ملفات وتقارير

3 مسارات مختلفة.. هل تعيد مصر رسم خريطتها الدبلوماسية؟

تحول مدبولي إلى قطر في أول زيارة يجريها رئيس وزراء مصري منذ تولي السيسي السلطة- الأناضول
تحول مدبولي إلى قطر في أول زيارة يجريها رئيس وزراء مصري منذ تولي السيسي السلطة- الأناضول
منذ بداية العام الجاري شهدت مصر مفاجآت اقتصادية ولكنها غير سارة. أما على الجانب السياسي فقد شهدت تطورا مثيرا على ثلاثة مسارات للمرة الأولى منذ أكثر من عقد من الزمن، في ما يتعلق بـ خارطتها السياسية والدبلوماسية في المنطقة.

شهد الأسبوع الجاري ثلاث زيارات، كانت في الماضي تعد من المستحيلات، الأولى إلى دولة قطر برئاسة رئيس وزراء مصر ووفد اقتصادي كبير، والثانية إلى تركيا للمرة الأولى منذ عام 2013 والثالثة إلى سوريا، للمرة الأولى منذ عام 2011، وقام بهما وزير الخارجية المصري سامح شكري.

في الزيارة الأولى، التقى مدبولي، الاثنين، في أول زيارة يجريها رئيس وزراء مصري منذ تولي رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي السلطة صيف 2014، التقى أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، واستعرض خلال اللقاء الجهود المصرية لجذب الاستثمارات الأجنبية، من بينها القطرية.

وذكر بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء المصري، أن أمير دولة قطر تطرق إلى "العلاقات الاقتصادية بين مصر وقطر، مؤكداً حرص قطر على تعزيز تلك العلاقات، وزيادة حجم الاستثمارات القطرية في مصر".

وتأتي زيارة مدبولي بعد أشهر من زيارة رئيس النظام المصري، عبد الفتاح السيسي، إلى الدوحة في أيلول/ سبتمبر الماضي، في أول زيارة رسمية إلى قطر.

وسبقت زيارة السيسي إلى الدوحة، زيارة لأمير قطر، في 24 حزيران/ يونيو الماضي، إلى القاهرة استمرت يومين، بحث خلالها مع السيسي تطوير العلاقات الثنائية.

وفي حزيران/ يونيو 2021، جرى توقيع اتفاق مصالحة في مدينة "العلا" السعودية أنهى خلافا بين السعودية والإمارات والبحرين ومصر من جانب وقطر من جانب آخر.

في الزيارتين الثانية والثالثة، أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري، زيارة لكل من تركيا وسوريا، بعد سنوات طويلة من توتر العلاقات، وسط تصريحات تعبر عن آمال بعودة العلاقات إلى طبيعتها بين الدول الثلاث.

وكشف المؤتمر الصحفي بين الوزيرين المصري ونظيره التركي مولود تشاووش أوغلو، لدى استقبالهما سفينة المساعدات المصرية في ولاية مرسين جنوبي تركيا، رغبة الدولتين في إعادة العلاقات إلى وضعها السابق بما ينعكس إيجابا على استقرار ورخاء المنطقة.

اظهار أخبار متعلقة


وردا على سؤال حول إمكانية عقد قمة بين الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان وعبد الفتاح السيسي، قال شكري: "بالتأكيد، ستكون هناك اتصالات في الوقت المناسب وفقا لرؤية الرئيسين".

كما تحدث السيسي مع الأسد هاتفيا للمرة الأولى غداة الزلزال الذي ضرب شمالي سوريا، فيما التقى وفد من رؤساء برلمانات عربية، بمن فيهم رئيس البرلمان المصري، بالأسد في دمشق الأحد.

وتعهد رجال أعمال أتراك خلال لقائهما رئيس الوزراء المصري للمرة الأولى منذ 10 سنوات بالقاهرة، منتصف الشهر الجاري بضخ استثمارات جديدة حجمها 500 مليون دولار في مصر، التي تعاني من أزمة اقتصادية حادة.

إعادة رسم الخريطة الدبلوماسية
ربط سياسيون ودبلوماسيون بين التطور في العلاقات الدبلوماسية بين مصر من جهة وقطر وتركيا وسوريا من جهة أخرى بمرور البلاد بواحدة من أسوأ أزماتها الاقتصادية، وانهيار التحالف الرباعي (مصر، السعودية، الإمارات، البحرين) الذي لم يعد له وجود، وتراجع دور مصر التاريخي.

وصف مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير عبد الله الأشعل، التحرك الدبلوماسي المصري تجاه الدول الثلاث بأنه "يأتي في سياق خارطة دبلوماسية جديدة لا تقوم على التحالفات الثنائية والبينية ولكن تقوم على المصالح المشتركة مع كل بلد على حدة".

اظهار أخبار متعلقة


وتوقع في تصريحات لـ"عربي21" أن "يشهد العام الجاري تحولا كبيرا في سياسات مصر الخارجية وعلاقاتها الدبلوماسية مع الدول الثلاث، ورغبتها في تعزيز هذا التقارب بزيادة العلاقات التجارية والاستثمارية المباشرة في اقتصادها الذي يمر بأوقات عصيبة".

