أكد الوزير المغربي السابق محمد يتيم أن
العرب والمسلمين يتحملون جزءا من المسؤولية عن الموت الذي يتهدد أهل
غزة من
الجوع، بسبب مشاركة بعضهم في حصار غزة، وكذلك بعدم إقدامهم على إغاثة أهل غزة بما
يلزم من الغذاء والدواء بما يبقيهم أحياء.
جاء ذلك في
تصريحات خاصة أدلى بها يتيم لـ
"عربي21" تعليقا على التقارير الواردة من غزة وتحذيرات وكالة غوث
اللاجئين
الفلسطينيين "أنروا" والمكتب الإعلامي لحكومة غزة، من أن نحو
نصف مليون فلسطيني في وسط وشمال القطاع مهددون بالموت جراء نفاد المؤونة والطعام.
وقال يتيم: "الأخبار الواردة من غزة
تفيد أن شمالها يعيش مجاعة حقيقية بعد نفاد كميات الطحين والأرز.. والمكتب الإعلامي
الحكومي بغزة يحمل
الاحتلال وحلفاءه المسؤولية عن وفاة الغزيين جوعا".
وأكد يتيم أن من يتحمل المسؤولية عن ذلك هو الاحتلال
والولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها أيضا، وقال: "لقد جاء هذا نتيجة الحصار
المطبق المضروب على غزة وأهلها ليس فقط من جانب القوات الصهيونية.. فإن هذه القوات
أجبن وأضعف من أن تكون قادرة على ذلك.. ليس فقط من جانب الولايات المتحدة الأمريكية التي هي ضالعة في حرب
الإبادة على غزة وعلى الشعب الفلسطيني فإن هذه الإدارة تجد نفسها في ورطة.. ورطة
استدراج الكيان الصهيوني لها إلى مستنقع الحرب على غزة مع ما ينتج عن ذلك من
سقوطها الأخلاقي ودعوى كونها حريصة على حقوق الإنسان وعلى الديمقراطية في زمن رئيس
ديمقراطي متورط في حرب غير أخلاقية تسقط ورقة التوت التي تعري انصياعها للوبيات
الصهيونية وسماعات الضغط المتحكمة في دواليب صناعة القرار الأمريكي".
وأضاف: "لم يقف الأمر عنذ ذلك بل إنها
ضالعة في تقتيل الشعب الفلسطيني من خلال أقمارها الصناعية وإمكاناتها الاستخبارية
ومن خلال فتح خزانات سلاحها كي تكون رهن إشارة الحكومة الصهيونية وآلتها الحربية
الإجرامية.. وهي ضالعة في
الحصار المضروب على غزة وفي تنفيذ المخطط الصهيوني الذي يهدف للقضاء على شعبها
الذي يعتبر هو الحاضنة الأكبر للمقاومة والذي يبدي صمودا وصبرا ومصابرة على الرغم
من كل التضحيات والآلام وقوافل الشهداء التي لا تخلو منهم أسرة أو عائلة".
وأشار إلى أن الهدف من ذلك هو محاولة يائسة
لتركيع غزة وأهلها، وقال: "الحصار على غزة ومحاولة خنق مقاومتها وخنق حاضنتها
الشعبية من خلال الحصار ومن خلال
التجويع من أجل تركيعها وتركيع حاضنتها هو شوط
ضمن أشواط من ابتلاء لا يقوى على تحملها إلا شعب من قبيل شعب غزة. شعب يحب الشهادة
ويسترخصها من أجل دحر الاحتلال.. شعب يصبر على
الجوع لكن لا يصبر على الاحتلال ولا يساوم بلقمة طعام على حريته واستقلاله".
وأشار يتيم، إلى أن أخبار الجوع والحصار
والحرب تذكر المسلمين بحصار نبي الإسلام أوائل البعثة، وقال: "تذكرنا الأخبار
الواردة من غزة حول نفاد كميات الطحين ومشتقاته مما يمكن أن يؤدي إلى مجاعة
بالحصار الظالم الذي ضرب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى بني هاشم وبني عبد
المطلب حين رأت قريش أن
أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلو والأمور تتزايد فأجمعوا أن يتعاقدوا على
بني هاشم وبني المطلب وبني عبد مناف ألا يبايعوهم ولا يناكحوهم ولا يكلموهم ولا
يجالسوهم حتى يسلموا إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكتبوا بذلك صحيفة
وعلقوها في سقف الكعبة... فانحازت بنو هاشم وبنو المطلب مؤمنهم وكافرهم؛ إلا أبا
لهب فإنه ظاهر قريشا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبني هاشم وبني المطلب،
وحبس رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه في شعب أبي طالب ليلة هلال المحرم سنة
سبع من البعثة، وبقوا محصورين مضيقا عليهم جدا مقطوعا عنهم الميرة والمادة نحو
ثلاث سنين حتى بلغ بهم الجهد".
