صدر بالجريدة الرسمية للمملكة
المغربية،
قانون رقم 18.18 المتعلق
بجمع التبرعات وتوزيع المساعدات، بعد ما أثاره من نقاش، بسبب ما يقول مراقبون إن
بنوده قيدت
العمل الخيري والتطوعي، وستؤثر على أداء الجمعيات العاملة في الميدان
الاجتماعي بشكل كبير.
ويحدد القانون، الصادر يوم 9 كانون الثاني (يناير) الجاري، شروط دعوة
العموم إلى التبرع، وقواعد تنظيم عمليات جمع التبرعات وأوجه استخدامها، وشروط
وقواعد توزيع المساعدات لأغراض خيرية وإنسانية، وإجراءات المراقبة الجارية عليها.
وينص القانون على أنه لا يجوز دعوة العموم إلى التبرع إلا من قبل جمعية
أو عدة جمعيات مؤسسة بصفة قانونية ومسيرة طبقا لأنظمتها الأساسية، غير أنه يجوز،
بصفة استثنائية، دعوة العموم إلى التبرع وجمع التبرعات من قبل مجموعة من الأشخاص
الذاتيين، إذا كان الغرض من ذلك تقديم مساعدات عاجلة لفائدة شخص أو أكثر في حالة
استغاثة عند وقوع كوارث أو آفات أو حوادث ألحقت بهم أضرارا، شريطة الحصول مسبقا
على ترخيص بذلك من قبل الإدارة.
وللحصول على الترخيص من أجل دعوة العموم إلى التبرع وجمع التبرعات
يشترط القانون أن تكون الجمعية أو الجمعيات الداعية إليه مؤسسة طبقا للقانون
ومسيرة طبقا لأنظمتها الأساسية، وأن لا يكون قد صدر في حق الداعين أو أحد الداعين
إلى التبرع مقرر قضائي مكتسب لقوة الشيء المقضي به من أجل ارتكاب إحدى الجنايات أو
الجنح ضد أمن الدولة أو جريمة إرهابية أو إحدى الجنايات أو الجنح المتعلقة
بالأموال أو التزوير أو التزييف أو النصب أو الانتحال أو الرشوة أو استغلال النفوذ
أو الغدر أو اختلاس أو تبديد المال العام أو الاتجار في البشر أو تبييض الأموال،
بالإضافة إلى أن يكون الغرض أو الأغراض من جمع التبرعات من العموم تحقيق أحد الأهداف
التي تم ذكرها،
ومن بين الشروط أيضا، إيداع الأموال النقدية المتحصل عليها من العموم
في حساب بنكي مخصص لهذه العملية، كما لا يجوز الاستمرار في تلقي التبرعات بالحساب
البنكي المذكور خارج المدة المخصصة لجمع التبرعات، إلا بترخيص من أجل ذلك تسلمه
الإدارة ووفق الكيفيات المنصوص عليها في المادة 13 من هذا القانون.
كما يجب على كل جهة دعت إلى التبرع إخبار العموم، بأية وسيلة من
الوسائل المتاحة، بحصيلة التبرعات التي تم جمعها، إلى جانب أنه يحق لكل متبرع
الاطلاع لدى الجهة المرخص لها بجمع التبرعات على حصيلة العملية والتأكد من إنفاقها
في الأغراض المخصصة لها، مع ضرورة احتفاظ الجهة المرخص لها بجمع التبرعات
بالسجلات والوثائق والبيانات المالية المرتبطة بالعملية، وذلك لمدة لا تقل عن خمس
سنوات.
وتخضع كل عملية توزيع للمساعدات العينية لأغراض خيرية وإنسانية من
لدن كل جمعية أو شخص ذاتي للتصريح المسبق لدى عامل العمالة أو الإقليم المزمع توزيع
المساعدات في دائرة نفوذه عشرة أيام قبل تاريخ العملية، و24 ساعة في الحالات التي
تستدعي التدخل العاجل.
