أثارت
تصريحات رئيس النظام السوري بشار
الأسد الأخيرة، تساؤلات حول إمكانية الاستمرار في
مسار تطبيع العلاقات مع تركيا، ومدى نجاح المبادرة العربية بقيادة السعودية
والإمارات لحل الأزمة السورية.
وجرت
تصريحات الأسد بعكس تيار تصريحات دول "أستانا" (
روسيا وتركيا وإيران)،
التي أعربت عن ثقتها بنجاح "اللجنة الرباعية" بمشاركة النظام السوري، للدفع
بعملية التطبيع بين أنقرة ودمشق، وجمع الرئيس التركي رجب طيب
أردوغان مع بشار الأسد
على طاولة واحدة.
وتمسك
الأسد خلال مقابلة عبر "سكاي نيوز"، باتهام تركيا بصناعة "الإرهاب"
في
سوريا، كما اعتبر أن أردوغان يسعى للقائه بهدف شرعنة "الاحتلال" للشمال
السوري.
اظهار أخبار متعلقة
استياء دول "أستانا"
الدبلوماسي
الروسي السابق والمقرب من الخارجية الروسية، رامي الشاعر، أكد لـ"عربي21"،
أن تصريحات رئيس النظام السوري خلقت استياء لدى دول "أستانا" حول ما
ورد في حديثه عن تطبيع العلاقات مع تركيا، مؤكدا أن "بشار الأسد لم يكن موفقا
نهائيا بلقائه الأخير".
وشدد
على أن النظام السوري يبذل كل ما بوسعه لعرقلة أي تقدم بخصوص إعادة العلاقات مع
تركيا، لأنه يعتبر الأمر مفتاح البدء بعملية التسوية السياسية للأزمة السورية،
وتمهيدا للخوض في عملية الانتقال إلى نظام جديد في سوريا.
وأوضح
أن عودة العلاقات بين تركيا وسوريا ليست مساعي النظام في دمشق أو تركيا على
انفراد، لكنها مساعي دول "أستانا"، التي تسعى للحفاظ على السيادة السورية، وبعيدا عن مسألة إعادة تأهيل بشار الأسد، لأن المسألة تعود للشعب السوري الذي من
حقه أن يقرر من يحكمه.
وأضاف:
"كان من الأفضل لو استغل بشار الأسد المقابلة وأعلن عن خطوات عملية للبدء
بالحوار الجدي بمشاركة المعارضة المعترف بها دوليا من قبل الأمم المتحدة، لكن
للأسف هذا لم يحدث"، حيث هاجم رئيس النظام المعارضة، وأكد أنه لا يعترف سوى بـ"المعارضة
الوطنية".
وحذر
الدبلوماسي الروسي السابق من أن "الوضع في سوريا لم يعد يحتمل"، مضيفا:
"لم يعد محتملا أيضا المماطلة؛ لأن الأوضاع قد تخرج عن السيطرة، وقد لا تستطيع
حتى دول أستانا من إنقاذ سوريا من تجدد اندلاع الحرب الأهلية والفوضى".
ونفى
الدبلوماسي الروسي السابق، أن تكون
إيران شريكا في عرقلة التطبيع بين أنقرة ودمشق،
لأن طهران تعي تماما أنه لا يمكن أن يحدث التعافي في سوريا دون المساعدات العربية
وتسوية العلاقات السورية التركية.
وحول
تراخي الموقف العربي تجاه إعادة تأهيل بشار الأسد، رأى الشاعر أنه من الطبيعي عدم
قيام الدول العربية بأي خطوات عملية لمساعدة سوريا إذا لم يبادر النظام في دمشق في
الدرجة الأولى باتخاذ خطوات عملية تسمح لجميع السوريين البدء والمشاركة في تغيير
الأوضاع.
اظهار أخبار متعلقة
غضب
الأتراك
وأثارت
تصريحات الأسد، التي حملت شيئا من السخرية تجاه الرئيس أردوغان، غضبا واسعا لدى
السياسيين الأتراك، بينما رأى آخرون أن تصريحات الأسد لم تأت بجديد، كما أن مسألة التطبيع بين أنقرة ودمشق لم تعد أولوية لدى تركيا.
عمر
أنهون، آخر سفير تركي في سوريا، قال لصحيفة إندبندنت بنسختها التركية، إن الأسد كرر
ما كان يقوله منذ أشهر، مضيفا: "لم أر أي ابتكار في كلماته في هذا الصدد،
لهذا السبب لا يمكنني القول: لقد انتهت عملية التطبيع هذه، ولم تنته".
واعتبر
أن رئيس النظام السوري "أوضح للجميع ما يعرفه الجميع"، في إشارة إلى شرط
انسحاب القوات التركية من الأراضي السورية، قبل بدء أي حوار جدي مع تركيا.
ورأى
أن الانتخابات الرئاسية التركية الأخيرة في أيار/ مايو الماضي، التي منحت أردوغان
خمس سنوات إضافية في الحكم، كانت حدا فاصلا في التعامل مع مسألة العلاقات مع
النظام، لأن الخطاب المرتبط بهذه المسألة تراجع بعد الانتخابات، رغم أن فترة ما
قبل الانتخابات شهدت زخما في تصريحات المسؤولين الأتراك بشأن إعادة العلاقات مع
النظام السوري.
ولم
يصدر عن تركيا أي رد رسمي تجاه تصريحات رئيس النظام السوري الأخيرة، وبهذا الصدد دعا
أنهون وزارة الخارجية التركية إلى ملاحظة ما يصدر عن النظام السوري.
وسبق
أن جرت لقاءات بين وزراء خارجية النظام السوري والتركي برعاية روسيا، بهدف التحضير
للقاء محتمل بين أردوغان والأسد، الذي يشترط مقابل اللقاء انسحاب القوات التركية
من شمال غربي سوريا. فيما ترفض أنقرة طلب الأخير، مشددة على أن قواتها "تحارب
الإرهاب هناك، حيث يوجد تهديد للأمن القومي التركي".