كتب محرر الشؤون الدولية في صحيفة "الغارديان" البريطانية إيان بلاك معلقا على
الانتخابات المصرية والسورية قائلا "لم يحبس أحد أنفاسه حول نتائج الانتخابات السورية التي تكون نتيجتها عادة فوز بشار الأسد بالرئاسة".
وقال الكاتب إن الأسد عندما واجه في عام 2007 استفتاء على رئاسته ولم ينافسه أحد حصل على نسبة 97.6% ولكنه حصل على نسبة 88.7% من أصوات الناخبين عندما خاض الانتخابات مع مرشحين وافقت عليهما الحكومة في تصويت غريب.
ويشير "لم يكن سهلا على الأسد أن يتجاوز -وبمصداقية- النسبة التي حصل عليها الجنرال عبد الفتاح
السيسي، آخر جنرال يصل للسلطة في مصر".
ويعلق أن نسبة الذين شاركوا حسب الأرقام التي أعلنتها الحكومة 47% وهي نسبة إن صحت محبذة مقارنة مع نسبة 52% التي حصل عليها محمد مرسي عام 2012.
ويقول بلاك "ربما لم يكن مرسي حاكما يحظى بشعبية كما يقول أعداؤه لكنه لا يزال يحمل لقب الرئيس الوحيد المنتخب ديمقراطيا عندما أطاح الجيش به قبل عام".
ولاحظ الكاتب أن ساعات التصويت مددت في كل من القاهرة ودمشق، إلا أن الطريقة التي استقبلت فيها الانتخابات دوليا مختلفة فقد سارعت فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة لتهنئة السيسي على فوزه عندما أعلنت النتائج النهائية يوم الثلاثاء- مع بعض الكلمات للاستهلاك حول قلقها على حقوق الإنسان.
ووعدت الدول الخليجية، خاصة السعودية التي لا تقلق على مواقف الناخبين ولا يهمها جماعات الضغط التي ربما تقوم بمساءلة سياستها الخارجية بدعم مالي جديد لتعزيز الاقتصاد المصري.
ورفضت نفس الدول التي عبرت عن استعدادها للعمل مع مصر الانتخابات السورية باعتبارها سخرية من الديمقراطية تهدف لتعزيز موقع الأسد في الداخل والخارج، والتأكد من أن فكرة السلام ما هي إلا منظور بعيد المنال.
ويعلق الكاتب هنا أن تزامن إعلان نتائج الانتخابات في خلال 24 ساعة يشير للوضع القاتم في منطقة الشرق الأوسط، فلا توجد في المنطقة باستثناء تونس حكومة تتمتع بشرعية ديمقراطية أو تعددية سياسية كما تفهم في الدول الغربية.
ويتحدث الكاتب عن ليبيا والتي يرى أنها تعيش حالة من الفوضى الدائمة، ولم تكن الحكومة قادرة على فرض السلطة أو الحد من سيطرة الميليشيات المستقلة، وهناك حالة من الغليان المتزايدة بين الجماعات الإسلامية التي تمثل اتجاهات مختلفة والجنرالات السابقين الذي يتبعون خطى السيسي.
فيما تجاوزت دول الخليج الاستبدادية الربيع العربي من خلال الإنفاق الضخم وقمع الإسلاميين وغيرهم ممن يتحدون سلطة الحكومة.
والوضع ليس أحسن في المغرب والأردن التي تمتع ببرلمانات، وخافت الجزائر من تكرار الحرب الأهلية في التسعينات من القرن الماضي فعادت وانتخبت الرئيس مدى الحياة، وتقدم نفسها باعتبارها حاجزا ضد التشدد الإسلامي.
وفي العراق ولبنان تتشكل السياسة بناء على البعد الطائفي، أما بالنسبة لليمن الذي عاش "عملية تحول مدارة" فإنه يعاني من مشاكل عميقة.. والدروس واضحة وهي أن الانتخابات وحدها لا تبني ديمقراطيات.
وتحدث الكاتب عن التحديات الكبرى التي تواجه السيسي، كما أن المشاركة المتدنية في الانتخابات لا تضمن له الدعم القوي الذي كان يرغب بالحصول عليه، حيث وعد بمكافحة الفقر والبطالة، وجذب الاستثمار الأجنبي.
ويقول بلاك، "قام حسني مبارك بقمع الإخوان المسلمين لكن الرجل القوي قادم لمحوهم، وهو موقف لا يدعم استقرارا دائما".
وعن مستقبل الأسد يقول الكاتب إن "مستقبله ليس مؤكدا، فخلف نصره الحتمي تقف حقيقة واضحة، وهي أن الناخبين صوتوا فقط بنسبة 40% من مناطق
سوريا التي تسيطر عليها الحكومة".
ولا تزال دول السعودية ودول الخليج الأخرى تدعم فصائل المقاتلين بسبب عدائها لإيران، ولكن الدعم الغربي لا يزال في مسار متدنٍ، خاصة أن هناك مخاوف من هبوب رياح تأثير الأزمة السورية عليها، وأصبحت المخاوف من القاعدة على رأس الأجندة في كل العواصم الغربية، واشنطن، باريس ولندن وغيرها، وهي قضية أهم من تغيير النظام أو تحرير سوريا.