صحافة دولية

إيكونوميست: تركيا تسعى للتقارب مع الأسد الذي حاولت الإطاحة به

إيكونوميست: حتى لو حصل الأسد على فرصة صورة مع أردوغان فلن يسحب الأخير قواته - الأناضول
إيكونوميست: حتى لو حصل الأسد على فرصة صورة مع أردوغان فلن يسحب الأخير قواته - الأناضول
نشرت مجلة "إيكونوميست" تقريرا تحدثت فيه عن المساعي التركية للتصالح مع النظام السوري، رغم أنها حاولت سابقا الإطاحة به.

ووصفت المجلة العلاقة بين تركيا ودمشق بـ"العبثية"، مشيرة إلى أن الطرفين تبادلا على مدى السنوات الماضية الشتائم، حيث وصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نظيره السوري بـ"الإرهابي والسفاح وقاتل الأطفال"، بينما رأى الأسد أن نظيره التركي "سارق وقاتل وموظف سابق لدى الأمريكيين".

ورأت المجلة أنه يمكن الغفران لكل شيء في الدبلوماسية أو على الأقل نسيانه رسميا، لكن من الصعب الغفران لصديق دعم رجالا أرادوا قتلك، في إشارة لدعم تركيا لفصائل المعارضة السورية.

وأشارت إلى أن البلدين لديهما أسبابهما للتقارب، لكن هناك أيضا معوقات، منبهة إلى أن اللقاءات المؤجلة تقدم الكثير عن وضع سوريا.

واعتبرت أن الحديث عن بشار الأسد بعد 12 عاما على أول تظاهرة ضده، يمكن أن يتم بطريقتين، الأولى كناج استطاع تجاوز التمرد وظل ممسكا بالسلطة ويخرج تدريجيا من عزلته. أما الثانية فكمتسول لديه القليل من الأصدقاء وبلد محطم.

وأضافت: "كلا الوصفين صحيح، فهو ناج ومتسول، انتصر في الحرب وخسر السلام".

اظهار أخبار متعلقة


ولفتت إلى أنه من السهل رؤية السبب الذي يدعو الأسد للتصالح مع تركيا التي تسيطر على 5% من الأراضي السورية ويعيش فيها ربع سكان سوريا. ومن ناحية أخرى، فاستئناف العلاقات مع تركيا سيكون انقلابا دبلوماسيا، بسبب دعم أنقرة المعارضة ولكونها عضوا في حلف الناتو.

وبالنسبة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فله أسبابه الخاصة، فوجود 4 ملايين لاجئ سوري في تركيا أصبح مصدر مضايقة له، وقضية مفيدة لمعارضيه لاستخدامها في الانتخابات المقبلة.

 ويريد الحزب الحاكم، حزب العدالة والتنمية التفكير بأن التطبيع مع نظام الأسد، سيحل مشكلة اللاجئين مع أن هذا لن يحدث على الأرجح.

وتلعب دول أخرى دورا منها روسيا التي ساعدت في عام 2015 الأسد على تجنب الهزيمة وتقيم علاقات عميقة إن لم تكن معقدة مع تركيا. وسيشعر فلاديمير بوتين، بالنشوة لرؤية دولة حليفة للغرب تتعامل مع منبوذ للغرب.

وهناك الإمارات العربية المتحدة الراغبة بلعب دور الوسيط والتي أعادت فتح سفارتها في دمشق عام 2018 ورحبت بالأسد في أول رحلة لدولة عربية منذ بداية الانتفاضة.

ورأت أن لقاء الزعيمين لو حصل، فالتوقعات منه لن تكون كبيرة، فالأسد يريد من تركيا الانسحاب من الأراضي التي تسيطر عليها، وعليه بالمقابل تحمل مسؤولية الحد من نشاطات قوات حماية الشعب الكردية أو واي بي جي التي تسيطر على مناطق واسعة في شمال- شرق سوريا، وسيكون في وضع ضعيف للحد من نشاطاتهم.

وحتى لو حصل الأسد على فرصة صورة مع أردوغان، فلن يسحب الأخير قواته.

وتقول المجلة إن هذا بات ملمحا دائما حيث يخرج الأسد من عزلته في الشرق الأوسط إن لم يكن الغرب بدون أن يكون لديه ما يقدمه. فمن ناحية كان الأسد يأمل من أن تفتح العلاقات مع الإمارات بوابة دخول الأموال للإعمار، وحتى وإن لم تكن العقوبات الأمريكية على سوريا سببا، فالشركات الإماراتية لم تصطف في طوابير لكي تستثمر أموالها ودعم النخبة الفاسدة.

ولم يساعد أصدقاء سوريا القدامى أيضا، فروسيا لم تستثمر أبدا في البلاد وباستثناء حصولها على امتيازات للتنقيب عن النفط والغاز على الشاطئ السوري والتنقيب عن الفوسفات فلم تستثمر شيئا، وهذه الاستثمارات هي من أجل تحقيق الربح لروسيا وليس إنعاش الاقتصاد.

ونفس الأمر ينطبق على إيران التي ظلت المورد الرئيس للنفط إلى سوريا، ولكنها في الأشهر الأخيرة باتت تمدها بالقليل منه، وهي تفضل بيع ما تستطيع منه إلى الصين بسعر قريب من أسعار السوق ومقدما.

اظهار أخبار متعلقة


ونتيجة لهذا فقد توقفت محطات توليد الطاقة في سوريا هذا الشتاء، وسط انقطاع التيار الكهرباء لما يقرب عن 22 ساعة في اليوم، وتقف السيارات لساعات طويلة من أجل البترول.

واعتبرت المجلة أن الوضع البائس في سوريا يمثل إشارة لأعداء الأسد، بخاصة في واشنطن أن العقوبات ناجحة، فكلما زاد الضغط المعيشي زادت احتمالات الثورة الشعبية. إلا أن هذه الرؤية لا تحظى بشعبية بين جيران سوريا وحتى القوى المعارضة للنظام التي تقول إن تفتيش الناس عن الخشب لتدفئة منازلهم لا يجعلهم قوى قادرة على قيادة الثورات.

ورأى الفريق الأخير الأمر صحيحا حتى الآن، فباستثناء تظاهرات في منطقة السويداء لم تشهد سوريا احتجاجات ضد النظام. وهذا أمر مطمئن للأسد الذي وإن لم يعد شخصية غير مرغوب بها في عواصم المنطقة إلا أنه لم يعثر بعد على شخص مستعد لدفن ملياراته لإعمار البلد المحطم. ولو خرجت سوريا من العزلة هذا الشتاء، فسيكون مجرد كلام فقط.
التعليقات (0)