برز خلال الأشهر القليلة الماضية اسم كتائب "الانغماسيين" في معادلة الصراع في
سوريا الذي دخل عامه الرابع، كإحدى أقوى التشكيلات وأكثرها صلابة، حيث يكلف عناصرها بتنفيذ المهام الصعبة وقيادة عمليات قوات المعارضة ضد قوات النظام.
وتحولت تلك الكتائب إلى مصدر "رعب حقيقي" لقوات النظام وسبباً لفرار عناصرها من مواقعهم لمجرد سماعهم بوجود "انغماسيين" بين صفوف القوات التي تهاجمهم، بحسب عناصر في الجيش الحر الذين يشاركون "الانغماسيين" في العمليات القتالية في بعض الأحيان.
فمن هم "
الانغماسيون" وماهي مهامهم وعقيدتهم القتالية؟
أولاً- التسمية:
"الانغامسيون" مصطلح جديد تطلقه الفصائل الإسلامية التي تقاتل النظام السوري على العناصر الأكثر اندفاعاً وشجاعة فيها، والتي تقوم بتنفيذ عمليات الاقتحام للنقاط الاستراتيجية والمحصّنة للعدو، وهم يوازون ما يُطلق عليه عناصر "كتائب الاقتحام" أو "القوات الخاصة" في الجيوش النظامية، والذين يتمتعون بقدرات بدنية وتدريبية عالية.
ثانياً- السلاح والعتاد:
عادة ما يكون "الانغماسي" مسلحاً ببندقية آلية أو ما يطلق عليه في سوريا "بارودة روسية"، وهو السلاح الخفيف الأكثر انتشاراً بين مقاتلي طرفي الصراع في البلاد، إضافة إلى "جعبة عسكرية" تحوي عدداً من مخازن الطلقات، إلى جانب عدد من القنابل اليدوية التي يستخدمها لتغطية تقدمه واقتحامه.
وغالباً ما يكون "الانغماسيون" يرتدون أحزمة ناسفة يفجرونها بأنفسهم في حال محاصرتهم أو القبض عليهم من قبل قوات النظام، وذلك بهدف إلحاق أكبر قدر من الخسائر في صفوف العدو وعدم وقوعهم أسرى بين يديه.
ثالثاً- الزي والراية:
يرتدي "الانغماسيون" الزي شبه الموحّد الذي يرتديه عناصر الفصائل الإسلامية، وهو ما يعرف بـ"الزي الباكستاني" المكون من بنطال وقميص طويل إلى الركبة وغالباً ما يكون أسود اللون، كما يكونون عادة ملثمين ويضعون عصابات قماشية على رؤوسهم مكتوب عليها شعارات إسلامية.
ويرفع "الانغماسيون" الراية السوداء المكتوب عليها باللون الأبيض "لا إله إلا الله محمد رسول الله"، وهي الراية المشتركة التي ترفعها معظم الفصائل الإسلامية في سوريا.
رابعاً- العقيدة القتالية:
يمتلك "الانغماسي" عقيدة قتالية "استشهادية"، حيث يقوم باقتحام مواقع شديدة الحراسة والتحصين للعدو بأسلحة فردية خفيفة، كما أن ارتداءه للحزام الناسف يُثبت تلك العقيدة.
كما أنه يقوم عادة بتوديع أصحابه وكتابة وصيته وتحديد مكان دفنه أحياناً، قبل خروجه للقيام بعمليته "الانغماسية".
خامساً- الحاضنة:
معظم الفصائل الإسلامية تمتلك عناصر "انغماسية"، إلا أن أبرز تلك الفصائل هي جبهة "النصرة" و"الجبهة الإسلامية" وتنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" أو ما يسمى "داعش"، في حين أن كتائب وألوية الجيش الحر لا تمتلك مثل تلك العناصر، إلا أن الأخيرة تشارك في العمليات المشتركة التي يقودها "الانغماسيون".
سادساً- المهام:
من أبرز مهام "الانغماسيين" الهجوم على المناطق الأكثر تحصيناً لدى العدو والمتمثلة بالتلال المرتفعة أو المراصد أو المباني المحصّنة، حيث يقومون بمحاولة السيطرة على تلك النقاط لتمهيد عملية اقتحامها والتقدم فيها من قبل زملائهم والعناصر المؤازرة لهم تمهيداً للسيطرة الكاملة عليها.
سابعاً- الفرق مع "الاستشهاديون":
يختلف "الانغماسيون" عن "الاستشهاديين" أو "الانتحاريين" كونه لا يشترط أن ينفذ "الانغماسي" عملية استشهادية أو انتحارية تودي بحياته، وحصل عدة مرات أن قام "انغماسيون" بقيادة عربة ملغومة إلى هدف تابع للعدو وتفجيرها عن بعد، بعد تمكنه من الانسحاب منها عقب ركنها في المنطقة المستهدفة، وذلك للقيام بعملية أخرى، بحسب ما صرّح عدد منهم في شرائط الفيديو التي تبثها بعض الفصائل الإسلامية لتوثيق عملياتها.
ثامناً- التواجد والانتشار:
يتواجد "الانغماسيون" عادة في جبهات القتال بين قوات النظام والمعارضة، وبرز وجودهم مؤخراً في معركة "الأنفال"، التي بدأتها "جبهة النصرة" وفصائل إسلامية أخرى ضد قوات النظام شمالي محافظة اللاذقية غربي سوريا، قبل 3 أسابيع.
وكان لهم دور بارز في السيطرة على المرصد "45" الاستراتيجي وارتفاع 800 عن سطح البحر، بعدما تقدم 150 "انغماسي" قوات المعارضة التي عملت على السيطرة على تلك النقطة الاستراتيجية، إضافة إلى دورهم في السيطرة على بلدة "كسب" وعدد من المناطق المجاورة لها.
كما برز وجودهم في معارك منطقة القلمون بريف دمشق جنوبي البلاد، خلال الأشهر الماضية، عندما قاموا بشن هجمات "خاطفة" على قوات النظام المدعومة بعناصر من حزب الله اللبناني وإيقاع خسائر كبيرة في صفوفهما، بعد فقدان قوات المعارضة السيطرة على عدد من المدن والبلدات في المنطقة كان آخرها بلدتي "يبرود" و"رنكوس".