تنطلق مساء الخميس المقبل في مدينة جينيف
السويسرية فعاليات
المحكمة العالمية لفلسطين، التي يشترك في تنظيمها خمس منظمات
حقوقية غير حكومية مقرها جنيف هي: المعهد الإسكندنافي لحقوق الإنسان، الاتحاد
الدولي للحقوقيين ـ جينيف، مركز جنيف للديمقراطية وحقوق الإنسان، العدالة الواحدة، والمعهد الدولي للسلام
والعدالة وحقوق الإنسان بدعم وإسناد من التحالف القانوني العالمي من أجل
فلسطين.
وأعلن القائمون على هذه المحكمة، أن الهدف من
عقدها ليس فقط توثيق
جرائم الاحتلال وعرضها أمام العالم، والجهات المختصة منه
تحديدا بهذا النوع من الجرائم ومتابعة مرتكبيها، وإنما أيضا في أن تكون مساهمة في
العمل من أجل منع تكرار مثل هذه الجرائم عبر قضاء دولي نزيه يحتكم إلى المبادئ
الحقوقية الكونية ومعايير العدالة والنزاهة الدولية.
"عربي21"، تحاور اليوم أنور
الغربي مدير مركز جينيف للديمقراطية وحقوق الإنسان، باعتباره أحد الجهات المنظمة
والراعية لهذه الندوة، لمعرفة السياق والأهداف التي تسعى هذه الندوة لتحقيقها..
س ـ لنبدأ من المحكمة الدولية الخاصة
بفلسطين المرتقب انعقادها هذا الأسبوع في جينيف.. ما هي أهميتها وما هو سياقها
العام؟
ـ بعد
مرور أسابيع على بداية إسرائيل لحربها على قطاع
غزة وانتهاكاتها اليومية في الضفة
الغربية المحتلة كان واضحا أن حكومة الاحتلال وبدعم كبير في البداية من الحكومات
الغربية سائرة باتجاه ارتكاب مجازر وتهجير للسكان في غزة وإبادة لكل مناحي الحياة.
تداعت العديد من المنظمات والجمعيات والتكتلات لرصد الانتهاكات وانطلق العمل
لتجميع الشهادات والتوكيلات لتقديمها لمحكمة الجنايات الدولية التي مُنع مدعيها
العام من دخول مسرح الجريمة في غزة وكان ذلك مؤشرا خطيرا على رغبة الحكومة
الإسرائيلية ومن يدعمها في ارتكاب جرائم وانتهاكات بعيدا عن المحاسبة.
وبمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان اجتمع
في جينيف العشرات من الأكاديميين والقضاة والمحامين والمفكرين والباحثين وشخصيات دولية معروفة في
مجال حقوق الإنسان لدراسة سبل وقف الهجوم المتهور على قطاع غزة بعد 7 أكتوبر 2023.
شارك ما يقرب من خمسين شخصا، من 17 دولة. واختير عنوان المنتدى الدولي: "المحكمة الجنائية الدولية: تكون
أو لا تكون".
أغلب المشاركين يتابع الملف الفلسطيني أمام
هذه المحكمة منذ سنوات طويلة، وهم شهود على الضغوط الغربية لكل القضايا المتعلقة
بحقوق الفلسطينيين والانتهاكات الإسرائيلية الجسيمة.
ومن هذا المنتدى ولد "التحالف القانوني
العالمي من أجل فلسطين" الذي يضم عشرات الجمعيات والمحامين ومنظمات المجتمع
المدني الدولية في حوالي 45 دولة.
عقد التحالف الملتقى الثاني في 4 مارس 2024،
للنظر في مجمل الآليات القانونية ودعم وإسناد التحرك القانوني نحو المحكمة
الجنائية الدولية، ومحكمة العدل الدولية، والعديد من المحاكم الوطنية وفقا للولاية
القضائية، ووقع الاتفاق على خطة عمل شاملة منها إنشاء محكمة دولية دائمة لحقوق
الفلسطينيين من أجل فتح جميع ملفات جرائم الاحتلال الإسرائيلي، وتحليل ورصد وتوثيق
كل الجرائم ومنها جريمة الإبادة الجماعية المستمرة والتي وثقتها كاميرات العالم،
وتشريح نظام الفصل العنصري الإسرائيلي في القانون والممارسة اليومية التي تستهدف
الفلسطينيين .
