لولا أن المجتمع الدولي تدخل في
ليبيا وأعان الثوار، لظل القذافي إلى اليوم يقتل في الشعب الليبي وسط استقبال مراسيل الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي.
لم يكن
أوباما يومها متحمسا لدعم المجهود الدولي وكان مرتاحا للتعامل مع العقيد ، ولكن مستشاريه ، وعلى رأسهم النساء الثلاثة في البيت الأبيض والخارجية واأمم المتحدة ضغطوا للحاق بالركب الدولي الذي كانت تقوده فرنسا لأسباب برجماتية تتعلق بالنفط الليبي والمصالح مع الدول الخليجية وخصوصا قطر والسعودية.
الذي حسم المعارك إضافة إلى شجاعة الثوار واستشهاديتهم هو الغطاء الجوي والسلاح النوعي المضاد للدروع، كان الطيارون الفرنسيون والأميركان والأردنيون والأتراك.. يمنعون طيران العقيد المجنون من إلحاق الأذى بالمدينين، وكانت صورايخ الميلان الفرنسية المضادة للدروع قد وصلت للثوار بتمويل قطري.
تكافأ التسليح وتفوق الثوار بإيمانهم وشجاعتهم وفي النهاية تحقق الهدف الأسمى وهو حماية الشعب الليبي مع مستبد متوحش، كان سيواصل إبادة الشعب الليبي دون اعتبار لأخلاق أو قانون.وكل سنوات الفوضى التي تعيشها ليبيا منذ سقوط الطاغية لم يرق فيه دم كيوم من أيام العقيد.
في سوريا تصلب أوباما لأسباب تتعلق بلوبيات نافذة في أرداته وعلى رأسها لوبي نيتاهو-بوتين، فضلا عن اللوبي المسيحي والأرمني والشيعي الذي يرى التحالف مع إيران والمالكي لحماية "الأقليات " خصوصا في ظل الصفقة النووية. والسبب الأهم هو شخصية أوباما التي تريد أن تخلد في التاريخ بوصفه زعيما مترفعا عن الحروب يحقق السلام ويحل الأزمات الاقتصادية والسياسية. وثمة نظرية أخرى تقول أنه ونتياهو يتعمدون استنزاف سورية وتدميرها واإنهاك إيران والفصائل الجهادية سنية وشيعية.
بالنتيجة،وبمعزل عن الأسباب أوباما شريك في قتل
الشعب السوري،لأنه شخصيا وخلافا لأكثرية إدراته يقف ضد السماح بتزويد الثوار السوريين بمضادات الطيران التي تمنع طيران المجرم بشار من إلقاء البراميل المتفجرة على المدنيين. التفصيل هنا مهم. السلاح موجود لدى الدول الداعمة للثورة السورية ،لكن تلك الدول لا تستطيع تزويد الثوار به دون موافقة أميركية. وهي إلى اليوم لم تتحقق.
وصول السلاح إلى الأيدي الخطأ كذب مفضوح، تستطيع الإدراة الأميركية الاعتماد على تشغيل البصمة للسلاح، وفي حال انتقاله إلى يد أخرى لا يعمل. ولدى الإدراة الأميركية اختراقات واسعة في صفوف النظام والمعارضة على السواء. وتستطيع أن تجد مئة عميل لها تزودهم بالصواريخ المضادة للطيران ودورهم فقط منع الطيران من استهداف المدنيين . يعني يستطيع أوباما أن يحقق سياسة استنزاف الجهاديين سنة وشيعة ، مع أقل الخسائر في صفوف المدنيين، عندما تقصف طائرات النظام مواقع جهادية يسمح لها عندما تقصف أحياء مدنية تسقط.
لكن أوباما غير معني بمئتي ألف قتلوا في سورية، ولا يهزه تهجير مليون حمصي وتدمير مدينتهم على رؤوس أهلها، وهو يعلم أن حمص تخلوا من التنظيمات الجهادية العالمية معتدلة ومتطرفة ،وأهلهما هم من ظلوا يقاتلون فيها.في المقابل تترك داعش تعيث فسادا كما النظام وترتكب المجازر الجماعية في سبيل " تحكيم شرع الله ".
لم يعد سرا أن خططا متكاملة قدمت من اليوم الأول لأوباما لوقف المجازر التي تستهدف المدنيين لكنه ظل يماطل ويتردد ، ولو سمح بتكرار النموذج الليبي في سوريا لأنقذ حياة أكثر من مئة ألف سوري ،وأوقف تهجير نصف الشعب وأكثر من نصف بنيته التحيتية. لكنه شريك في الجريمة صمتا وتغطية وتواطؤا، وهذه سياسيته تتكرر في مصر السيسي ، وفي أوكرانيا وغيرها. إنها ليست سياسية إنعزالية بقدر ما هي تدخلية لصالح بشار الأسد. الانعزالية هي ما حصل في ليبيا دعهم يتدخلون ، في سورية لن يتدخلوا.