قضايا وآراء

ابن سلمان ومذهب المغامسي الفقهي المزعوم!!

عصام تليمة
لا يمكن أن يفصل باحث يريد تناول أو مناقشة دعوة المغامسي لمذهب ديني جديد، بعيدا عن الوضع الجديد والظروف الجديدة في السعودية (تويتر)
لا يمكن أن يفصل باحث يريد تناول أو مناقشة دعوة المغامسي لمذهب ديني جديد، بعيدا عن الوضع الجديد والظروف الجديدة في السعودية (تويتر)
منذ بضع أيام خرج الداعية السعودي الشيخ صالح المغامسي على إحدى القنوات السعودية، في حوار لا يمكن أن يكون عفويا، فقال: إنني أرجو أن يوفقني الله لإنشاء مذهب فقهي جديد، ومنذ هذا الإعلان منه، وردود الأفعال مختلفة حول كلامه، وكيف له أن يتجرأ بالإعلان عن ذلك وفي قلب السعودية، وفي وسيلة إعلام سعودية رسمية، وهل لكلامه ومشروعه المزعوم علاقة بالأمير محمد بن سلمان، ولي عهد السعودية؟

بعيدا عن نقاش المغامسي في بهلوانية دعواه، فالمعلوم للقاصي والداني من أهل العلم، وللمغامسي نفسه، أنه من أواخر من يمكن أن يقوموا بهذا العمل من أهل العلم، فالرجل ليس له أي صلة من قريب أو بعيد بالبحث الفقهي، ولا يعرف له اشتغال بالفقه ومسائله لا أصولا ولا فروعا، فكيف يجرؤ على طرح كهذا.

فلا يعلم عن المغامسي أنه ألف كتابا في الفقه، ولا أصوله، ولا كتب بحثا فيه، ولا مقالا، ولا له فتوى فقهية تعلن عن ملكته الفقهية، أو ميوله الفقهية، فلا يعرف عنه الفقه تقليدا حسب قواعده المعروفة لدى أهل التقليد الفقهي، ولا اشتغالا بالفقه فكرا أو تأليفا، فكيف يقدم من هذا حاله على هذه الخطوة، أو الدعوة إليها؟!

وبعيدا أيضا عن تخصص المغامسي وهو من دارسي اللغة، ومعروف بأنه داعية موفق ومحبوب من شرائح مختلفة من الناس، وقد كان معنيا لفترة في خطابه بتزكية النفس، ومعلوم أن الخطوة التي أقدم عليها تتعارض مع مسيرته السابقة، فمن لديه العلم الحقيقي ينكر ذاته، بل يعمل بلا إعلان، ويرى الناس عمله، ويحكمون، فضلا عن لباسه لباسا لا يتناسب مع قدراته.

محمد بن سلمان أعلن منذ عام في حوار له مع مجلة (أتلانتيك)، ونقل الحوار موقع روسيا اليوم، والسي إن إن، ومواقع سعودية، صرح فيها ابن سلمان، عن قرب انتهاء مشروع قام به يتعلق بالسنة النبوية، من حيث تنقيتها حسب قوله، وأن ما صح منها فقط يصل لألف حديث، في تصريح غريب وعجيب.
وهذا ديدن المذاهب الفقهية التي تأسست، فلم يسمع عن إمام أعلن عن نيته أو سعيه لتأسيس مذهب فقهي للأمة، بل قام الأئمة بعمل مذاهبهم، وفق منهج معروف، وحمله تلامذة أنضجوا هذا المذهب، وطوروا منه، وصار مدرسة فقهية معروفة، فلا بد من منهج، ورسالة، وكتب، وتلامذة، وأتباع، وقبول من الناس وأهل العلم، وهو ما يعرفه يقينا المغامسي، فكيف جرؤ إذن على دعواه؟

لا يمكن أن يفصل باحث يريد تناول أو مناقشة دعوة المغامسي، بعيدا عن الوضع الجديد والظروف الجديدة في المملكة العربية السعودية، في ظل مجال عام لا يمكن أن يغرد فيه شخص خارج السرب، ولا قريبا من ذلك، في ظل وجود كم من العلماء الكبار في السجون السعودية، لمجرد أن غرد أحدهم وهو الشيخ سلمان العودة، يتمنى أن يتم الصلح بين قطر والسعودية وقت الخلاف الذي دار منذ سنوات، وقد تم بالفعل بعد سنوات من تغريدته، وبقي المغرد في السجن، وتصالح من كانت التغريدة عنهما: قطر والسعودية!

