طالب المرصد الأورومتوسطي لحقوق
الإنسان المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل للكشف عن مصير عشرات النساء اللواتي
اعتقلتهن من منازلهن ومن مراكز اللجوء، وإنهاء حالة الإخفاء القسري التي تطال
قرابة 3 آلاف من المعتقلين/ات
الفلسطينيين/ت من قطاع
غزة، وضمنهم أطفال قاصرون.
وقال المرصد في بيان له اليوم أرسل
نسخة منه لـ
"عربي21": إنه تلقى معلومات عن اعتقال الجيش الإسرائيلي
مئات الفلسطينيين خلال الأيام الماضية، من حي الشيخ رضوان في مدينة غزة، من
ضمنهم عشرات النساء اللواتي تم اقتيادهن إلى ملعب اليرموك وجرى نزع الحجاب عن
رؤوسهن، وتفتيشهن من الجنود، وتعرضت العديد منهن للتحرش الصريح والضرب والتنكيل.
كما جرى إجبار الذكور بمن فيهم أطفال
قصر لا تتجاوز أعمارهم 10 سنوات على التعري الكامل باستثناء اللباس الداخلي السفلي
(البوكسر) وضمنهم أيضًا مسنون تتجاوز أعمارهم 70 عامًا، وأجبروا على الاصطفاف بشكل
مهين أمام النساء اللواتي احتجزن بمنطقة قريبة داخل ساحة الملعب.
وأشار إلى اعتقال مئات آخرين من جباليا
البلد ومخيمها، شمال غزة، وأحياء شرق مدينة غزة وتكررت معهم نفس السياسة والمنهجية
الإسرائيلية غير الإنسانية.
وأكد الأورومتوسطي أن المعلومات التي
حصل عليها، من مجمل تحليل عشرات الشهادات ومقاطع الفيديو، تشير إلى أن القوات
الإسرائيلية تنتهج خلال مداهمة المنازل ومراكز اللجوء، تفجير الأبواب وإلقاء قنابل
عبرها، ثم اقتحامها من الجنود وإطلاق النار وإعدام وتصفية عدد من الموجودين
داخلها، دون سبب ولمجرد حديث أي منهم، ومن ثم يجري اقتياد البقية خارج المنازل
وإجبار الذكور على التعري الكامل، مع تفتيش النساء والتحرش بهن، ومن ثم يتم التحقق
من هوياتهم.
وأبرز المرصد أن الجيش الإسرائيلي
يواصل اعتقال العشرات من الإناث بمن فيهن مسنات إحداهن يتجاوز عمرها 80 عامًا،
وأمهات مع أطفالهن الرضع، وطفلات قاصرات، وجميعهن يخضعن لظروف اعتقال ومعاملة حاطة
بالكرامة، إضافة إلى إجبارهن على خلع الحجاب (غطاء الرأس) والتحرش ببعضهن.
وأكد الأورومتوسطي أنه تلقى شهادات
بتهديد معتقلات بالاغتصابات منهن المعتقلة المفرج عنها "ر. ز"، فيما
اقتادت القوات الإسرائيلية المعتقلة "هديل يوسف عيسى الدحدوح" داخل
شاحنة مع مجموعة رجال وهم عراة في مشهد غير إنساني.
وأشار إلى أن الجيش الإسرائيلي يواصل
نشر صور لاعتقال الفلسطينيين والفلسطينيات وهم في أوضاع مذلة في إمعان لإهانة
الفلسطينيين، وامتهان الكرامة الإنسانية تبقى لأجيال.
ووفق المرصد؛ فإنه يجري اعتقال الغالبية
من الذكور ونقلهم إلى مراكز تحقيق أولية داخل المناطق التي تتوغل فيها القوات
الإسرائيلية، حيث يخضعون للاستجواب وهم عراة ومقيدو الأيدي ومعصوبو الأعين، ويطلب
منهم تحت التهديد والتعذيب الإدلاء بمعلومات عن آخرين من الفصائل الفلسطينية،
ولاحقًا يجري إطلاق بعضهم وقتل آخرين، ونقل البقية ويكونون بالمئات إلى معسكرات
اعتقال للجيش داخل إسرائيل، حيث يخضعون لظروف اعتقال غير إنسانية ويتعرضون لعمليات
تعذيب ممنهجة وتجويع، ويخضعون لتحقيق قاسٍ جدًا وغير قانوني لانتزاع معلومات ليس
عن نشاط محتمل لهم، إنما عن نشاط آخرين من عوائلهم أو جيرانهم أو آخرين لا
يعرفونهم.
