لم يستصعب "أبو محمود" كتابتها على صفحته على موقع فيسبوك.. "فطس"، في إشارة إلى مقتل صديقه الذي كان مقربا منه أيام الدراسة منذ ثلاثة أعوام فقط، وذلك قبل أن ينتسب صديقه "الشيعي" إلى صفوف ميليشيات
حزب الله التي تقاتل في غوطة دمشق، وقبل أن ينتسب هو للفصائل المعارضة في المنطقة ذاتها.
يقول أبو محمود: "عندما سمعت خبره على الفور قلت (الله أكبر)، على الرغم من إحساس غريب جدا سرى في صدري، لكن ما جعلني أقول هذا الكلام هو أنني رأيت صورته قبل 20 يوما فقط على حسابه على (فيسبوك) وهو يرتدي الزي العسكري ويضع رجله فوق رقبة رجل ممدد على الأرض لا أعلم إن كان ميتا أو لا، وكتب تعليقا فوق الصورة (هذا مصير كل ثائر)".
يتابع أبو محمود: "جميع رفاقي شمتوا بموته" وبالرغم من ذلك أقول "الله يصبّر والدته"، ويروي قصة تعارفه على صديقه قائلا: "أول مرة التقيت به كانت في المدرسة ليتابع معي فيما بعد مشوار الدراسة في معهد المعلوماتية بدمشق".
يقول: "سألته أول تعارفنا عن المكان الذي ينحدر منه فقال لي من شارع الأمين بدمشق ولم أعرف حينها أن هذه المنطقة يوجد فيها
شيعة وكل ما كنت أعلمه عن هذا الموضوع، وعندما قال لي إنه درس بالمحسنية أجبته بشكل لا شعوري كيف تستطيع أن تدرس بهذه المدرسة وكلها طلاب شيعة يشتمون أبو الصحابة بكر وعمر، وعندها جاوبني أنه لا يشتمهم على الرغم من أنه شيعي، وحينها عرفت هويته وشعرت بالخوف لدرجة أنني لم أتكلم معه مدة 6 شهور".
ويتابع أبو محمود: "كنت أسمع عن التقية وأنهم يتكلمون في وجهك غير الذي في قلوبهم خاصة أنني من بيئة ملتزمة دينيا تتبع المنهج السلفي، وبالرغم من كل هذا جمعنا مجددا فريق كرة القدم لكنه كان يلعب في الفريق المنافس وهنا عدنا للحديث مع بعضنا"، موضحا "عندما أتناقش معه في أمور الدين كنت أذهب فورا إلى شيخ الجامع لأسأله عن رأيه، لكنني كنت صغيرا في السن".
لكن الصدمة كانت عندما بدأت الثورة في
سوريا وخرجت مظاهرة من الجامع الذي كان أبو محمود يصلي فيه يوم الجمعة ليتفاجأ بأن صديقه يقف في الخارج مع الأمن السوري ويحمل بيده عصا، يتابع: "كان يشجعنا دائما خلال آخر عام في معهد المعلوماتية على الخروج بمسيرات مؤيدة للنظام، وحينها انقطع الحديث بيننا بشكل كامل".
"كان يتكلم بطريقة جيدة مع كل طلاب الصف فلم يكن هناك أي شيء يدعو للانقسام، وكنت أنا والجميع نحبه، وعندما كنا نفتح أحاديث دينية ننساها فيما بعد عندما نجتمع لنلعب كرة القدم، كما كنا خارج أوقات الدوام نذهب إلى المقاهي"، بحسب أبو محمود.
ويضيف: "بعد مرور عام ونصف على الثورة انتسبت إلى الفصائل المقاتلة في الغوطة الشرقية وعلمت أنه هو أيضا انتسب لصفوف حزب الله، لم نتواجه يوما في ساحة معركة ولم أتمنى ذلك، واليوم علمت بموته ولا أشعر بالحزن الكبير لكنني لا أعلم لماذا أشعر بالضيق".
يتابع أبو محمود مبتسما، "كان أحد أصدقائي ينصحني دائما بعدم التكلم معه لأنه شيعي، وكنت أجيبه بقولي عن ماذا تتكلم؟ فهذا صديقي، لكنني لم أفكر بحياتي أن يأتي يوم وأضع خبر موته على صفحتي في فيسبوك وأقول عنه شبيح".