فضلا عن علماء آخرين، وما حدث من تنكيل بهم، وسوء معاملة داخل السجون، في ظل غياب تام وعدم تواصل سواء من أهلهم، أو من منظمات حقوقية، أو من جهات معتدلة تسعى لتخفيف هذا الوضع من الداخل السعودي، فأنى لداعية سعودي في وسيلة إعلام سعودية، يجرؤ على هذه الخطوة؟

إن وراء الأكمة ما وراءها، وبالنظر للقضايا التي طرحها المغامسي في البرنامج التلفزيوني الذي أعلن عن نيته فيه، فقد تناول السنة النبوية، في قضايا محددة منها، فضح بها المغامسي وكشف عمن يقف وراء مشروعه، إنه ابن سلمان، حيث إن محمد بن سلمان أعلن منذ عام في حوار له مع مجلة (أتلانتيك)، ونقل الحوار موقع روسيا اليوم، والسي إن إن، ومواقع سعودية، صرح فيها ابن سلمان، عن قرب انتهاء مشروع قام به يتعلق بالسنة النبوية، من حيث تنقيتها حسب قوله، وأن ما صح منها فقط يصل لألف حديث، في تصريح غريب وعجيب.

وأعلن ابن سلمان، أن المشروع انتهى تماما، وسوف يعلن عنه ويطرح بعد عامين، وقد مضى الآن عام وشهر، ولم يبق لابن سلمان سوى إخراج مشروعه، ولا بد من بالونة اختبار تطلق بين الناس، وتتحمل النقد والرد والهجوم، فتقدم المغامسي بطرحه، ولم يستطع تجميل الطرح، ولا حسن عرضه، لأن المشروع يخفي ما يخفي من نوايا سياسية.

وقد يرفض البعض هذا التحليل، فيقول: لقد أخرجت هيئة كبار العلماء بيانا ضد كلام المغامسي، بأن هذه الدعوة تفتقد الموضوعية والواقعية، وأن في المجامع الفقهية والاجتهاد الجماعي ما يغني. وبيان الهيئة نفسه دال على أن كلام المغامسي هو دعاية لمشروع ابن سلمان، ولذا كانت صيغة الرفض لكلام المغامسي مجهلا دون ذكر اسمه، ثم أحالت الأمر إلى وجود الاجتهاد الجماعي، وهو أمر منهجي وعاقل، لكنه أيضا في ظل هذه القبضة المحكمة على المجال العام السعودي لا يمكن أن يصدر إلا بهذه الصيغة.

ما قام بطرحه المغامسي، ليس معبرا عن فكره ولا طرحه الحقيقي، ولا عن حجمه العلمي، بل هو معبر عن مشروع سياسي بامتياز، قام به ويقوم، وسوف يعلن في الوقت المناسب عنه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
لكي تكون الصيغة ـ أيضا للأسف وحتى مع إحساننا الظن بالهيئة ـ تمهيدا لمشروع ابن سلمان عن السنة، فإن مآخذ الهيئة وغيرها على المغامسي أن الجهد الجماعي يغني، وهنا يخرج مشروع ابن سلمان، بأنه جهد جماعي، من لجنة شكلها ولي الأمر، وقامت بعملها وفق ضوابط، فإذا أردتم عملا جماعيا فنحن هنا ومشروعنا جاهز، فعلام الاعتراض إذن؟!

والحقيقة أن مشاريع السنة التي تنطلق كل فترة بغرض سيء أو غير سيء كثيرة، مما يجعل علامات استفهام توضع أمامها، ولا نراها إلا تسير بخطى دؤوبة، كل خطوة تسلم الأخرى، فنفس الرقم الذي ذكره ابن سلمان أن ما صح من السنة عندهم (1000) حديث، هو نفس المشروع الذي قام به منذ سنوات المرحوم جمال البنا حول السنة أيضا، وسعى إليه شحرور، وسعى إليه آخرون.