وأشار الأورومتوسطي إلى أنه لا يوجد
إحصاء دقيق لعدد المعتقلين من غزة حتى الآن، نظرًا لسياسة الإخفاء القسري التي
تنتهجها إسرائيل، وصعوبة تلقي البلاغات في قطاع غزة بسبب تشتت الأهالي وانقطاع
الاتصالات والإنترنت شبه الدائم، غير أن تقديرات أولية تشير إلى تسجيل أكثر من 3
آلاف حالة اعتقال، بينهم ما لا يقل عن 200 امرأة وطفلة.
وبحسب شهادات جمعها الأورومتوسطي
لمعتقلين تم الإفراج عنهم بعد احتجاز دام أياما عدة، فإنهم تعرضوا إلى أنماط متعددة
من التعذيب بما في ذلك الضرب على أنحاء الجسم، والشبح بأنماط مختلفة، والابتزاز،
والحرمان من الطعام والماء، والمعاملة الحاطة بالكرامة، وطلبوا منهم أن يمجدوا
إسرائيل وجيشها، وأن يشتموا أنفسهم، ويشتموا فصائل فلسطينية، ومنعوا حتى من الحديث
مع بعضهم، ولم يحظوا بفرصة لقاء محامين أو بزيارات من اللجنة الدولية للصليب
الأحمر، وجميعهم يتعرضون لعمليات إخفاء قسري طوال احتجازهم.
وأكد هؤلاء وجود مسنين معتقلين تعرضوا
للضرب المبرح والمعاملة المهينة، بالإضافة إلى تكبيل أيدي وأرجل المعتقلين خلال
نقلهم واحتجازهم دون ماء أو طعام وهم مكبّلون ومعصوبو الأعين، فيما يُقابل بالعنف
والشتائم كل من يحاول طلب شيء.
وأشار إلى أن حملات
الاعتقالات
العشوائية التي شنها الجيش الإسرائيلي طالت أطباء وممرضين وصحفيين ومعلمين
ومهندسين، ومدافعين عن حقوق الإنسان، وعاملين في منظمات إنسانية، وأشخاصا من كبار
السن.
وأوضح المرصد أن الفريق العامل
المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي، حدد مفهوم الإخفاء القسري، بثلاثة
عناصر، وهي: الحرمان من الحرية ضد إرادة الشخص المعني، وضلوع مسؤولين حكوميين، على
الأقل بالقبول الضمني، ورفض الاعتراف بحرمان الشخص من حريته أو إخفاء مصير الشخص
المختفي أو مكان وجوده، وجميعها تنطبق على المعتقلين من قطاع غزة.
وذكّر بأن الاتفاقية الدولية لحماية
جميع الأشخاص من الاختفاء القسري سنة 2006 ودخلت حيز التنفيذ، ابتداء من عام 2010،
تُلزم الدول باعتبار الاختفاء القسري جريمة يعاقب عليها القانون بعقوبات مناسبة،
تأخذ في الاعتبار خطورتها البالغة.
وتؤكد الاتفاقية، أن الاختفاء القسري
جريمة ترقى إلى مستوى "الجرائم ضد الإنسانية"، إذا ما تمَّت ممارستها
على نطاق واسع أو بطريقة ممنهجة، وهو ما تفعله قوات الجيش الإسرائيلي حاليا في
المناطق التي تتوغل فيها في قطاع غزة حيث اعتقلت الآلاف، وتواصل احتجاز ما لا يقل
عن 3 آلاف شخص لا يزال مصيرهم مجهولا ولا يوجد أي معلومات عنهم.
ونبه إلى أن الاتفاقية، تبين بوضوح أنه
"لا يجوز التذرع بأي ظرف استثنائي كان، سواء تعلق الأمر بحالة حرب أو التهديد
باندلاع حرب، أو بانعدام الاستقرار السياسي الداخلي، أو بأية حالة استثناء أخرى،
لتبرير الاختفاء القسري".
وتشير الاتفاقية، إلى أنه "لا
يجوز التذرع بأي ظرف استثنائي كان، سواء تعلق الأمر بحالة حرب أو التهديد باندلاع
حرب، أو بانعدام الاستقرار السياسي الداخلي، أو بأية حالة استثناء أخرى، لتبرير
الاختفاء القسري".
وبهذا الصدد حث المرصد الأورومتوسطي
لحقوق الإنسان اللجنة الدولية للصليب الأحمر والفريق الأممي العامل المعني
بالاحتجاز التعسفي على الضغط على السلطات الإسرائيلية لكشف مصير المعتقلات والمعتقلين
من قطاع غزة والإفراج عنهم/ن والتحقيق فيما تعرضوا/ن له من انتهاكات جسيمة.
ويصعّد الجيش الإسرائيلي حربه على غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول
الماضي، مخلفا حتى الآن 20 ألفا و674 قتيلا و54 ألفا و536 جريحا، معظمهم أطفال
ونساء، ودمارا هائلا في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقا لسلطات
القطاع والأمم المتحدة.