أعلن النائب السابق بمجلس الشعب "محمد
العمدة" أنه سيعرض مبادرته لـ"المصالحة الوطنية والعـودة إلى المسار الديمقراطــي" على جميع الأحزاب الإسلامية، ومؤسسة الرئاسة الحالية، مستعينا في ذلك بالشخصيات العامة التي سبق أن أسهمت في محاولات الإصلاح، بما يحقق التوافق، وفق قوله.
وقال العمدة، في مؤتمر عقده في مدينة كوم أمبو بمحافظة أسوان الأحد: "إن هذه المبادرة مطروحة مني، وليست من الإخوان المسلمين أو غيرهم، فنحن كنا محبوسين انفراديا، ولا يخرج المعتقل من الغرفة إلا ساعة واحدة في اليوم منفردا بحيث لا يستطيع أحد الحديث مع الآخر"، بحسب وصفه.
وأضاف: "خروجي ليس عجيبا كما يصور أنصار 3 يوليو، بل العجيب هو حبسي لما يزيد عن العام في هذا الاتهام ظاهر البطلان".
وتابع: "يشهد الله عز وجل أنه لا توجد أي صفقات، ولم يحدث أى حوار بيني وبين الحكومة بشأن المبادرة التي أعرضها لوجه الله عز وجل فقط"، محذرا جميع الأطراف من "دور مشبوه تقوم به وسائل الإعلام لمنع أي محاولات للتصالح"، على حد تعبيره.
وشدد على أن أهمية مبادرته تكمن في الظروف الراهنة التي تمر بها البلاد منذ 3 يوليو التي أصبح الانقسام فيها بين أفراد الشعب أحد أهم سماتها، وهو ما ترتب عليه أن تصبح الدماء، وتكدس السجون والمعتقلات وأقسام الشرطة بأبناء
مصر الشرفاء صورا ثابتة يوميا في المشهد المصريمصحوبة بحالة من الحزن العام والاكتئاب.
البنود السبعة للمبادرة
وفي مؤتمره، شرح العمدة بنود مبادرته السبعة، فقال إن أولها: عودة المسار الديمقراطي، مشيرا إلى أن الأزمة الحقيقية التي يعيشها الشعب المصري الآن هي وأد الديمقراطية والعودة إلى المربع صفر الذى كنا عليه في عهد مبارك.
وشدد في البند الثاني للمبادرة على ضرورة رفع الحظر عن الإخوان المسلمين وسائر التيارات الإسلامية، وثالثا: اعتبار فترة رئاسة
السيسي مرحلة انتقالية، قائلا -في الوقت نفسه- : "لا يمكن لي أو لغيري أن يعترف بأي مؤسسة نشأت عن انقلاب، ولا يمكن أن أطالب أحدا بالتنازل عن شرعية الرئيس الدكتور محمد مرسي، وإضفاء الشرعية على المشير السيسي".
لكنه أوضح أن المبادرة تقتضي التعامل مع فترة رئاسة السيسي كمرحلة انتقالية يتعاون فيها الجميع شعبا وأحزابا وجيشا وشرطة من خلال نوايا صادقة، على حد قوله.
وطالب العمدة بوضع آلية لتعديل الدستور، مشيرا إلى أن الدستور الجديد وضعت فيه كل مؤسسة بالدستور ما يؤمن مصالحها، ضاربا المثل بالهيئات القضائية، والقوات المسلحة.
كما طالب بتعديل قانون الانتخابات البرلمانية، وإلغاء قانون التظاهر أو تعديله، خالصا إلى أن حقوق الشهداء هي أهم بنود المبادرة، وأنه لا بد من القصاص لجميع الشهداء الذين استشهدوا منذ 25 يناير حتى الآن من خلال تشكيل لجنة تقصي حقائق محايدة يرتضي بها ذووهم والأحزاب التي ينتمون إليها لتحدد المسؤولين عن إراقة الدماء وتقديمهم للمحاكمة.
رفض من مناصري الشرعية
وفور إعلان العمدة مبادرته، صدرت ردود أفعال رافضة لها في أوساط مؤيدي الشرعية.
فاعتبر المهندس حاتم عزام، نائب رئيس حزب الوسط، المبادرة متناقضة وغير منصفة، متسائلا: "كيف للمتهم الأول في جرائم ضد الإنسانية، والانقلاب على الدستور والقانون، أن يحقق في هذه الجرائم، ويقيم الحق والعدل بين الناس، هل يضع نفسه رهن العدالة، ويفرج عن المنتخبين الذين اعتقلهم ظلما وزورا؟!