خلاصة الأمر: أن المغامسي لا يعزف بعيدا عن السلم الموسيقي الرسمي، والمشروع الرسمي أيضا لا يعزف بعيدا عن سلم الاستشراق والتغريب الذي يعمل منذ عقود في بلادنا، ولا ينتهي الهجوم على السنة، بل تختلف أشكاله، من شكل لآخر، تارة في البخاري، وأخرى في أبي هريرة، وأخرى في حديث الآحاد، وكل ما يثار من إشكالات سبقهم إليها علماء جهابذة طرحوا الإشكالات، ووضعوا ضوابط لنقاشها وتناولها، ولا حرج على فتح الباب للمؤهلين والمختصين بذلك.

فما قام بطرحه المغامسي، ليس معبرا عن فكره ولا طرحه الحقيقي، ولا عن حجمه العلمي، بل هو معبر عن مشروع سياسي بامتياز، قام به ويقوم، وسوف يعلن في الوقت المناسب عنه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

[email protected]
التعليقات (6)
الكاتب المقدام
السبت، 15-04-2023 01:49 ص
*** 4- الأستاذ المعلق كاتب "التصحيح أولاً"، شكراً للنصيحة، وأظن أنك بحاجة إليها أيضاً: "أن تقرأ بعقلك وليس بعاطفتك"، فلا أظن بأنك قرأت أو حاولت فهم ما كتبت، ولم يقل أحد كما ادعيت: "أن كل ما قاله واجتهد به العلماء الاوائل والمعاصرون هو من ثوابت الدين"، وقولك بأن: "الاسلام الذي انزل على محمد عليه الصلاة والسلام، ليس هو الاسلام الذي بين ايدينا اليوم"، هو قول شاذ ومنحرف، فمن سيأتيك بهذا الدين الغائب لتسير خلفه؟ فهل سيهندس لكم أمثال شحرور ديناً جديداً عصرياً ألطف، بدل الدين الضائع منكم؟ أو أنه أوحي إليه تفسيرات جديدة لآيات الله على هواكم تخرجها عن معانيها؟ أم ستمحون السنة النبوية بكاملها كاحمد صبحي منصور؟ فذلك خياركم، ورأينا أن هؤلاء لا يريدون التصحيح، ولكنهم يريدون تضييع الدين بكامله، والأتيان بدين جديد على هواهم، وبعض أمثال الذين يقدمون "أصول جديدة"، "وقراءة معاصرة" اعترفوا في نهاية حياتهم بكفرهم بالدين كلية، كسيد القمني، ونوال السعداوي التي ادعت بأنها لم تجد في القرآن إلا المتناقضات، وهؤلاء يسيرون على نهج تفسير بابا الفاتيكان الحالي، الذي صرح بأنه يعتقد أن جهنم التي جاءت في كتابه المقدس هي على سبيل المجاز وليس الحقيقة، هكذا!! والله أعلم بعباده. ونعتذر للشيخ تليمة على خروجنا عن موضوع مقالته القيمة.
التصحيح الديني اولا
الجمعة، 14-04-2023 08:02 م
المعلق الكريم كريم وجده، احييك واشد على يدك، فكلامك اصاب عين الحقيقه. واقول للكاتب المقدام الذي ارجو ان يقرأ بعقله وليس بعاطفته: لابد ان نفهم ان السبب الحقيقي وراء تقههر الامه منذ مئات السنين هو انها مكبلة بالموروث الديني الذي تمت صناعته بشريا منذ مئات السنين لتزييف الدين وحرفه عن مقاصد الدين الحقيقي المنزل على محمد. فالاسلام الذي انزل على محمد (عليه الصلاة والسلام)، ليس هو الاسلام الذي بين ايدينا اليوم. وتلكم هي الحقيقة الصادمة. والسؤال الكبير هنا هو: هل من المعقول و المقبول ان يقال ان كل ما قاله واجتهد به العلماء الاوائل والمعاصرون هو من ثوابت الدين؟ وهل كل تفاصيل الحياة المعيشية الدنيوية اليوميه للنبي عليه الصلاة والسلام، واجتهادات من أتى بعده من الخلفاء والائمة والعلماء هي من ثوابت الدين؟ لقد أعطى الله سبحانه وتعالى للنبي عليه الصلاة والسلام (وللبشرية من بعده كذلك) حق الاجتهاد في التشريع الانساني الدنيوي، دون ان يجعل لذلك الاجتهاد صفة القداسة والشمولية والعالمية والابدية. وكانت تلك هي العلة الكبرى وراء كونه عليه الصلاة والسلام خاتم النبيين (أي لا نبي بعده). والا، فان البشرية كانت ستكون دائما بحاجة الى انبياء جدد. وباعطائه سبحانه للبشرية ذلك الحق في التشريع، فقد قضى بان محمدا عليه الصلاة والسلام هو خاتم النبيين. ان هذه الأمة في حاجة ماسة اليوم الى قراءات جديدة للتنزيل الحكيم كتلك التي قام بها بعض المفكرين المعاصرين، (ومنهم مثلا المفكر الكبير د محمد شحرور)، والتي من شأنها احداث ثورة فكرية دينية شاملة، تؤدي لتصحيح القناعات المجتمعيه للعقل العربي، والى احياء الأمة بعد سباتها الطويل. ذلك، بالطبع، مع تسليمنا الكامل بأن كل فكر جديد هو خاضع للقبول او الرفض او التصحيح او التخطئة. ولكن لنتذكر دائما بأنه ليس كل رأي او فكر جديد هو دائما قادم من متاّمر او عدو.
الكاتب المقدام
الجمعة، 14-04-2023 10:24 ص
*** 3- المعلق "كريم" من مدينة وجدة المغربية العربية الإسلامية، يريد أن يقنع نفسه ويقنعنا بأنه: "لا يختلف اثنان" معه على ما يدعيه ويروج له: "ان امتنا وصلت الى قاع سحيق ولا زلنا نهوي بشكل مخيف.. لان هناك خلل ما في الاسس او ما يسمى بالسنة"، والمسلمون على خير إلى يوم الدين، ولا يرون أن دينهم يتردى ويهوي بهم، عن أديان غيرهم التي أضاعوها وحرفوها واتبعوا أهوائهم، وما توسوس به أنفسهم وشياطينهم، وغالبية المسلمين ترى أن الخلل هو فيما يردده ويعيده البعض من أقوال مردود عليها لحفنة من رافضي السنة النبوية، المشككين فيها والمجاهرين برفضها بكلياتها، والراغبين في التملص من أحكام حلالها وحرامها، لهوى في أنفسهم، وتقليداً وإرضاءً لاتباع ديانات اخرى، (وَلَن تَرْضَى? عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى? حَتَّى? تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ)، وملتهم تلك ليست على شئ مما أنزل إليهم، فمن قساوستهم من يغتصبون الأطفال في كنائسهم، ورأس الكنيسة تحميهم وتخفي فحشهم، ويشجعون ويهللون ويزوجون في بعض كنائسهم الشواذ مرتكبي فاحشة أهل لوط، وهم يظنون بأنهم قد أتوا بما لم يأت به الأوائل، للطعن في الأحكام الفقهية المتفق عليها، وهو قول نرفضه، ونرى أن تردي أحوال المسلمين هو في البعد عن كتاب ربهم وسنة نبيهم، وأن صلاح أحوالهم لا يتم دون إقرارهم بمكانة السنة النبوية الشريفة، وبالرجوع إليها في فهمهم لأحكام دينهم، ويعلمون بأنها مصدر رئيسي للفقه الإسلامي لا غنى عنه، كما أن ما يردد من شبهات لتشكك فيها، بأن: "ما يسمى بالسنة التي كتبت قرنين بعد وفاته صلى الله عليه وسلم" غير صحيح، لأن التسجيل الكتابي للأحاديث النبوية تم من القرن الأول الهجري، وأن تلك الأحاديث قد تدارسوها، وحققها وحفظها الصحابة والتابعين وتابعي التابعين، وتحروا الدقة في روايتها، كما حفظوا كتاب الله وآياته، والآلاف من دارسي السنة إلى اليوم يحفظون أحاديثها شفاهة، ويجتهدون في تحري