في برامج وإعلانات الدولة الإسلامية "
داعش" ما تزال صورة الخليفة بعيدة عن الأضواء، إلا أن رسائل تويتر وأفلام الفيديو التي يضعها التنظيم على "فيسبوك" و"يوتيوب" تحضر فيها صورة شاب لحيته حمراء من
الشيشان قد يكون
القائد العسكري لداعش، وهو التنظيم الذي انشق عن تنظيم القاعدة وزعيمه أيمن الظواهري.
هذا القائد هو
عمر الشيشاني، وهو واحد من مئات المقاتلين الشيشان الذين يعتبرون من أشد المتطوعين في الحرب السورية بأسا وأكثرهم شجاعة.
وبحسب تقرير لوكالة أسوشيتدبرس، فقد أصبح الشيشاني وجه الدولة الإسلامية، حيث ظهر بشكل مستمر في أشرطة الفيديو مقارنة مع زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي. وفي شريط فيديو نشر نهاية الأسبوع ظهر عمر الشيشاني وهو يقف إلى جانب المتحدث باسم الجماعة مع عدد من المقاتلين للإعلان عن إلغاء الحدود بين العراق وسوريا. ونشر الفيديو قبل ساعات من إعلان التنظيم عن إنشاء الخلافة أو الدولة الإسلامية على المناطق التي تسيطر عليها بين العراق والشام. وأعلن الشيشاني البالغ من العمر 28 عاما، أن "هدفنا واضح والكل يعرف لماذا نجاهد، طريقنا هو باتجاه الخلافة". وأضاف "سنعيد الخلافة، وإن لم يقدرها الله على أيدينا فسنسأله الشهادة".
ويقول التقرير إن الشيشاني كان قائد التنظيم في
سوريا، حيث قاد حملة للسيطرة على مناطق واسعة بما فيها المناطق التي تتصل بالحدود مع العراق. وربما صعد الشيشاني ليصبح القائد العسكري العام للتنظيم، وهو منصب ظل شاغرا بعد مقتل العراقي أبو عبد الرحمن البيلاوي الأنباري في مدينة الموصل مطلع حزيران/ يونيو . وذكر شريط الفيديو منصب الشيشاني بالقائد العسكري، ولم يشر إلى أنه قائد الجناح السوري، ما يعكس إمكانية ترفيعه للقائد العام، مع أن التنظيم لم يعلن عن القرار.
وينقل التقرير عن تشارلز ليستر؛ الزميل الزائر في معهد بروكينغز في الدوحة قوله إن "هناك ترابطا متزايدا، وليس بعيدا أن يقوم شخص مثل الشيشاني بتولي منصب القائد العسكري العام".
وكان التنظيم قد بدأ كفرع لتنظيم القاعدة في العراق، وكان عدد من قادته من العراقيين، ولكن بعد تدخله في الحرب الأهلية السورية استطاع جذب مئات المقاتلين الأجانب لعملياته في سوريا. والآن وبعد انتصاراته الواسعة على جانبي الحدود يقوم التنظيمان بتبادل المقاتلين والمعدات بشكل جعلهما تنظيما واحدا. ويمكن فهم إعلانه للخلافة على أنه تعبير عن طموح لعولمة صفوفه. وينقل عن أليكس ملاشنيكو، وهو خبير في وقفية كارنيغي للسلام العالمي ويعمل في مكتبها في موسكو قوله، إن الأصل العرقي لا يعتبر مشكلة في الجماعات الجهادية، والمهم هو الالتزام بالجهاد. ووصف الشيشاني بأنه "المتعصب للإسلام ولديه خبرة واسعة في الحرب، وربما سجلا حافلا بالبطولات".
وفي عامها الرابع جذبت الحرب الأهلية في سوريا إليها قطاعا واسعا من الشبان الأجانب، حيث يقدر البعض عددهم بحوالي 10 آلاف مقاتل من مختلف أنحاء العالم العربي والإسلامي، لكن الشيشان الذين خاضوا حروبا عدة مع الروس في بلدهم ومنطقة القوقاز يعتبرون من أفضل المقاتلين.
وفي تشرين الأول/ أكتوبر العام الماضي، قدر مدير الاستخبارات الروسية ألكسندر بورتينكوف عدد المقاتلين من روسيا الفدرالية بحوالي 500 مقاتل، إضافة للمئات من دول الاتحاد السوفييتي السابق الذين يقاتلون في سوريا.
وعمر الشيشاني هو لقب طرخان باتراشفيلي، وهو شيشاني الأصل، لكنه مولود في جمهورية جورجيا، في وادي بانكيسي الذي يعتبر مركز تجمع الشيشان في جورجيا. وأدى الخدمة العسكرية في الجيش الجورجي، لكنه سرِّح منه بسبب مرض لم يعرف؛ وذلك حسب أحد جيرانه. وألقي القبض عليه مرة بسبب حيازته سلاحا غير مرخص، ثم خرج من السجن عام 2010. وظهر في سوريا عام 2013 باسمه الجديد عمر الشيشاني. ويقود مجموعة من المقاتلين المرتبطين بالقاعدة، حيث عرفت الكتيبة التي قادها بـ"جيش المهاجرين والأنصار" والتي ضمت أعدادا كبيرة من المقاتلين من دول الاتحاد السوفييتي السابق.
وحسب تقرير لصحيفة "الأخبار" اللبنانية، فقد عقد لقاء بين البغدادي والشيشاني مباشرة، وقدم الأخير البيعة للأول. وأظهر الشيشاني قدراته العسكرية في آب/ أغسطس 2013 عندما قاد الهجوم على القاعدة العسكرية في "منغ"، والتي كانت قوات المعارضة تحاول السيطرة عليها منذ عدة أشهر، ثم سقطت مباشرة بعد انضمام الشيشاني للمقاتلين.
بعد ذلك دخل تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام سوريا، ودخل في حرب مع الفصائل الأخرى التي اتهمته بمحاولة اختطاف الثورة، وبناء دولته الإسلامية. وشهدت سوريا منذ بداية العام الحالي معارك في الشمال بين التنظيم والتنظيمات الأخرى التي تحالفت ضده وأخرجته من حلب وريفها في معارك خلفت آلافا من القتلى.
وفي الشهرين الأخيرين قاد الشيشاني الحملة في دير الزور ضد الفصائل المنافسة في محاولة لتعزيز سيطرة "داعش" على المناطق الحدودية.
وكانت تقارير قد تحدثت عن مقتل الشيشاني في آذار/ مارس الماضي، لكن مصادر مقربة من تنظيم الدولة قالت إن الشيشاني أصيب بجرح في ذراعه ونقل للعراق حيث تلقى العلاج هناك قبل أن يعود مرة أخرى إلى سوريا.