لا يهم
نتنياهو اليميني المتطرف أن يشكل حكومة يشارك
فيها من هم أشد تطرفا منه، ما دام هو موجودا على رأس السلطة التي أدمنها إدمان
الحكام العرب؛ فقد أصيب مثل كثير منهم بمرض السلطة، وهو مستعد مثلهم لفعل أي شيء
يبقيه على رأس النظام، مهما كان ذلك الشيء، بما فيه التحالف مع العصابات الفاشية
الإجرامية؛ لا سيما وهو يبحث عن سبيل للتحرر من قيود الملاحقات القضائية التي
تطارده بسبب قضية الرِّشى والفساد المعروفة، ولو كان ذلك على حساب سمعته الملوثة
أصلا في الأوساط السياسية المحلية والعالمية.
يريد حلفاء نتنياهو الفاشيون الجدد فرض إرادتهم على
الفلسطينيين وإذلالهم بكل وسيلة ممكنة، والسيطرة على المسجد الأقصى وتغيير
التركيبة السكانية للقدس؛ فها هو وزير الأمن الوطني الجديد في
إسرائيل، المتطرف إيتمار
بن غفير، يبدو مستعدا لإشعال فتيل حرب دينية، ويطالب ببناء كنيس
يهودي لصيق بالمسجد الأقصى، وبطرد أعضاء الكنيست العرب واليساريين المتشددين، بمن
فيهم بعض أعضاء اليسار الإسرائيلي الذين يدافعون عن حقوق الفلسطينيين، كما يطالب
بإبعاد المعتقلين الفلسطينيين بعد قضاء فترة اعتقالهم عن فلسطين، إضافة إلى سلسلة
طويلة من الإجراءات الهمجية التي ينادي بتطبيقها.
يريد حلفاء نتنياهو الفاشيون الجدد فرض إرادتهم على الفلسطينيين وإذلالهم بكل وسيلة ممكنة، والسيطرة على المسجد الأقصى وتغيير التركيبة السكانية للقدس؛ فها هو وزير الأمن الوطني الجديد في إسرائيل، المتطرف إيتمار بن غفير، يبدو مستعدا لإشعال فتيل حرب دينية
وقد بدأ بن غفير حياته السياسية الرسمية وزيرا للأمن
الوطني؛ بزيارة لمجمع المسجد الأقصى في البلدة القديمة واقتحام ساحات الأقصى، مع ما قيل من
أنه اتفق مع نتنياهو على تأجيل هذه الجريمة، لتجنب ما قد ينجم عنها من توترات مع
الجانب الفلسطيني. فلم ينتظر بن غفير طويلا ليبدأ أولى غزواته باتجاه المسجد
الأقصى محصنا بقوات الأمن التي تقع تحت رئاسته، وهو يعلم جيدا أن نتنياهو لا
يستطيع أن يفعل شيئا تجاه تصرفاته، لأن رقبته في يده، فتحالُف نتنياهو معه هو
الضمانة الوحيدة لاستمرار حكومة الأخير.
وأمام ما تعرضت له حكومة الكيان المحتل من ضغوط أمام
الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث تم التصويت على إدانة الاحتلال وإجراءاته
القمعية ضد الفلسطينيين والاستيلاء على الأراضي وتوسيع المستوطنات؛ لم تتوانَ
الحكومة الجديدة التي يلعب فيها التطرف في خط الهجوم عن اتخاذ إجراءات عقابية على
السلطة الفلسطينية والفلسطينيين؛ فقد قرر المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغّر
للشؤون السياسيّة والأمنيّة قبل أيام، وفي الاجتماع الأول له، الاستيلاء على نحو
37.3 مليون دولار من أموال السلطة الفلسطينيّة المستحقة لدى حكومة الاحتلال، من
أموال الرسوم الجمركية، لعائلات يهودية مما أسماه ضحايا هجمات فلسطينيّة، مع
مصادرة أموال -لم تحددها- توازي تلك الأموال التي دفعتها السلطة لعائلات الشهداء
والأسرى الفلسطينيين العام 2022. كما قرر المجلس تجميد موافقات على البناء
للفلسطينيين في بعض مناطق الضفة الغربية.