وأضاف مستحضرا تاريخ حصار نبي الإسلام:
"ثم أطلع الله رسوله على أمر صحيفتهم وأنه أرسل إليها الأرضة فأكلت جميع ما
فيها من جور وقطيعة وظلم؛ إلا ذكر الله عز وجل، فأخبر بذلك عمه فخرج إليهم فأخبرهم
أن ابن أخيه قال كذا وكذا، فإن كان كاذبا خلينا بينكم وبينه، وإن كان صادقا رجعتم
عن ظلمنا، قالوا: أنصفت... فأنزلوا الصحيفة فلما رأوا الأمر كما أخبر النبي صلى
الله عليه وسلم ازدادوا كفرا وعنادا... وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه
من الشعب. وذلك سنة عشر من بعثته صلى
الله عليه وسلم كما ذكر ذلك غير واحد من أهل السير".
وأكد يتيم أن "الحصار الظالم المضروب
على غزة سيسقط، وسيحاكم التاريخ أولئك المتواطئين من بني جلدتنا من المحسوبين على
ديننا وأمتنا والضالعين في هذا الحصار".
وأضاف: "سيسقط هذا الحصار كما سقط حصار
رسول الله وعشيرته... وستسقط كل الأحلاف الضالعة والمتواطئة في حصار غزة والتي
تتمنى أن تمحى غزة المقاومة من الوجود... فإن هذا الحصار وذلك العدوان لم يكن
ممكنا لولا تواطؤ أقوام من بني جلدتنا آلوا على أنفسهم المنافحة عن الكيان
الصهيوني والتطوع لحمايته بدل دعم مقاومته... فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون
فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده
فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين".
وتابع: "كما أرسل الله الأرضة فأكلت
تلك الصحيفة وما كتب عليها باستثناء... باسمك اللهم.. فإن الله سيهيئ من الأسباب
ما به ستسقط كل أنواع الحصار ومحاولات التهجير والتخويف والتجويع".
وأكد في الختام أن "التاريخ سيسائل العالم وقياداتهم وزعاماتهم عن الأرواح البريئة التي أزهقها عدوان
الاحتلال وحصاره وتجويعه لأهل غزة ومنع وصول الماء والغذاء والدواء.. ضغطا على غزة
كي تسلم كما سلموا ".
وأضاف: "لكن غزة ستبقى شاهدة على أن
المقاومة ممكنة وتأثيرها وضرباتها موجعة.. وهاهي ذي بتضحياتها ومقاومتها تحدث
تحولا غير مسبوق في الضمير العالمي.. وتنتج هجرة عكسية وتسجل ملاحم جهادية وتجعل
العدوان الصهيوني يترنح "فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من
الله ما لا يرجون""، وفق تعبيره.
وأعلن المكتب
الإعلامي الحكومي بغزة، في بيان صحفي له أمس
الإثنين عن نفاد كميات الطحين ومشتقاته والأرز والمعلبات التي كانت متبقية في
محافظة شمال قطاع غزة منذ قبل حرب الإبادة الجماعية على غزة، وهذا الأمر يؤكد بدء
وقوع مجاعة حقيقية يواجهها 400,000 مواطن من أبناء شعبنا الفلسطيني ما زالوا
متواجدين في المحافظة.
وذكر المكتب
الإعلامي، أن "الاحتلال أجبر سكان محافظة شمال غزة على طحن أعلاف
الحيوانات والحبوب بدلاً من القمح المفقود، وأصبحوا يواجهون مجاعة حقيقية في ظل
استمرار العدوان وفي ظل تشديد الاحتلال للحصار على شعبنا الفلسطيني".
وأضاف: "تتعرض كل من
محافظة شمال غزة ومحافظة غزة إلى حصار شديد ومطبق بالتزامن مع استمرار حرب الإبادة
الجماعية التي يشنها جيش الاحتلال "الإسرائيلي"، حيث يمنع الاحتلال وصول
أية مساعدات إلى تلك المحافظتين منذ بدء الحرب الوحشية، وتم تسجيل عشرات حالات
الإعدام والقتل الميداني التي نفذها جيش الاحتلال لعشرات الشهداء حاولوا الحصول
على الغذاء بمحافظتي غزة وشمال غزة".
وحمل الاحتلال "الإسرائيلي" كامل
المسؤولية عن المجاعة في محافظة شمال قطاع غزة، كما وحمّل المجتمع الدولي والإدارة
الأمريكية والرئيس بايدن شخصياً المسؤولية أيضاً تجاه هذه الجريمة التي قال بأنها "تخالف
القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وتخالف كل الاتفاقيات والمعاهدات الدولية
التي تضمن حق الحصول على الغذاء لأي إنسان، حيث منحوا الاحتلال الضوء الأخضر
لارتكاب هذه الجرائم، ورفضوا وقف هذه الحرب الوحشية على قطاع غزة".
وناشد المكتب كل
دول العالم الحر والمنظمات الدولية المختلفة بالعمل الجاد والفوري والعاجل من أجل
إدخال المساعدات التموينية والإمدادات الغذائية لجميع أبناء الشعب الفلسطيني وخاصة
في محافظة شمال غزة ومحافظة غزة.
كما طالب كل العالم بوقف حرب الإبادة
الجماعية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ووقف شلال الدم ووقف قتل واستهداف
المدنيين والأطفال والنساء.
ومنذ 109 أيام يشن الجيش الإسرائيلي حربا
مدمرة على قطاع غزة، خلفت حتى الاثنين "25 ألفا و295 شهيدا و63 ألف إصابة
معظمهم أطفال ونساء"، وفق السلطات الفلسطينية، وتسببت بـ"دمار هائل
وكارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب الأمم المتحدة.