لازالت ردود الفعل الغاضبة والمستنكرة للحكم الصادر الاثنين بإعدام 529 من أنصار الرئيس محمد مرسي ومعارضي الانقلاب العسكري تتواصل في
مصر.
ولم يقتصر انتقاد هذا الحكم على معارضي السلطة الحالية فقط، بل شمل أيضا الشخصيات والكيانات السياسية التي تؤيد الانقلاب، بعدما رأوا أن "الحكم يخلق تعاطفا مع جماعة الإخوان المسلمين، ويجعل صورة مصر سيئة أمام المجتمع الدولي" بحسب ناشطين.
إهدار للحقوق الدستورية
وقال نقيب المحامين سامح عاشور وهو أحد أشد منتقدي الإخوان المسلمين، إن قرار محكمة جنايات المنيا بإحالة أوراق 528 متهما إلى المفتى يعد إهدارا للمبادئ الدستورية التي استقرت على تأكيد وكفالة حق الدفاع للمواطنين جميعا دون تفرقة.
وأشار عاشور فى بيان له، الاثنين، وصل "عربي 21" نسخة منه إلى أن حرمان هيئة الدفاع عن المتهمين من إبداء طلباتهم يؤثر سلبا على حقوق المتهمين ومراكزهم القانونية في قضية كبيرة وخطيرة بهذا الحجم، سواء من ناحية نوعية الاتهامات أو من ناحية أعداد المتهمين، ما كان يستوجب إفساح المجال أمام محامي المتهمين لإبداء دفاعهم الذى كفله لهم الدستور والقانون.
وطالب عاشور النائب العام أن يقوم بالطعن على الحكم الصادر في الدعوى العمومية بطريق النقض، بسبب ما حدث من خطأ في تطبيق القانون وإهدار لحق الدفاع، محذرا من أن يكون الانتماء السياسي سببا في التعنت تجاه بعض المتهمين بسبب خلفياتهم السياسية.
القضاء "انتقائي"
وانتقد العضو المؤسس في حركة "تمرد" سيد غريب، الحكم وقال إن القضاء في مصر أصبح "انتقائيا".
وأضاف غريب - في حديثه لقناة "بي بي سي عربي" مساء الاثنين - أنه "لو كنا نريد تطبيق القانون فكان يجب محاكمة رموز الرئيس الأسبق حسنى مبارك"، متسائلا: "لماذا لم يتم محاكمة من قتلوا الثوار ومن يعذب المواطنين في السجون منذ ثورة 25 يناير بهذه السرعة؟".
وأكد أن الدولة تعمل على إرهاب الشعب المصري بمثل تلك الأحكام، مشيرا إلى أن الحكم يصب في مصلحة الدول المتعاطفة مع الإخوان كـ"تركيا وأمريكا"، على حد قوله.
كما أكدت المتحدث الرسمى باسم "تمرد"، مها أبو بكر، أن جماعة الإخوان المسلمين ستكسب تعاطفا إنسانيا فقط في الشارع المصري بعد
أحكام الإعدام، و"ليس معناه المشاركة في تظاهرات الجماعة".
"مناخ كارثي"
وقال الإعلامي حسين عبد الغني وهو أحد قادة جبهة الإنقاذ التي لطالما عارضت الإخوان في الفترة الأخيرة، معلقا على حكم محكمة جنايات المنيا: "في محكمة نورمبرج لجرائم النازية في الحرب العالمية الثانية التي تسببت في مقتل 50 مليون إنسان لم يحكم بالإعدام إلا على 12 متهما نفذ الحكم في ستة منهم فقط (...) المحكمة المصرية أصدرت حكما غير مسبوق في تاريخ مصر وربما في تاريخ العالم الحديث بإعدام 529 من الاخوان".
وتساءل عبد الغني: "هل هناك راشد يضبط هذا المناخ المكارثي قبل يومين من الحدث المنتظر".
وعلق الكاتب والروائي شكري فشير - المعارض للإخوان – على الحكم ساخرا: "وبكدة انضمت ناجزة لأختها سلمية".
أما المنسق العام للجمعية الوطنية للتغير المعارضة للإخوان أيضا، فذهب أبعد من الجميع، وأكد أن القاضي سعيد يوسف صبري الذي أصدر حكم إعدام المئات من الإخوان المسلمين، "ينتمي للجماعة".
وقال أحمد النقر - على "فيس بوك"- "تفسيري الوحيد أن هذا القاضي إخواني، وأنه أصدر هذا الحكم الذي يعرف أنه سيتم نقضه في أول جلسة لكي يقلب العالم على مصر، ويزيد من تشويه صورتها أمام العالم، كما حدث في قضية فتيات 7 الصبح في الإسكندرية، وستدفع مصر ثمنا غاليا لأن السلطة التي تحكم لا تنتمي للثورة، وتعيد إنتاج نظام مبارك بغباء تحسد عليه".
استغراب عام
أما المرشح الرئاسي المحتمل لانتخابات الرئاسة المقبلة حمدين صباحي، فدعا إلى توفير محاكمة عادلة للمهمين من الإخوان.
وقال صباحي عبر "تويتر": "أؤكد على الحاجة إلى احترام القواعد الثابتة في محاكمة عادلة تستوفي تمكين هيئة الدفاع وحق الرد والوقت الكافي لتحضير الدفوع عن المتهمين".
وحتى الإعلامي عمرو أديب – المشهور بعدائه للإخوان – فأبدى استغرابه من الحكم بإعدام 529 متهما خلال محاكمة استمرت "ثلاثة أيام فقط ومن ثاني جلسة".
وقال أديب، عبر "تويتر": "كنت دائمًا مع العدالة الناجزة، ولكن إعدام لـ 529 متهم بعد محاكمة 3 أيام ده كتير، هو إحنا يا نحاكم الناس العمر كله يا نعدمهم بعد 3 أيام؟".
كذلك أعرب حزب النور السلفي – أحد القوى المشاركة في انقلاب يوليو – عن استنكاره للحكم.
وقال مساعد رئيس الحزب للشؤون القانونية الدكتور طلعت مرزوق، إن الحكم بإعدام ما يزيد عن 500 متهم يثير العديد من علامات الاستفهام، خاصة وأن المحكمة لم توفر ضمانات الدفاع عن المتهمين.
أما حزب "مصر القوية"، فقال إن هذا الحكم بالغ السرعة، مخالف لكل قواعد القانون حتى الشكلية منها، في مقابل أحكام البراءة لكل رجال مبارك، محذرا من أن "العدالة المجتزأة أو الغائبة تزيد الجراح"، وقد تدخل البلاد في نفق مظلم.
وأضاف الحزب في بيان له –وصل عربي 21 نسخة منه- أن هذا الحكم هو الأقصى من نوعه في تاريخ مصر بعد سلسلة طويلة من أحكام البراءة التي صدرت بحق ضباط الشرطة الذين اتهموا بقتل المتظاهرين في ثورة كانون الثاني/ يناير بحجة عدم كفاية الأدلة، وبعد صدور حكم بسجن ضابط واحد وبراءة ثلاثة آخرين ساهموا بدم بارد في قتل 37 سجينا خنقا في عربة ترحيلات سجن أبو زعبل.