تابعت
الصحف الغربية "بصدمة" حوادث
التحرش الجماعي التي وقعت في ميدان التحرير الأحد الماضي، ووصلت إلى حد الاغتصاب، أثناء الاحتفال بتنصيب عبد الفتاح
السيسي رئيسا للبلاد.
وأوضح مقطع فيديو انتشر بشكل كبير على الإنترنت فتاة عارية تماما وعلى جسدها آثار كدمات ودماء، ويظهر ضابط شرطة يحاول إخراج الفتاة من بين الحشود التي تتحرش بها ثم نقلها إلى سيارة إسعاف في حالة إعياء كامل.
وبينما أكدت بعض الصحف أن ظاهرة التحرش تمثل اختبارا مبكرا للرئيس الجديد، أشارت صحف أخرى إلى أن الاعتداء على المتظاهرات في ميدان التحرير بدأ على يد السيسي نفسه إبان ثورة يناير حينما كان مديرا للمخابرات الحربية.
وقالت صحيفة "لوموند" الفرنسية، إن "التحرش بالنساء بدأه
الجيش في ميدان التحرير حينما أجرى - في عهد المجلس العسكري السابق - فضيحة كشف العذرية الذي يعد أحد أنواع التحرش الجنسي".
كما لفتت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية إلى أن ظهور السيسي لأول مرة بشكل عام كان في عام 2011، عندما دافع عن "كشوف العذرية" التي قام بها جنود الجيش ضد متظاهرات اعتقلهن من ميدان التحرير، وقال إنها كانت بهدف حماية النساء من الاغتصاب وحماية الجنود والضباط من اتهامهم بالاغتصاب.
الأمن شريك في المهزلة
واتهمت صحيفة "لوموند" الفرنسية قوات الأمن بالمشاركة فيما أسمته بـ "المهزلة" يوم الأحد الماضي بعدما تركت الميادين مرتعا للمتحرشين.
وقالت إن العنف الجنسي ضد النساء في
مصر يزداد بمرور الوقت كأحد نتائج عدم الاستقرار السياسي، موضحة أن حوادث التحرش والاغتصاب زادت بين عامي 2012 و2013 بشكل ملحوظ، وأن المرأة أصبحت فريسة للخارجين على القانون أثناء المظاهرات والاحتجاجات في ظل الغياب الأمني الذي تعيشه مصر.
وأعلنت وزارة الداخلية أنها ألقت القبض على سبعة متهمين بارتكاب هذه الجريمة، مشيرة إلى أن هناك 27 شكوى أخرى مقدمة من نساء تعرضن للتحرش في نفس الليلة.
ونقلت "إندبندنت" البريطانية عن محمد حبيب أحد أعضاء حملة "شفت تحرش" قوله "إن الشرطة اختفت من المشهد في المساء وتم اقتحام الميدان، وهو ما سمح بزيادة حوادث التحرش"، مؤكدا أنه من المستحيل التفريق بين المتورطين في التحرش بالمرأة ممن كانوا يحاولون حمايتها.
وانتقدت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية ما يردده بعض أنصار السيسي من اتهام جماعة الإخوان المسلمين بالوقوف وراء الحادث، مشيرة إلى أن هذا الاعتداء البشع هو نتيجة انهيار قوة الشرطة، والتي ازداد انهيارها في أعقاب ثورة يناير.
ونقلت صحيفة "يو إس إيه توداي" الأمريكية عن "هيلين ريزو" الأستاذة في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، قولها إن الشرطة المصرية غير مدربة على التعامل مع حوادث التحرش الجنسي، فضلا عن أن تقريرا للأمم المتحدة أوضح أن 17% من جرائم التحرش قام بها رجال الشرطة أنفسهم.
إحراج السيسي
وعلقت مجلة "تايم" الأمريكية على الحادث بقولها إنه يشوه أجواء تنصيب السيسي رئيسا لمصر حيث وقع بعد ساعات فقط من وعوده بالقضاء على العنف الجنسي، معتبرة أنه مثل فضيحة للقائد الجديد.