هذا ناهيك عن التعليمات الجديدة بشأن إطلاق الرصاص الحي
على راشقي الحجارة من الصبية والشبان الفلسطينيين، حين يعدم الجنود الوسيلة لإيقاف
رشقات الحجارة. وهي طريقة قتل جديدة وممنهجة؛ فمن ذا الذي يقرر متى يكون رمي
الحجارة على الجنود خطيرا وغير قابل للسيطرة، ومتى يكون آمنا..؟! إنها وسيلة
قتل فاشية جديدة تؤشر على إجرام ووحشية لم يزل يعاني منها الفلسطينيون منذ النكبة
حتى اليوم؛ فالمذابح الصهيونية التي بدأت عام 1947 ولم تنتهِ بعد تؤكد أن ما يسمى
بدولة إسرائيل ليست إلا كيانا فاشيا قاتلا لكل معاني الإنسانية والرحمة والأخلاق.
إنها وسيلة قتل فاشية جديدة تؤشر على إجرام ووحشية لم يزل يعاني منها الفلسطينيون منذ النكبة حتى اليوم؛ فالمذابح الصهيونية التي بدأت عام 1947 ولم تنتهِ بعد تؤكد أن ما يسمى بدولة إسرائيل ليست إلا كيانا فاشيا قاتلا لكل معاني الإنسانية والرحمة والأخلاق
إن وجود شخص متطرف فاشي مثل بن غفير في موقع وزير الأمن
الصهيوني يبعث على كثير من القلق، ذلك أن التعصب الديني والبلطجة والأقوال
والأفعال غير المسؤولة التي تحكم أداءه بشكل عام ربما تؤدي إلى حرب دينية تعم كامل
التراب الفلسطيني بما فيه أراضي 1948، ما لم يستطع نتنياهو التخفيف من حدة تصرفات
بن غفير الإجرامية القائمة على الكراهية والحقد الأعمى على الفلسطينيين ومن ورائهم
العرب؛ فهو معروف بعدائه الشرس للعرب والمسلمين، وبأفكاره المتطرفة القائمة على
تعاليم التوراة المحرفة، التي ينص سفر التثنية [20: 16] فيها على: "أما
مُدُنُ الشُّعُوبِ الَّتِي يَهَبُهَا الرَّبُّ إِلَهُكُمْ لَكُمْ مِيرَاثاً فَلاَ
تَسْتَبْقُوا فِيهَا نَسَمَةً حَيَّةً، بَلْ دَمِّرُوهَا عَنْ بِكْرَةِ أَبِيهَا،
كَمُدُنِ الْحِثِّيِّينَ وَالأَمُورِيِّينَ وَالْكَنْعَانِيِّينَ
وَالْفِرِزِّيِّينَ وَالْحِوِّيِّينَ وَالْيَبُوسِيِّينَ، كَمَا أَمَرَكُمُ
الرَّبُّ إِلَهُكُمْ"، إضافة إلى أسفار أخرى يضيق المقال عن سردها، وهذا ما
ينطلق بن غفير منه في كراهية الفلسطينيين والعرب والمسلمين.
إن لم يتم كبح جماح هذا المجرم؛ فسوف يؤدي ذلك إلى
مواجهة دموية تحرق الأخضر واليابس في الاتجاهين، وسوف تذهب الأوضاع إلى انتفاضة
جديدة يستخدم فيها الفلسطينيون السلاح على نطاق واسع، ومن غير المستبعد أن تؤدي شراسة
المواجهة إلى تفكيك السلطة الفلسطينية، وانحياز أعداد كبيرة من أفراد الشرطة
الفلسطينية إلى المقاومة، دفاعا عن وطنهم وشعبهم.
وفي حال استمر بن غفير في مشروعه الإجرامي الاستئصالي،
سيكون ذلك مثار اهتمام عالمي، وسيضع القضية الفلسطينية من جديد على رأس أولويات
المجتمع الدولي، وسيقوي من فرص الفلسطينيين بالحصول على مزيد من التأييد الشعبي
والرسمي العالمي، على الرغم من الانحياز التقليدي للكيان الصهيوني؛ ذلك أن الشعوب
في الغرب بدأت تعي حقيقة الظلم الواقع على الشعب الفلسطيني، والحكومات في الغرب
تستجيب -ولو في الحد الأدنى- لمطالب شعوبها، وتستمع إلى صوتها، لا كما يحدث في
عالمنا العربي. ورُب ضارة نافعة..