الصحيح والمتواتر منها، وفي فهم معانيها، واستنباط الأحكام منها بعد كتاب الله، وإن لم يتوافق هذا مع هوى نفسك، فلتظن ما تشاء ولتتبع من تشاء، ولكن لا تخدع نفسك، وتحاول أن تخدع الآخرين، أما سخريتك من "اللازمة المملة جهابذة العلماء"، فهل ترى أن نتقرب ونسمع لجهابذة الجهلاء حتى نرضيكم، وقولك: "دعوا الناس التي بدأ يتسرب اليأس الى قلوبها من عدم فعاليتكم تتلمس مخرجا مما نحن فيه بعيدا عنكم"، فلتهرول بيأسك بعيداً عن الصالحين من علماء المسلمين كما تشاء، فلست الأول ولن تكون الأخير، فالنهاية واحدة. (الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ. الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا).
الكاتب المقدام
الجمعة، 14-04-2023 07:50 ص
*** 2- يقدم في قناة الحوار كل شهر رمضان منذ سنوات برنامجاً يومياً مسجلاً مع أوروبيين دخلوا حديثاً في الإسلام، وغالبيتهم أقروا بأن أسرهم رحبت بإسلامهم لما يرونه من تغير إيجابي في نمط حياتهم، وكثيراً منهم قد تعرفوا إلى الإسلام من مواطنين مغاربة، في الوقت الذي يغرق فيه كريم أبن مدينة "وجدة" في اليأس كما يقول، ويدهش كثيرون من مدى الانتشار السريع لدين الإسلام في مدن أوروبا حتى الصغيرة منها، وذلك من أهم أسباب مايسمى "بالإسلاموفوبيا" أي خوف المتعصبين الأوروبيين من انتشار الإسلام، وينتشر بناء المساجد والمراكز الإسلامية في أوروبا، ويقبل الكثير من الأوروبيين على تعلم اللغة العربية والدين الإسلامي فيها، مع انتشار المسلمين القادمين من دول إسلامية هم وأسرهم وأبنائهم، وأصبح عمدة مدينة لندن مسلماً، ومؤخراً تولى رئاسة وزراء اسكتلندا مسلماً، أي أن الإسلام دين في انتشار وازدهار، وليست كل أوضاع المسلمين الاجتماعية أكثر تخلفاً مما في بلاد الغرب، فحوادث القتل الجماعي العشوائي منتشرة بينهم، وفي فحوص واسعة على الفتيات في المدارس الأمريكية، وجد أن 40% منهن مصابات بأمراض جنسية، فهناك ما يزيد عن ثلاثين مرضاً لا تنتقل عدواها إلا بالعلاقات الجنسية المتعددة والمنفلتة والشاذة، وفي استقصاء واسع أجري بتوجيه من أوباما رئيس أميركا، ونتائجه منشورة، أقرت فيه 25% من طالبات الجامعات أنهن قد تم اغتصابهن في حرم المدن الجامعية، ونسبة عالية من الطلاب قد أقروا أيضاً بأنهم قد اغتصبوا في الجامعات من زملاء لهم، مع تفجر آلاف من قضايا اغتصاب الأطفال من قساوسة الكنائس الكاثوليكية، كما أن الاعتراف بتزويج الشواذ في بعض الكنائس مرحب به، رغم ما تعانيه دول أوروبا من عشرات الملايين المصابين بمرض الإيدز الجنسي المميت، وإحصاءات منظمة الصحة العالمية تدل على أن الدول الإسلامية تكاد أن تخلوا من وجود هذا المرض الخبيث، وبلاد المسلمين في شمال افريقيا تمثل خطاً عازلاً، ففي أواسط أفريقيا وجنوبها، هناك شعوب أفريقية بييد الإيدز فعلياً نسب عالية من شبابها، كما أن إدمان الخمور في أوروبا يفتك بأكبادهم وكلاهم، ومع انتشار الفكر الإلحادي العدمي بين شبابهم، تنتشر معدلات الانتحار لنسب خطيرة مع ذيوع اليأس والاكتئاب بينهم، وذلك لا يعني خلو بلادنا من أمثال تلك الأمراض، ولكن مع الفارق الكبير في تلك النسب، وسبل الإصلاح كثيرة، وبدلاً من الشكوى والتباكي ونقد الآخرين، فليقدم كل منا ما في مستطاعه، والله أعلم بعباده.
الكاتب المقدام