س ـ ما هي الأهداف والرسائل المتوخاة من
انعقاد هذه المحكمة الشعبية للاحتلال بينما فشلت جهات دولية نافذة في وقف هذه المجازر
وهي تدخل شهرها التاسع؟
ـ تعقد
المحكمة على امتداد 3 أيام من 6 إلى 8 يونيو الجاري بجينيف وتسعى لتحقيق عدد من
الأهداف عبر توثيق الجرائم المختلفة والاستماع للشهود والضحايا وممثلين عن
القطاعات المختلفة التي استهدفها الجيش الإسرائيلي ويرأس جلسات الاستماع قضاة
وخبراء ومختصون سيستمعون لشهادات من مختلف القطاعات وتعرض عليهم تقارير موثقة أعدت
خصيصا لتقدم للمحكمة مع عرض تقارير ميدانية وشهادات.
تتناول الجلسات عددا من المحاور منها:
1 ـ الإبادة الجماعية في غزة، والعواقب
المباشرة وغير المباشرة على الفئات الضعيفة: النساء والأطفال وذوي الاحتياجات
الخاصة، بما في ذلك الجرحى والمعوقين.
2 ـ انتهاكات قوات الاحتلال الجسيمة للسلامة
العقلية والجسدية وممارسات الخطف والاحتجاز الجماعي.
3 ـ الإبادة الجماعية في غزة: وسائل الإعلام
والأكاديميون والعاملون في المجال الطبي كمجموعات يحميها القانون الإنساني الدولي.
4 ـ هل تقوم المحاكم الدولية بدورها في
مواجهة الإبادة الجماعية؟ محكمة العدل الدولية، المحكمة الجنائية الدولية...
5 ـ ما هو تقييم أداء منظمات الأمم المتحدة
وما هي سياسة الاحتلال تجاهها؟
وسيتم الاتفاق على خطة عمل دائمة عبر الآليات
التالية:
ـ تنظيم وانتخاب اللجنة الدائمة للدورات
القادمة للمحكمة.
ـ إنشاء فريق عمل لمراقبة المحاكم الدولية
والإقليمية والوطنية وتقييم أدائها والضغوط السياسية والضغط المناهض للعدالة.
ـ تشكيل مجموعة عمل بحثية لتقديم نهج متعدد
التخصصات لمكافحة نظام الإبادة الجماعية والفصل العنصري في السياق الفلسطيني.
ـ إنشاء فريق تنسيقي للدفاع عن الضحايا
وتحقيق العدالة بين المحامين من مختلف دول العالم.
وقد أكد حوالي 150 شخصية مشاركتهم في أشغال
الجلسات سواء حضوريا أو عن بعد وهم يمثلون حوالي 40 جنسية من القارات الخمس وجميع
هؤلاء يمثلون قطاعات مرتبطة بالعدالة وبالقانون الدولي وسوف يحضر أشغال الجلسات في
جينيف نخبة من القضاة والمحامين والمفكرين والحقوقيين من أجل العمل على إنشاء
محكمة عالمية من أجل فلسطين.
سيشارك في هذه المحكمة شخصيات دولية معروفة
بالنزاهة والاستقلالية مثل المقرر السابق لفلسطين البروفسور ريتشارد فولك ونائبة
الأمين العام للأمم المتحدة سابقا الدكتورة ريما خلف والمحامي الفرنسي جيل دوفير
ممثلا لتكتل يجمع عديد الجمعيات والمحامين والمحامية الإيطالية مايكلا أريكاد
ممثلة عن تحالف محامين من إيطاليا والنرويجي بنت أندرسن والمحامي شل بريغفيلد
والصحفي جاك ماري بورجيه من باريس والمحامي بابلو أريا زكارياس من التشيلي ورئيس
هيئة القضاة السابق في غزة القاضي أشرف نصرالله وأكثر من 20 أستاذا في القانون
الدولي الجنائي وأطباء وصحفيون وحقوقيون عملوا في غزة ويعرفون ما وقع لزملائهم من
قتل واعتقال وتعذيب.