لكن ما لم يحسب بن غفير له حسابا هو بركان الغضب
الفلسطيني، فهو يتخيل أنه قادر على فعل ما يشاء، وأن قوة السلاح كافية لإلحاق
الأذى بالفلسطينيين، غير مدرك بأنه سيهيّج الفلسطينيين في الضفة والقطاع وأن حركة
حماس لن تبقى مكتوفة الأيدي، وأن فلسطين الداخل ستنتفض في وجهه ووجه حكومته التي
قد تسقط سريعا جراء ما يخطط للقيام به، فليس من مصلحة نتنياهو أن يستمر في حكومة
كهذه، خصوصا إذا استطاع أن ينتزع حصانة من أي نوع للخروج من أزمته القضائية قبل
إعلان وفاة هذه الحكومة.
وفي اللحظة التي يتوقع فيها العدو قبل الصديق أن تجد هذه
الحكومة الفاشية المتطرفة رفضا من قبل الأنظمة العربية، قام سفير الإمارات المتحدة
في تل أبيب بالالتقاء ببن غفير في الذكرى 51 لاستقلال دولة الإمارات، كما قام
باستقبال المتطرف الصهيوني "بتسلئيل سموتريتش" المقرب من بن غفير وشريكه
السياسي، وهو معروف بآرائه المتطرفة التي لا تقل سوءاً عن آراء بن غفير.
تقرر الإمارات إدراج "الهولوكوست" في المناهج الدراسية للطلبة الإماراتيين؛ وهو ما يثير مزيدا من الأسئلة عن دور الإمارات في اللعبة شرق الأوسطية، وعلى رأسها قضية فلسطين، وعن أسرار العلاقة مع الكيان الصهيوني، لا سيما بعد تشكيل هذه الحكومة المتطرفة؛ فما قامت به الإمارات لا يعدو كونه تلميعا لصور مجرمين وقتلة على حساب قضية الشعب الفلسطيني
وبعد أيام من اللقاء الذي جمع بين سفير دولة الإمارات في
تل أبيب وبن غفير، قام رئيس الكيان المحتل "إسحاق هرتسوغ" بزيارة إلى
أبو ظبي، التقى فيها برئيس دولة الإمارات محمد بن زايد؛ ثم أخيرا تقرر الإمارات
إدراج "الهولوكوست" في المناهج الدراسية للطلبة الإماراتيين؛ وهو ما يثير
مزيدا من الأسئلة عن دور الإمارات في اللعبة شرق الأوسطية، وعلى رأسها قضية
فلسطين، وعن أسرار العلاقة مع الكيان الصهيوني، لا سيما بعد تشكيل هذه الحكومة
المتطرفة؛ فما قامت به الإمارات لا يعدو كونه تلميعا لصور مجرمين وقتلة على حساب
قضية الشعب الفلسطيني الذي يئن تحت ضربات تأتيه من كل صوب وحدب.
وليس أخيرا فقد تجمع آلاف المتظاهرين الإسرائيليين وسط
تل أبيب ضد حكومة نتنياهو وائتلافه الحاكم يوم أول أمس الأحد (8 كانون الثاني/
يناير)، رافعين لافتات كتب عليها: "رئيس وزراء مجرم" مرفقة بصور
لنتنياهو. وهو ما يؤشر على خلافات كبيرة ومتفاقمة في المنظومة الاجتماعية
الصهيونية، والقادم أظنه أسوأ بكثير مما يبدو للعيان، ولا أتخيل مطلقا أن تستقر
حال الحكومة الحالية أو التي ستليها، وستظل الحكومات الصهيونية المتعاقبة يأكل
بعضها بعضا إلى أن ينهار هذا الاحتلال الفاشي؛ فقد آن أن تتغير المعادلات..