الجمعة، 14-04-2023 06:53 ص
*** 1- وجهة نظر مخالفة لما ذكره "كريم" ابن مدينة "وجدة" حاضرة الصحراء المغربية، من كون: "ان امتنا وصلت الى قاع سحيق ولا زلنا نهوي"، فالوصول إلى القاع ثم استمرار الهبوط معناه أننا اصبحنا تحت التراب، وهذا حدث فعلاً لحضارات قديمة سادت ثم بادت، وطمست معالم مدنها وقراها وآثارها ودفنت تحت التراب، بعد أن انقرض سكانها، وجاء بعد قرون بعدها من علماء الآثار والحفريات، من ينبش التراب ليعيد اكتشاف آثارها المندثرة، وهناك مدناً حديثة بنيت على أطلال وقبور مدناً قديمة مندثرة، وبالمقارنة ففي عالمنا الإسلامي مساجد تقام فيها الصلوات بلا انقطاع بكرة وعشيا منذ أكثر من ألف عام، منها المسجد الأعظم المعروف حاليا بالمسجد الكبير، الذي تم بنائه في عهد يعقوب المريني سنة 1296م في مدينة "وجدة"، وما زال قائماً إلى اليوم، يرتفع فيه الآذان وتقام فيه الصلوات، وحدث في تاريخ البشرية أن آلاف اللغات اصبحت لغات ميتة، وهناك آلاف اللغات الأخرى في طريقها للاندثار، فلم يعد ينطق بها إلا آلاف قليلة، والشباب من أبنائها يجهلونها ولا يستطيعون النطق بها، بعد أن اتخذوا لهم لغات أخرى، ولغات أخرى غير مكتوبة ولا يوجد لها سجلات تحفظ تاريخها، وللتذكرة والمقارنة فإن العربي يستطيع أن يقرأ ويفهم كتباً كتبت منذ أكثر من ألف عام، ولدينا آلاف المخطوطات التي يعاد طباعتها ونشرها، ويفهم العربي المتوسط الثقافة المعاني التي جائت فيها كما فهم معانيها أجداده من قبله من أكثر من ألف عام، وفي ابريل 2008 انعقد المؤتمر الدولي للغة العربية والتنمية البشرية بمدينة "وجدة" شارك فيه أزيد من 50 باحثا من 20 دولة، وما زلنا نتلوا آيات قرآننا، كما كان يُتلى منذ أيام الصحابة، ولذلك فتاريخ العرب ما زال محفوظاً ومتواصلاً وحياً، حاول بالمقارنة أن تجد أوروبي عادي يفهم مخطوطة كتبت في بلاده من ألف عام، وهناك ديانات قديمة تندثر وتُنسى، وهناك من أنبياء الله من لم يتم ذكرهم هم ولا أقوامهم، وهناك ديانات أخرى قد تغيرت تغيراً شديداً ولم يعد يستبان أصولها ولا تاريخها، كما أن هناك أعراقاً بشرية اندثرت فعلياً، أو اندمجت في غيرها، بحيث لم يعد يتعرف على أجناسها ومواطنها، وبالمقارنة فهناك عائلات منسبة إسلامية تحتفظ بأنسابها مسجلة لما يزيد عن 15 قرناً، وغالبية دول أوروبا اليوم وغيرها، تتناقص أعدادها فعلياً، أي أن عدد المواليد فيها أقل من عدد الوفيات، ولولا الهجرة من بلاد أخرى لنقص عدد سكانها بمعدلات أكبر، فهذه الأمم والمجتمعات تشيخ فعلياً، أي يصبح غالبية سكانها من كبار السن، وتضطر إلى فتح أبواب الهجرة إليها من خارجها، وأبناء المغرب يعلمون ذلك، فكثيراً منهم هاجروا إلى بلدان أوروبية كإسبانيا وفرنسا وألمانيا، واتخذوا فيها موطناً دائماً لإقامتهم، كما فعل اجدادهم منذ أكثر من ألف عام في الأندلس الإسلامية، فالأمة العربية الإسلامية مزدهرة وحية.

خبر عاجل