تبدأ أحداث الفيلم داخل مدينة الرقة السورية ـ يوتيوب
أكثر من 3 ملايين مشاهدة على موقع "يوتيوب" الإلكتروني خلال أسبوعين نالها الفيلم الوثائقي البريطاني "the Islamic state" (الدولة الإسلامية)، الذي يصور طبيعة الحياة داخل "داعش" (تنظيم الدولة الإسلامية).
وتنامت قوة "داعش"، وسيطر على مساحات واسعة في سوريا والعراق في حزيران/ يونيو الماضي، قبل أن يعلن في الشهر نفسه تأسيس ما أسماه "دولة الخلافة"، ويبايع زعيم التنظيم، أبو بكر البغدادي "خليفة للمسلمين"، ويدعو باقي التنظيمات الإسلامية في شتى أنحاء العالم إلى مبايعته.
وتدور أحداث الفيلم الوثائقي في 42 دقيقة، وصوره وأخرجه المنتج والمخرج البريطاني، مدين ديريه، وحصل على موافقة "داعش" بالتصوير.
الفيلم الذي لاقي تجاوبا كبيرا من قبل رواد مواقع الإنترنت وترجم إلى الإنجليزية، لوحظ فيه أن أعضاء التنظيم ذوي لهجات متباينة، منها الخليجية والشامية والعراقية، فضلا عن وجود جنسيات غير عربية.
وتبدأ أحداث الفيلم داخل مدينة الرقة السورية، حيث التقى مسئول الصحافة في تنظيم "داعش"، المسمى بـ"أبو موسى"، مع المخرج البريطاني ديريه، ورافقه طوال فترة عمله، كشرط من التنظيم للسماح بالتصوير.
أول دقائق الفيلم تظهر الحاجز الترابي الذى أقامه "داعش" وبعض الأسلحة التي أعدها لمواجهة قوات النظام السوري، الذى نشر قناصيه على بعد مسافة أكثر من 400 متر.
وفي الفيلم، وجه "أبو موسى" كلمة إلى الولايات المتحدة الأمريكية قال فيها إن "الخلافة الإسلامية قامت وبإذن الله لن تتوقف، يا جبناء إن كنتم رجال فلا تأتونا بطائرات بدون طيار، بل اتونا بجنودكم الذين دفنت أنوفهم في تراب العراق؛ وهدفنا هو أن نرفع في البيت الأبيض راية لا إله إلا الله".
ثم تحدث عن حياة قادة "داعش"، قائلا إن أسرهم تتذيل قائمة اهتماماتهم، متسائلا باستنكار: "إذا قعدنا إلى جوار أسرنا، فمن ذا الذي يزود عن أعراض المسلمين؟".
كاميرا المخرج توقفت عند لحظة مبايعة زعيم "داعش"، أبوبكر البغدادي كـ"خليفة للمسلمين"، فاستطلعت آراء عددا من المبايعين من الشباب، والذين قالوا إنهم بايعوا البغدادي على السمع والطاعة للانخراط ضمن جنده بهدف إعلاء راية "لا إله إلا الله".
ورصد المخرج كيف أعد "داعش" سيارة متجولة على شاطئ النهر، مدون عليها أركان الإسلام وبعض أحكامه، فضلا عن عشرات المطبوعات والكتيبات التي تشرح تعاليم الإسلام، ويطلع عليها الأطفال بعد لهوهم في مياه النهر.
عبد الله البلجاني، وهو طفل بلجيكي لم يتجاوز عمره عشر سنوات، يعد أحد أبرز مفاجآت الفيلم، إذ تحدث للمخرج باللغة العربية التي أتقنها، عن انتمائه لتنظيم "داعش" وعدم رغبته أبدا في العودة إلى موطنه، الذي وصفته بأنه "موطن الكفر"، بعد أن "منّ الله عليه بالعيش في دولة الإسلام".
أما حلم الصبي، فلخصه في كلمات معدودات: "أن أصبح مجاهدا ضد الكفار الذين يقتلون المسلمين".
وبدموع غزيرة بعث مقاتل "داعشي" رسالته إلى الغرب عبر الفيلم بقوله: "سنغزوكم كما كنتم تغزوننا.. سنسبي نساءكم كما سبيتم نساءنا.. سنيتم أطفالكم كما يتمتم أطفالنا".
