كشفت الخطوة التي أعلن عنها المجلس الأعلى للثورة السورية في الأسبوع الماضي والتي قضت بعزل رئيس هيئة الأركان اللواء
سليم إدريس وتعيين العميد عبد الإله البشير النعيمي عن خطوة نحو الأمام لتوحيد قوى
الثورة السورية وبناء مركز وتسلسل قيادي، يقوم بتنسيق الجهود العسكرية ونقل الدعم العسكري الخارجي من حالة الضعف التي يواجهها المجلس الذي ولد قبل 14 شهرا للقيام بنفس المهام. فقد تعرضت مخازن الأسلحة التي تعود إليه لسيطرة من الجماعات الإسلامية المتشددة، وهي التي أدت في جزء منها لعزل إدريس، فيما قام أعضاء المجلس بسرقة وبيع الأسلحة، وانضم أحد قادته لتنظيم القاعدة بطريقة علنية.
وتشير صحيفة "نيويورك تايمز" إلى أن المجلس وعجزه بدا للعيان في التحرك الأخير لعزل إدريس.
ففي الوقت الذي رحبت فيه قيادة المعارضة السياسية في المنفى بالتحرك إلا أنه أثار دهشة الكثيرين داخل المعارضة بمن فيهم القائد الجديد الذي على ما يبدو لم يكن يعرف أنه مرشح للمهمة الجديدة.
ونقلت عن العميد عبد الإله البشير النعيمي أنّه لم يكن على علم بقرار تعيينه، "اتصل بي صديق مهنئا، وعندما سألته، هل هناك أخبار سعيدة، طلب مني مشاهدة التلفاز"، وقال " أقسم بالله، لم يتصل احد بي، لم أعرف أي شيء".
وتعبر تصريحات القائد الجديد عن المشاكل التي يعاني منها المجلس الذي أعلن عنه قبل 14 شهرا كي يكون مركز عمليات موحدة لها، وينقل المساعدات والدعم الخارجي للفصائل.
وأصبح المجلس حسب الصحيفة بعد أكثر من عام مؤسسة عاجزة وتعرضت مخازنه للسيطرة للنهب من قبل فصائل أخرى فيما استولى أعضاء فيه على الأسلحة وباعوها وأعلن واحد من قادته عن انشقاقه وانضمامه لصفوف القاعدة.
والتقت الصحيفة بعدد من قياديي المجلس، ومسؤولين في العمل اللوجستي ومقاتلين وقادة في المعارضة السياسية الذين وصفوا المجلس بأنّه يعيش حالة من العجز الشامل. فيما يتبادل قادة الفصائل الإتهامات فيما بينهم بأن كل فصيل مهتم بمناطق نفوذه.
وتأتي مشاكل المجلس في وقت فشلت فيه محادثات جنيف-2 بين المعارضة والنظام، ومحاولات إدارة الرئيس باراك أوباما البحث عن استراتيجية جديدة في سورية بحسب الصحيفة.
وتضيف "نيويورك تايمز" أن المجلس العسكري الأعلى للثورة السورية لم يثبت حضوره أو يحقق التوقعات منه. فمع أنه يتلقى الدعم العسكري من الدول الخارجية ويقوم بنقلها للفصائل داخل سورية إلا أن هذا لم يقدم له الدعم الكامل، مما جعل الكتائب المقاتلة تبحث عن مصادر دعم أخرى من دول الخليج وهو ما أعطاها استقلالية عن المجلس.
ويرى المقاتلون أن التنافس الخارجي خاصة بين دول الخليج زاد من الخلافات بين الجماعات المقاتلة بسبب تخصيص الدول الداعمة الأسلحة والمال لجماعات معينة تريدها.
ونقلت عن العقيد زياد عبيد الذي ساعد في إدارة عمليات الدعم الخارجي أن "المجلس تحول لمجرد مخزن للسلاح ونقطة توزيع وليس جهازاً عسكريا".
وعندما فشل اللواء إدريس بحرف ميزان القوى تعرض لانتقادات ويقول إبراهيم الحموي، منسق السلاح في جماعة الإخوان المسلمين "لا توجد هناك معركة واحدة قام بها المجلس يمكن الحديث عنها، أو قوة مولها".
واتهم آخرون أعضاء المجلس بتوزيع السلاح على رفاقهم أو بيعه لهم. ويقول قيادي لكتيبة قرب حماة إنه اشترى 22 ألف رصاصة و 80 بندقية من المجلس وباعها وربح فيها 20.000 دولار أمريكي وذلك من أجل إطعام جنوده.
وقال آخرون إن أعضاء بارزين في المجلس أخذوا أسلحة من مخازن الأسلحة قرب الحدود التركية. ففي الصيف الماضي قام مقاتلون من إدلب موالون لجمال معروف بأخذ أسلحة من مخازن المجلس.
ويشير التقرير إلى معضلة أخرى وهي الإنشقاقات داخل المجلس مثل إعلان صدام الجمال، الذي كان نائبا لرئيس الأركان، وانشق ليلتحق بالقاعدة متهما زملاءه السابقين بالفساد.
ويرى مساعد لإدريس وهو العميد فاتح حسون أن الانتقادات الموجهة للمجلس، صحيحة "كل هذا الحديث صحيح مئة بالمئة"، مضيفا أن "المجلس العسكري الأعلى للثورة السورية لم يعط المقاتلين الدعم الذي يريدونه".