وأوضحت "تايم" أن الاعتداء الوحشي على الفتيات في أشهر ميادين مصر أحرج السيسي، لا سيما وأنه يأتي بعد وعود له - خلال حملته الانتخابية - بإنهاء سلسلة الاعتداءات الجنسية التي اعتادتها الحشود في التجمعات الكبيرة، وصدور قوانين تشدد العقوبات على المتحرشين.
وأصدرت هيئة الأمم المتحدة تقريرا عام 2013 كشف أن نحو 99.3% من المصريات تعرضن لأحد أنواع التحرش الجنسي، بدءا من المطاردة إلى الاغتصاب.
وأصدرت 29 منظمة نسوية وحقوقية بيانا مشتركا أكدت فيه 9 سيدات على الأقل تعرضهن للتحرش يوم الأحد الماضي، وأنها وثقت أكثر من 250 حالة تحرش في مثل هذه التجمعات في الفترة بين نوفمبر 2012 ويناير 2014، واتهمت تلك المنظمات الحكومة بالفشل في حماية المراة ومواجهة التحرش، مشددة على أن "هناك حاجة لاستراتيجية وطنية لمواجهة المشكلة".
وقالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، إن "التحرش انتشر كالوباء في المجتمع المصري، وعلى ما يبدو فإن قانون مكافحة التحرش الجنسي الذي صدر قبل الواقعة بأيام قليلة لم يردع هؤلاء الرجال عن اغتصاب فتاة بشكل علني".
وتابعت في تقرير لها الثلاثاء، بأن واقعة الاغتصاب التي حدثت في ميدان التحرير يوم الأحد الماضي أثناء الاحتفال بتنصيب عبد الفتاح السيسي رئيسا للبلاد تعكس إحدى المعضلات التي ستواجه السيسي.
وأكدت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، أن التحرش بفتاة ميدان التحرير يمثل تحديا فوريا للرئيس السيسي، واختبارا لتعهده بالحفاظ على حقوق المرأة.
وبعد أن عقد مؤيدو السيسي الأمل على أن يمثل تنصيبه بداية عهد جديد لصالح المرأة، جاءت الحادثة خلاف تمنياتهم، وهو ما دفع منظمات حقوقية ونسوية لمطالبته بالتدخل دفاعا عن المرأة التي كانت قاعدة شعبية مهمة له أثناء ترشحه.
تشديد العقوبة متأخر جدا
وأصدر الرئيس المؤقت عدلي منصور قبل أيام قانونا جديدا لمكافحة التحرش ينص على معاقبة المتحرش بالحبس لمدة قد تصل إلى خمس سنوات.
لكن صحيفة "يو إس إيه توداي" الأمريكية اعتبرت أن قانون التحرش الجديد الذي أصدره مؤخرا الرئيس المصري المؤقت عدلي منصور، يعد خطوة في الاتجاه الصحيح لكنه جاء متأخرا جدا ومشكوك في فعاليته.
وأشارت الصحيفة إلى أن عددا من الحركات والمنظمات أنشئت على مدى السنوات الماضية لمكافحة التحرش الجنسي، بعدما ازداد الوضع سوءا في المجتمع المصري في أعقاب الإطاحة بالرئيس مبارك عام 2011.
وتساءلت: "هل سيطبق قانون التحرش بنزاهة؟ أم أنه سيُستخدم كذريعة لتبرير إلقاء القبض على أشخاص مرغوب في معاقبتهم؟".
وقالت صحيفة "إندبندنت" البريطانية إن وسائل الإعلام الغربية تناقلت جريمة التحرش الأخيرة باعتبارها نموذجا حيا على اختلال منظومة القيم والأخلاق في المجتمع المصري.
وأشارت الصحيفة إلى أن المظاهرات الحاشدة، أدت إلى ازدياد العنف ضد المرأة، حيث يشارك فيها "الغوغاء" للتغطية على اعتداءاتهم على السيدات جنسيا.
وقالت صحيفة "الغارديان" البريطانية، إن مصر تعاني من مشكلة التحرش التي لا تسلم منها فتاة في أي مكان، مشيرة إلى تعرض معظم السائحات في مصر لحالات تحرش.