مقاتل آخر قال إن التنظيم معني بتنظيم رحلات ترفيه للأطفال، لأنه يرى فيهم مقاتلو الغد، لذلك لابد أن تزرع فيهم العقيدة الصحيحة، وهي حب الجهاد في سبيل الله.
ثم يرصد الفيلم كيف أن "داعش" تعد للأطفال أقل من عمر 15 عاما ما تسميه "معسكر شرعي" لتنشئته على العقيدة وأمور الدين؛ وعند بلوغه سن 16 عاما يصبح بإمكانه الانضمام لمعسكر عسكري لضمان جاهزية مشاركته في العمليات العسكرية.
وبعد مرور أكثر من نصف مدة الفيلم، نشاهد كيف تتعامل الشرطة "الداعشية" مع مواطنيها، فهي تتوقف لدى محل تجاري يعرض أفيشا ضخما (ملصق دعائي) لفيلم أجنبي وتأمر صاحبه بنزع الملصق، لأنه كمسلم لا يجوز أن يروج للكفار وأعمالهم؛ ثم يتحدى الشرطي "الداعشي" أن يكون هناك من يشرب الخمر في دولتهم؛ لأنهم يقيمون عليه الحد وتأتيهم البلاغات عنه من كل حدب وصوب.
وأخيرا تعترض الشرطة "الداعشية" طريق رجل يصطحب زوجته في الشارع وتنصحه بضرورة أن تحسن الزوجة من شروط نقابها وأن تتوقف عن رفع طرف عباءتها أثناء السير.
ومضى الشرطي قائلا: "نحن ندافع عن شرع الله بالكلمة الطيبة واللين، لكن من لا يمتثل حتما سنجعله يفعل بالقوة".
بعدها، ينتقل الفيلم إلى توثيق تعامل "داعش" مع الأقلية المسيحية في دولتهم، ويستعرض مقاطع حقيقية للحظات طرد مسيحيين رفضوا دفع الجزية للدولة "الداعشية" من منازلهم ومدنهم، ومن ثم تحويل بعض الكنائس إلى مساجد وأماكن تعليمية بينما تم الإبقاء على بعضها الآخر مقابل دفع الجزية.
وترصد عدسة الفيلم وجود بعض المسيحيين داخل مناطقهم السكنية التي يسيطر عليها التنظيم ممن قبلوا دفع الجزية.
وفي آخر دقائق الفيلم يرصد عمليات إزالة الحدود بين العراق وسوريا وفتح الطريق بين مواطني البلدين للمرور بدون جوازات (وثائق) سفر.
ويعرض الفيلم لبعض عمليات التنظيم للسيطرة على الأراضي العراقية والسورية، وربطها ببعض.
وحقق هذا الفيلم أكثر من 3 ملايين مشاهدة على موقع "يوتيوب" الإلكتروني لتشارك الفيديوهات.
هذا الإقبال الكبير على مشاهدة الفيلم الوثائقي أرجعه أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، محمود خليل، في حديث مع وكالة الأناضول، إلى ثلاثة أسباب، أولها أن تنظيم "داعش" يمثل هما رئيسيا للكثير من دول العالم الآن؛ فهو يتمتع بعدة سمات تجعله يمثل تحولا نوعيا في مسيرة الإرهاب على المستوى المحلي والإقليمي والدولي.
وثاني أسباب رواج الفيلم، بحسب خليل، هو "مناخ الأزمة الذي تعيشه بلدان الربيع العربي بعد تنامي محاولات إجهاض الثورات من قبل الأنظمة القديمة المتهالكة، وتنامي كمية الدماء المراقة في دول الثورات دون قصاص، ما جعل أفكار الانتقام الوحشية تثير خيال الكثير من الشباب العربي، وكأنها السبيل الوحيد للخلاص والتغيير".
أما السبب الأخير، فـ"يتجسد في فكرة التوحش المرتبطة بتنظيم داعش، الذي بدأ في تطبيق كل ما جاء في كتاب (إدارة التوحش) لمؤلفه الجهادي أبو بكر ناجي، على أرض الواقع، وهو الكتاب الذى يشرح الطريقة التي يجب أن يتعامل بها الجهاديون مع المناطق الجديدة التي يسيطرون عليها بعد التخلص من الأنظمة التي تولت الحكم جراء انقلابات عسكرية"، بحسب الأكاديمي المصري.