رغم محاولة والده ثنيه، دفع خليل عواد ( 25 عاماً ) قاربه بقوة باتجاه المياه صباح أمس الإثنين، في الوقت الذي بدا فيه البحر قبالة مدينة
غزة هادئاً.
وقال الوالد حسن ( 58 عاماً )، الذي أمضى حتى الآن أكثر من ثلاثة عقود في العمل كصياد إنه يخشى أن يعتدي جنود البحرية " الإسرائيلية " على ولده أو يعطبوا القارب، الذي يعتبر " رأس المال "لوحيد للعائلة المكونة من 15 شخص، وتقطن في غرب مدينة غزة.
ويضيف حسن وهو لازال يتابع بناظريه والده الذي كاد أن يغيب خلف الأمواج التي بدأت بالارتفاع إن حياة الصيادين في غزة قد تحولت إلى جحيم لا يطاق بفعل
الاعتداءات " الإسرائيلية " المتكررة.
وقال لـ "عربي21" أنه نجا قبل ثلاثة أشهر من الموت بأعجوبة عندما أطلق جنود بحرية الاحتلال النار على قاربه بشكل مباشر، على الرغم من أنه لم يتجاوز مسافة الثلاثة أميال المسموح للصيادين بالإبحار عبرها ".
من ناحيته يقول محمد سالم ( 35 عاماً )، وهو قد أمضى 12 عاماً في هذه المهنة لـ "عربي21" إن جنود الاحتلال يتعمدون زيادة التضييق على الصيادين أثناء مواسم الصيد المهمة، سيما موسم صيد السردين، حيث يقوم جنود الاحتلال باعتقال الصيادين أو إعطاب قواربهم أو ضربهم.
وحسب مصدر أمني تحدث إليه "عربي21"، فأنه قد تم تسجيل حالات كثيرة لصيادين تم اختطافهم في عرض البحر من قبل بحرية الاحتلال وتم اقياد قواربهم إلى قاعدة بحرية عسكرية للاحتلال تقع على ساحل مدينة عسقلان، حيث حاول ضباط جهاز المخابرات الداخلية الإسرائيلي " الشاباك " ابتزازهم ودفعهم للتجسس على المقاومة الفلسطينية.
وأضاف المصدر أنه حسب إفادات الصيادين الذين بادروا لإبلاغ الأجهزة الأمنية بما حدث معهم، فأن ضباط " الشاباك " حاولوا مساومتهم بين السماح لهم بالصيد بحرية في عرض البحر مقابل الإبلاغ عن تحركات رجال المقاومة في مناطق سكناهم، وهو ما رفضوه.
وحسب معطيات حصل عليها "عربي21" من المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، ومقره مدينة غزة، فإن سلطات الاحتلال قتلت خلال الأعوام الأربعة الماضية صيادين وجرحت 24 ، في حين اعتقلت 147 آخر، فيما صادرت 42 قارب وأعطبت 113 قارب، مع العلم أن عدد الصيادين في القطاع يبلغ حالياً 4200 صياد.
ومما فاقم أوضاع الصيادين مأساوية حقيقة انضمام الجيش
المصري بعد الانقلاب لجيش الاحتلال في تعقب الصيادين الغزيين والاعتداء عليهم وقمعهم، سيما صيادو محافظة رفح، أقصى جنوب القطاع.
فحتى في أشد الكوابيس لم يتصور إبراهيم النجار ( 21 عاماً )، أن يفقد مصدر رزقه كصياد، بعد إصابته برصاص البحرية المصرية في شهر أغسطس الماضي.
وأبلغ النجار "عربي21" أن بعد إصابته في يده وقدمه اليسرى لم يعد قادراً على ممارسة المهنة، مشيراً إلى أن الجنود المصريين أصابوا إثنين من زملائه واعتقلوا خمسة آخرين كانوا برفقته.
ومما لا شك فيه أن الحادثة التي هزت الرأي العام الفلسطيني كان الاعتداء الذي تعرض له الصياد عمر البردويل وطفله زياد ( 12 عاماً ) قبالة شواطئ رفح، في شهر سبتمبر الماضي.
وحسب شهادة البردويل، فأنه وعلى الرغم من أنه كان يبعد أربعة أميال عن حدود المياه المصرية، إلا أنه فوجئ بجنود البحرية المصرية يطلقون على قاربه النار، ويحيطون به، ثم ينهالون عليه بالضرب أمام طفله زياد.
وأضاف عمر أن الجنود المصريين ضربوه بالعصي وأعقاب البنادق، وشجوا رأسه، رغم حثه لهم بعدم ضربه أمام طفله.
وحسب شهادات الصيادين في المنطقة، فأن اعتداءات الجيش المصري بدأت فقط بعد الانقلاب والإطاحة بالرئيس محمد مرسي.
هكذا تبدو معاناة الصيادين في غزة مضاعفة، فهم يعيشون بين مطرقة جيش الاحتلال وسندان الجيش المصري.