وقفت الطفلة أزهار أمام اكثر من 60 من زميلاتها لإلقاء قصيدة رثاء لوالدها الذي قتل في
الحرب الأخيرة على
غزة مع تدفق مئات آلاف التلاميذ الأحد إلى المدارس وسط الدمار الذي خلفه العدوان
الإسرائيلي الواسع.
وافتتح العام الدراسي الجديد بتأخير ثلاثة أسابيع بعد العدوان الذي استمر لأكثر من خمسين يوما واوقع اكثر من 2,140 شهيدا فلسطينيا.
وأزهار تامر جندية (9 سنوات) طالبة في الصف الرابع استشهد والدها في حي الشجاعية شرق غزة.
وتقع مدرسة "الشجاعية ألف للبنات" في وسط حي الشجاعية الذي شهد اعنف قصف إسرائيلي خلال الحرب التي استمرت من 8 تموز/يوليو حتى 28 آب/أغسطس.
وتقول أزهار مبتسمة "اليوم أول يوم في المدرسة. أنا سعيدة رغم ان بابا استشهد في الحرب".
وتضيف الطفلة التي تحلم ان تصبح طبيبة تحقيقا لأمنية والدها الذي ترك وراءه ستة أطفال، "أنا خائفة من الحرب مرة ثانية. قصفوا بيتنا بقذائف وسقطت على غرفتي قذيفة، وقذيفة على المطبخ... وقع البيت على بابا واستشهد".
ووقفت الطفلة إسراء وهي ترتجف من الخوف وتبكي وهي تحكي عن القصف الإسرائيلي الذي قتل جدها وخالتها، قائلة "كان الشهداء والجرحى أمامنا وخفنا كثيرا. خالتي ليلى وجدي استشهدا في الحرب، رأيتهما في منزلنا".
أما الطفلة دعاء (9 سنوات) التي جاءت بملابسها العادية دون الزي الرسمي للمدرسة فتحدثت عن منزلها المهدم مؤكدة أنها "خائفة من ان تعود الحرب مرة أخرى". وأضافت "جئت للمدرسة بدون زي مدرسي لأن بيتنا تهدم بالحرب. تركنا المنزل عند القصف ثم عدنا ووجدناه مدمرا".
وأكدت المعلمة ريما أبو ختلة أنها تلقت دورة تدريبية لاستقبال الطلبة والحديث معهم لمواجهة قصص الدمار وصدمات ما بعد الحرب، قبل العودة إلى
تعليم المنهاج، من خلال الاستماع لقصص الأطفال.
وقالت "نطلب منهم ان يرووا قصصا مرت عليهم خلال الإجازة (الصيفية)، قصص أبكتهم وقصص أضحكتهم، ونشجعهم على الحديث بقدر المستطاع، ثم نقوم بمسابقات ".
وأكدت مدرسة الإرشاد النفسي ابتهال غيث ان "اليوم سيكون يوما ترفيهيا بينما سنحاول باقي الأيام استكمال التفريغ النفسي عن الطلبة".
وتقول أرقام صادرة عن الأمم المتحدة ان 373 الف طفل على الأقل سيتأثرون نفسيا من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وهي الثالثة خلال ست سنوات.
وقتل اكثر من 500 طفل في هذا النزاع الأكثر دموية منذ الانسحاب الإسرائيلي أحادي الجانب من القطاع عام 2005، بينما أصيب آلاف الأطفال بالإضافة إلى تدمير آلاف المنازل والمدارس والمنشآت الأخرى.
ووقفت المديرة سامية الزعلان وسط ركام مدرستها الواقعة في حي الشجاعية التي دمر جزء كبير منها بالقصف الإسرائيلي بينما كان بعض العمال يقومون بإزالة الركام ووضع أسلاك شائكة في المكان حتى لا تتعرض الطالبات للخطر.
واضطرت الزعلان إلى ترحيل بعض الطلبة إلى مدارس مجاورة واستقبال آخرين في صفوف مكتظة مؤكدة انه من اصل 18 صفا دراسيا لم يبق هناك سوى تسعة صالحة للتدريس.
وقالت الزعلان لوكالة فرانس برس "المدرسة تقريبا دمرت بالكامل فكان من الصعب استقبال جميع الطلبة. تم ترحيل بعض الطلبة إلى مدارس مجاورة واستقبلنا باقي الطالبات داخل فصول مكتظة".
وأوضحت الزعلان انه "تم دمج الفصول. من المفروض ان يكون هناك 35 طالبات في الصف الواحد والآن اصبح هناك ستون طالبة في الغرفة الواحدة".
وتابعت "هناك طالبات لم يستطع أهاليهن توفير ادنى احتياجات المدرسة اليوم ومنهن من لم يستطع شراء الزي المدرسي فجاؤوا بملابس البيت. نستقبلهم اليوم بنفسية صعبة بعد ظروف صعبة جدا مررن بها".
ويقول وكيل وزارة التربية والتعليم الفلسطينية في غزة زياد ثابت إنه خلال العدوان الإسرائيلي على القطاع "تم تدمير 24 مدرسة بشكل كامل بينما تعرضت اكثر من 120 مدرسة للتدمير الجزئي. وفي المدارس التي تشرف عليها الأونروا طالت الأضرار اكثر من 70 مدرسة".
وقبل اندلاع الحرب ، قدرت منظمة غيشا غير الحكومية الإسرائيلية التي تدعو لحرية التنقل للفلسطينيين ان قطاع غزة ينقصه 259 مدرسة أخرى ويعود ذلك بشكل خاص إلى منع دخول مواد البناء إلى القطاع بسبب الحصار الإسرائيلي المستمر منذ 2006.
وما زال عشرات آلاف الفلسطينيين في قطاع غزة يقيمون في مدارس تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) بعد نزوحهم من منازلهم بفعل القصف الإسرائيلي على القطاع مما أدى إلى عدم بدء العام الدراسي في عدة مدارس تابعة للأونروا.
وقال عدنان أبو حسنة المستشار الإعلامي للأونروا في تصريح صحافي "بدأت العملية التعليمية في كافة مدارس قطاع غزة ما عدا منطقة بيت حانون شمال القطاع حيث لا زال الأهالي يرفضون مغادرة مدارس الإيواء والتجمع في ثلاث مدارس" تستقبل 9600 طالب.
وهناك 11 مدرسة أخرى للأونروا لا تزال تستقبل نازحين. وتم نقل طلابها إلى مدارس حكومية ستفتح لهم أبوابها في الفترة المسائية.
وأضاف "اتخذت الأونروا قرارا بعدم بدء العام الدراسي في بيت حانون"، مؤكدا ان الأونروا ستواصل بذل الجهود لاستئناف العملية التعليمية في المدارس المذكورة.