الوطني بتونس على جائزة نوبل للسلام في
سنة 2015، وستكون هذه خطوة في الاتجاه الصحيح".
اظهار أخبار متعلقة
وكان الأمين العام لحزب الاتحاد الشعبي
الجمهوري في تونس، لطفي المرايحي، كشف، في مقابلة سابقة مع "عربي21"، أن
"الاتحاد العام التونسي للشغل سيدعو خلال شهر كانون الثاني/ يناير الجاري إلى
حوار وطني، وأن الأحزاب السياسية ستلبي على الفور دعوة اتحاد الشغل في حال إطلاقها
رسميا".
وتشهد تونس أزمة اقتصادية حادة فاقمتها
تداعيات تفشي جائحة كورونا، وارتفاع تكلفة استيراد الطاقة والمواد الأساسية جراء
الحرب الروسية-الأوكرانية المستمرة منذ 24 شباط/ فبراير الماضي، فضلا عن السياسات
والإجراءات التي اتخذها قيس سعيّد عقب انقلابه على الحكومة والبرلمان.
وتاليا نص المقابلة الخاصة مع
"عربي21":
كيف تنظرون إلى المشهد التونسي اليوم
بعد الانتخابات البرلمانية؟
أرى أن الوضع في تونس لا يختلف عما كان
عليه قبل الانتخابات؛ لقد توقع جميع المراقبين هذا الإقبال الضعيف للغاية
للناخبين، الأمر الذي يوضح مدى النقص في شرعية المشروع الدستوري والسياسي للرئيس
قيس سعيّد، ويعكس رغبة الشعب التونسي المفهومة في أن تقوم الحكومة بإصلاح الاقتصاد
بدلا من إهدار الوقت والطاقة في مشاريع سعيّد السياسية الخفية.
كيف تقيمون موقف إدارة الرئيس الأمريكي
جو بايدن من الأزمة التونسية؟
الإدارة الأمريكية تشعر بالقلق، لكنها
حذرة للغاية. لقد شجب وزير الخارجية أنتوني بلينكن في الحقيقة "التآكل المقلق للمعايير
الديمقراطية" و"تعليق الحكم الدستوري، وترسيخ السلطة التنفيذية، وإضعاف
المؤسسات المستقلة" عندما أصدر بيانا في 28 تموز/ يوليو 2022 حول الاستفتاء
الدستوري الذي تم إجراؤه في تونس.
من ناحية أخرى؛ أصدر المتحدث باسم
وزارة الخارجية الأمريكية بيانا في 18 كانون الأول/ ديسمبر 2022 حول الانتخابات
البرلمانية في اليوم السابق من خلال وصفها بشكل غير دقيق بأنها "خطوة أولية
أساسية نحو استعادة المسار الديمقراطي للبلاد".
إلى متى ستتجاهل واشنطن الوضع المتدهور
في تونس؟
ستكون المنافسة مع الصين، وتقديم الدعم
لأوكرانيا، وإصلاح اقتصادنا، ومعالجة تغير المناخ على رأس أولويات الإدارة لسنة
2023. ومن غير المرجح أن تحظى تونس بالاهتمام الذي أعتقد أنها تستحقه.
حسب رأيك، ما الذي يجب أن تفعله
الولايات المتحدة حيال مستجدات الأزمة التونسية؟
ينبغي على الولايات المتحدة أن تتخذ
ثلاث خطوات على الأقل: أولا، ينبغي أن تستفيد من نفوذها في المجلس التنفيذي لصندوق
النقد الدولي بحيث تتطلب حزمة القروض قيد الدراسة والبالغة قيمتها 1.9 مليار دولار
قيام سعيّد بإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية على حد سواء.
ثانيا، ينبغي لها أن تُبقي المساعدات
الممنوحة لتونس من قِبل مؤسسة (تحدّي الألفية) الأمريكية، والبالغة قيمتها 498.7
مليون دولار، قيد الدراسة والنظر الفعلي كحافز إيجابي للرئيس سعيّد لإعادة تونس
إلى المسار الديمقراطي.
ثالثا، يجب أن تبذل الولايات المتحدة
قصارى جهدها لدعم المجتمع المدني التونسي، بما في ذلك من خلال دعوة قادة المجتمع
المدني -وليس المسؤولين الحكوميين- إلى مؤتمر (قمة من أجل الديمقراطية) المقرر
عقده في الفترة ما بين 29-30 آذار/ مارس.
الرئيس قيس سعيّد شدّد سابقا على رفضه
الكامل لـ "التدخلات الخارجية" في بلاده، مؤكدا أن تونس دولة حرة مستقلة
ذات سيادة.. ما تعقيبكم على هذه التصريحات؟
صرّح زين العابدين بن علي بنفس
التصريحات عندما عملت سفيرا للولايات المتحدة في تونس، كنّا نسمع الشيء ذاته. ولكن
لم يكن "التدخل الأجنبي" السبب وراء إحجام تسعة من كل عشرة تونسيين عن
التصويت في 17 كانون الأول/ ديسمبر. أعتقد أنها إجابة استبدادية مُعتادة بإلقاء
اللوم على قوى أجنبية.
ما هو مستقبل العلاقات الأمريكية
والتونسية في ظل المشهد الحالي؟
ستبحث الولايات المتحدة عن طرق لمواصلة
دعم الشعب التونسي، ولكن -وفق المصطلحات الدبلوماسية- من المرجح أن تكون العلاقات
بين الحكومات حذرة أكثر من كونها ودية.
ماذا لو استمر الرئيس قيس سعيد في
منصبه لفترة أطول؟
الأمر سيّان: ستكون العلاقات حذرة
وليست ودية.
ما هو تقييمك لموقف الجيش التونسي من
الأزمة الحالية؟
باعتبارهم وطنيين تونسيين، فإن الجيش
على الأرجح مستاء من فشل الرئيس سعيد في معالجة التحديات الاقتصادية التي يواجهها
الشعب التونسي.
ما الذي ستنتهي إليه الأزمة التونسية
خلال الفترة المقبلة من وجهة نظرك؟
لقد توحد المجتمع المدني للإطاحة
بالرئيس زين العابدين بن علي، وتعاون مرة أخرى لمعالجة الفجوة السياسية في سنة
2013.
هناك تكهنات حاليا بإمكانية إجراء حوار وطني جديد،
مثل الحوار الذي حازت بفضله اللجنة الرباعية الراعية للحوار الوطني في تونس على
جائزة نوبل للسلام في سنة 2015، وستكون هذه خطوة في الاتجاه الصحيح.