وأضاف، عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك": "كيف لا يُعترف بشرعية الانقلاب في حين يظل قائده على رأس السلطة أربع سنوات؟ ولماذا يعتقل الرئيس الذي انتخبه الشعب انتخابا حرا نزيها لأنه لم يرد أن يجري انتخابات رئاسية مبكرة نتيجة تظاهرات احتجاجية ضده؟!".
وخلص عزام إلى أن: "المبادرة مليئة بالتناقضات، وتفتقر إلى رؤية موضوعية، وإنصاف".
ومن جهته، وجه المستشار وليد شرابى رسالة إلى العمدة -على صفحته الشخصية على "فيس بوك" جاء فيها": "أخي الحبيب محمد العمدة.. هل تظن أن العسكر الذي أقام دولته على أشلاء الشهداء يمكن أن يسلم بالخيار الديمقراطي للشعب؟ هل تظن أن دولة العسكر سوف تقبل بمحاكمة عادلة لكل ضابط قتل وحرق وسرق واغتصب؟ هل تظن أن أهالي الشهداء يقبلون بعدم القصاص لدماء ذويهم؟".
ومضى شرابي في تساؤلاته: "من هم القضاة الذين سيحاكمون مجرمي الانقلاب؟ ما هو الموقف بالنسبة للقضاة الذين أصدروا ألاف الأحكام الجائرة في حق أبناء الشعب؟ ماذا حوت مبادرتك للحرائر المغتصبات؟".
وتابع: "هل ما زلت تظن أن الأزمة في مصر أزمة سياسية تحتاج إلى مبادرة؟ أم أنها إنسانية تحتاج إلى القصاص؟ هل ترى أن بقاء السيسي، وهو على رأس السطة يمكن أن يصبح حكما عادلا؟ ما هو توصيفك الحقيقي للسيسي: هل هو رئيس أم قاتل؟ أخي الحبيب أرجوك فكر قليلا: هل مصر تحتاج إلى مبادرة أم تحتاج إلى الثورة؟".
وفي السياق نفسه، أبدى الدكتور أيمن نور، زعيم حزب غد الثورة، تحفظه على المبادرة.
وقال في تصريحات صحفية: "كل الحلول السياسية واردة، لكنها لابد أن تكون مرتكزة الأركان، ومحققة للعدالة المطلوبة، وما طرحه الزميل السابق بحزب الغد أفكار غير مكتملة الأركان".
وتابع: "المبادرة تنقصها رؤية أوسع، وقواعد أكثر ارتكازا إلى ثوابت واستحقاقات ثورة 25 يناير".
وترحيب بالمبادرة
ومن جهته، رحب الدكتور سعد الدين إبراهيم، رئيس مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، وهو من مؤيدي انقلاب 3 يوليو، بالمبادرة، قائلا: "أرحب بمبادرة العمدة حرصا على السلام الاجتماعي، والاستقرار السياسي".
وأضاف -في تصريح صحفي- أنه لابد من المصالحة مهما طالت الاختلافات بين جماعة الإخوان والدولة والشعب، ولابد من النظر في المبادرات التي يتم طرحها من قبل الجماعة، وعدم تجاهلها، على حد تعبيره.
استقبال حافل للعمدة
وكان العمدة أُخلي سبيله الاثنين الماضي بكفالة قدرها مائة ألف جنيه على ذمة قضية "بين السرايات"، التي وقعت عشية مذبحة فض اعتصام رابعة العدوية.
وقام أبناء قبيلة الرزيقات، التي ينتمي إليها العمدة، وعدد من القبائل الأخرى، بتنظيم مسيرة حاشدة بالسيارات لاستقباله حتى وصل إلى منزله، حيث استقبلته نساء القبيلة بالزغاريد، فيما استقبله شبابها بالألعاب النارية.
واحتشد مئات المواطنين أمام منزل العمدة، لتقديم التهنئة على وصوله، وطالبت والدته روحية السيد، بالإفراج عن ابنها أحمد، كما تم إخلاء سبيل محمد.
وفي مداخلة مع المذيع وائل
الإبراشي في برنامجه "العاشرة مساء"، على فضائية "دريم 2" مساء السبت، أغلق العمدة الخط في وجه الإبراشي بعد أن قاطعه، وهو يتناول ما حدث في رابعة والنهضة باعتبارهما مذابح، وهو ما أغضب الإبراشي الذي قال إن المعتصمين كانوا مسلحين، فما كان من العمدة إلا أن قال: "معلش.. أنا والدتي تعبانة، وزاد تعبها بسبب حواري معاك.. عشان كدة أنا مضطر أقفل".