حول طبيعة الزيارة التي قام بها شكري إلى سوريا وتركيا أوضح السفير المصري أن "زيارة وزير خارجية مصر دائما هي زيارة سياسية، رغم أن فيها قدر من التضامن مع البلدين في محنة تداعيات الزلزال المدمر، والسؤال هنا هو مستقبل العلاقات الدبلوماسية بين مصر وبين تلك الدول بانتظار وضع اللمسات الأخيرة خاصة بين مصر وتركيا والتي بدأت بمحادثات استكشافية استمرت نحو عامين".

نظام السيسي.. ومآرب أخرى
من جهته، يعتقد السياسي والبرلماني المصري السابق، الدكتور محمد عماد صابر، أن "لدى مصر مآرب متعددة في كل قضية، بالنسبة لتطور العلاقات بين مصر وتركيا هناك أهداف سياسية من تقارب العلاقات وهيي القضاء على بقايا المعارضة السياسية المصرية المقيمة في تركيا، أو على الأقل التضييق عليها، لتنتقل العلاقات بعدها من سياسة الأبواب الخلفية ( المباحثات عن طريق أجهزة الاستخبارات) إلى المستوى الرسمي والزيارات المتبادلة.. ثم لا شك أن مصر مهمة بالنسبة لمصالح تركيا في البحر المتوسط وليبيا وأفريقيا وسوريا....الخ".

وأضاف لـ"عربي21": "بالنسبة للتطور الإيجابي بين العلاقات المصرية القطرية، فهذا مرجعه أن قطر فرضت أمرا واقعا يصعب تجاوزه، وقد تغلبت على الحصار المفروض عليها، وحمى النظام فيها نفسه بتواجد القوات التركية على أرضه، ولم يجد النظام العسكري في مصر بدا من إعادة العلاقات مع قطر، خاصة في ظل تململ النظام الإماراتي والسعودي من تسولات السيسي التي لا تنتهي".

وبالنسبة لعلاقة مصر بسوريا (بشار الأسد )، يوضح صابر:  "فهي لم تكن سيئة بل على العكس فإن النظام العسكري في مصر ساند بشار الأسد من اليوم الأول ضد الثورة السورية، سانده ودعمه بالسلاح والخبرات العسكرية المصرية...الخ.. كما أن القوي الكبرى اتفقت فيما بينها على عدم الإطاحة لبشار الأسد حفاظا على تركيبة النظام العلوي النصيري في سوريا والحافظ لأمن إسرائيل.

واختتم حديثه بالقول: "إذن الأزمة الاقتصادية ليست السبب الوحيد بالنسبة لمصر لإعادة رسم علاقتها بدول المنطقة، فالقرار السياسي سواء  في  مصر أو سوريا أو قطر أو غيرهم من دول المنطقة  يرسمه القوى الكبرى تبعا لمصالحها وصراعها البارد مع الصين، وما يسمى بحكام العرب يتحركون حسب التعليمات الآتية من واشنطن والعواصم الأوربية، وليس صحيحا أنهم يتحركون بمقتضى المصلحة الوطنية أو مصلحة الأمة، فهم مجرد وكلاء للاستعمار وسماسرة الشعوب تأتمر بأمر بني الأصفر".

المحرك الأساسي للتطبيع المصري
في تقديره،  يعتقد مدير المعهد الدولي للعلوم السياسية والاستراتيجية في أسطنبول، أن "الأزمة الاقتصادية هي المحرك الأساسي لكل تحركات النظام المصري في الفترة الحالية فحجم الديون المطلوب سدادها قبل نهاية العام الحالي تتجاوز 23 مليار دولار و لا يوجد أي بارقة يمكنها أن تغطي هذا العجز،  فضلا عن الانخفاضات الجديدة المتوقعة في سعر الجنيه و التي تزيد الأزمة الحالية".

اظهار أخبار متعلقة


مضيفا لـ"عربي21": "لكن لا يمكن بأي حال اعتبار تلك التحركات خروج من التحالف الإقليمي الرباعي لأن الاقتصاد المصري مرهون فعليا لديه،  فمعظم الاحتياطات  الموجودة من النقد  الأجنبي  لدى البنك المركزي هي ودائع و ديون من هذا التحالف".

وتابع: "فضلا عن الاستثمارات المباشرة و الأصول المنتظر بيعها و التي سيكون الخليج المشتري الأول".

بحسب المنير "لذلك هذه التحركات هي محاولة لتحقيق أي مكاسب أو جني أي أموال لتعويض العجز،  لكن في ظل منظومة الفساد الحالية لا يمكن توقع نجاح خطوات النظام".

التعليقات (2)
احمد
الثلاثاء، 28-02-2023 11:37 ص
غريبه من بلحه أليست تركيا من تحتضن اخوان مصر و منها تنطلق قناه او اكثر لهم ؟ هل نيسينا الحملات الاعلاميه و الشتائم التي كانت توجه من شواذ الاعلام المصري لتركيا ؟ كما يبدو السيسي يريد اشراك تركيا بمزاد بيع مصر للمنافسه حتى ترفع دول الخليج من السعر
ابوعمر
الثلاثاء، 28-02-2023 08:47 ص
وهل يملك الشحاتين خططادبلوماسية على غرار الناس المحترمة.........