وذكر القانون، وفق تقرير لصحيفة "الصحراء" المغربية، أنه
يجب على كل جهة دعت العموم إلى التبرع وجمع التبرعات، موافاة الإدارة بتقرير مرفق
بجميع الوثائق والمعلومات التي تثبت تخصيص مجموع الأموال المتبرع بها لتحقيق الغرض
أو الأغراض المعلن عنها، وذلك داخل أجل أقصاه 30 يوما من تاريخ تحقيق الغرض أو
الأغراض المذكورة، مع مراعاة المقتضيات المنصوص عليها في القانون رقم 62.99
المتعلق بمدونة المحاكم المالية.
وفي حالة تجاوز حصيلة التبرعات مليون درهم، ألزم القانون علاوة على
ذلك، الجهة المكلفة بجمع التبرعات بالإدلاء بتقرير مالي حول استخدام الحصيلة
المذكورة، مصادق عليه من لدن خبير محاسب مقيد في جدول هيئة الخبراء المحاسبين، أو
محاسب معتمد يشهد بصحة الحسابات التي يتضمنها.
وفيما يتعلق بالعقوبات ينص القانون على عقوبات مالية تتراوح بين 5000
درهم (500 دولار) إلى 500 ألف درهم (5 آلاف دولار) على كل إخلال بالمقتضيات
الواردة في مواده، إذ تعاقب بغرامة مالية من 100 إلى 500 ألف درهم، المؤسسة الصحفية أو الإعلامية أو المؤسسة أو جهة أخرى كيفما
كانت طبيعتها تنشر أو تبث إعلانات تدعو
العموم إلى التبرع وجمع التبرعات خلافا لأحكام هذا القانون.
وقال صالح النشاط، الأستاذ الجامعي المغربي، "تأكد لي أن من فكر
في
التضييق على العمل الخيري وجمع التبرعات في هذا القانون 18.18 الذي نسخ قانون
04.71 يريد قتل سجية المغاربة في العمل الخيري، وتقديم التبرعات في سبيل الله".
واعتبر النشاط في تدوينة نشرها على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي
"فيسبوك"، أن صدور القانون بهذه الصيغة فيه انهزام للمجتمع، وانتصار لما
أسماها بـ “الدولة الخوافة أكثر من اللازم”، مشددا على أن الدول القوية تتقدم بإشراك
المجتمع في التنمية وتشجيع الأفراد والجماعات على جمع التبرعات وتوزيعها بكل حرية.
لكن، يردف الأستاذ الجامعي متأسفا، "نضحي بهذا الرأسمال المادي
واللامادي للمغاربة.. اليوم لا حركة ولا سكون إلا بعد إذن وتصريح وترخيص وزارة
الداخلية".
وتابع: "كلنا متفقون على وجود بعض الجهات وبعض الجمعيات وبعض
الأفراد يسترزقون بالعمل الخيري ويتاجرون به، لكن ليس هذا مبررا لنتخذه ذريعة
لتصفية الحساب مع العمل الخيري والتطوعي والتبرعي جملة وتفصيلا"، مشددا على أن كل
من ثبت استرزاقه بالعمل الخيري يُعاقَب وتُتخذ في حقه الإجراءات اللازمة.
وأضاف النشاط: "لكن رجاء دولتنا العزيزة والمحترمة جدا، اتركوا
المجتمع “هاز عليكم الصهد ديال الفقر والحاجة والعوز".. رجاء ورحمة بالبؤساء
والضعفاء والمحتاجين وبالتنمية الاجتماعية والاقتصادية والبيئية والدينية راجعوا
هذا القانون حتى ينسجم مع خصوصيات المغاربة المحسنين".
واسترسل: "المغربي الحر إذا تصدق بدرهم فهو يتبرع به لوجه
الله.. لا يحب أن يشهر به ويكتب اسمه في لوائح وتكتب معلوماته، أو حتى ذلك المغربي
المستفيد من توزيع التبرعات لا يحب أن يكتب اسمه ويشهر به وبسمعته لأنه أخذ 2 لتر
زيت وكيس دقيق وعلبة شاي وقالب سكر.. وتسلم اللوائح إلى الجهات المعنية".
وأردف: "كما أن هذا القانون سيقتل رغبة المغاربة في الانخراط
التطوعي في العمل الخيري، والعمل المدني، وتقديم المساعدات للفقراء والمحتاجين في
البوادي والقرى والجبال… لأن كل خطأ تنتظره عقوبات وغرامات مالية"، وفق
تعبيره.