في المجمل سيكون لدينا حضوريا أكثر من 76 شخصية عالمية للتذكير بعدد سنوات النكبة
والعمل على إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني عبر آلية القانون الدولي والمحكمة
الدولية الخاصة هي إحدى الأدوات لتحقيق العدالة .
وتعقد الجلسات في قاعة فيها رمزية كبيرة
متعلقة بالنضال ضد نظام الميز العنصري وكان اختارها الزعيم نلسون مانديلا لإلقاء
محاضرته في جينيف.. كما يشارك
عشرات الخبراء والمختصين من جامعات في فلسطسن وأخرى في بيروت.
س ـ ما الذي يمكن أن يضيفه مؤتمر التأسيس
لمحكمة دولية ضد الاحتلال على المستوى العملي؟
ـ لقد
شكلت حرب الإبادة ضد الفلسطينيين نقطة تحول في تاريخ العالم بأسره، ومن واجب جميع
أنصار العدالة والحقوق أن يرتقوا إلى مستوى الحدث.
لقد تجاوزت الانتهاكات للقانون الدولي وللعدالة
كل الحدود وصار بعض السياسيين في الغرب لا يتردد في مهاجمة المحاكم الدولية لإخضاع
قضاتها وترهيبهم، لذا صار من الملح أن يتم تشكيل لجنة دائمة مع هذه المحكمة لرصد
التدخلات السياسية والضغوط التي تمارس لشل ووقف عمل القضاء الدوليين في كل ما
يتعلق بالحقوق الفلسطينية. وفي الوقت نفسه، تطوير مقاربة مجتمعية لحقوق الإنسان
لمفهوم الجرائم الخطيرة وخاصة جريمة الإبادة الجماعية، والمساهمة في إثراء وتعزيز
خطاب الحركات المدنية والطلابية في العالم، باعتبار أن القضية الفلسطينية أصبحت
المعيار بين العدالة والوحشية.
وتبين التقارير والدراسات التي تم إعدادها
خلال الأشهر الثلاثة التي سبقت انعقاد المحكمة، حجم الفضائع والجرائم المرتكبة
وتوثيقها سيسمح بمتابعة أكثر دقة، والاستماع لشهادات لدعم العدالة وحكم القانون،
والمناقشات والمخرجات سوف تبين أفضل السبل للملاحقة القانونية للمجرمين الذين
اعتبروا حتى اليوم فوق العدالة والمساءلة.
وبوضوح لن تكون هذه المحكمة مجرد مناسبة
لتعريف وتقديم الأدلة على جرائم الإبادة الجماعية والفصل العنصري. بل هي بداية نهج
ووسائل إبداعية للنضال والبحث لجعل العدالة في فلسطين المقياس المركزي لتراجع
العدالة الدولية أو تقدمها. حتى اليوم، كانت الحكومتان الإسرائيلية والأمريكية
ذروة هدم أي تقدم على مستوى العولمة القضائية، وللتذكير فإنه تم تعديل القانون
الجنائي في بلجيكا والنرويج وبريطانيا والعديد من الدول لوقف محاكمة مجرمي الحرب
الإسرائيليين.
لذلك يتم تعبئة أكثر من خمسين أستاذا
للقانون الجنائي الدولي والمحامين والقضاة معنا في هذا المشروع، ولكن أيضا
الباحثين والفلاسفة والمؤرخين وعلماء الاجتماع من أجل الخروج من منطق
"العدالة السائدة" وتحقيق العدالة للجميع لهذا سوف يتم:
ـ تنظيم وانتخاب اللجنة الدائمة للدورات
المقبلة للمحكمة.
ـ الفريق العامل المعني بمراقبة المحكمتين.
ـ مجموعة العمل في النهج متعدد التخصصات
للإبادة الجماعية ونظام الفصل العنصري في الحالة الفلسطينية.
ـ مجموعة التنسيق للدفاع عن الضحايا
والعدالة.