لا يسود الهدوء مدينة عين العرب "
كوباني" (شمال
سوريا)، حيث يتبادل قناصة وحدات "حماية الشعب الكردي" و"تنظيم الدولة" إطلاق النار، عقب اشتباكات عنيفة استمرت بين الطرفين، منذ ليل الخميس الجمعة وحتى ساعات الفجر الأولى، على عدة محاور في المدينة وريفها الغربي.
وأعلن مسؤولون أمريكيون، الخميس، أنه تم وقف تقدم مقاتلي "تنظيم الدولة" للسيطرة على مدينة كوباني السورية الحدودية مع
تركيا، مرجحين أن يتمكن المقاتلون
الأكراد من الصمود بدعم من الضربات الجوية الأمريكية.
وقال مسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية فضّل عدم الكشف عن هويته، أن خطوط القتال بين "تنظيم الدولة" والقوات الكردية لم تتغير منذ أسبوع، مضيفا: "أعتقد أن الأكراد الذين يدافعون (عن المدينة) سيتمكنون من الصمود".
واستعاد المقاتلون الأكراد السيطرة على تلة تقع غرب المدينة بعد غارة استهدفت مقاتلي "تنظيم الدولة"، حيث ساهمت غارات التحالف الدولي على تل شعير ومحيطه، بتمكين وحدات "حماية الشعب الكردي"، باستعادة السيطرة على هذا التل الذي كان يسيطر عليه "تنظيم الدولة"، كما تمكنت وحدات الحماية من سحب جثث سبعة مقاتلين من عناصر "تنظيم الدولة" الذين قتلوا في قصف طائرات التحالف الدولي وخلال الاشتباكات.
ومن جهته، قال رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري، صالح مسلم، إن معركة الدفاع عن مدينة كوباني ستتحول إلى حرب استنزاف ما لم يحصل المقاتلون الأكراد الذين يدافعون عنها ضد هجوم "تنظيم الدولة" على أسلحة يمكنها التصدي للدبابات والمدرعات.
وقال مسلم لصحيفة "الشرق الأوسط" في مقابلة نشرت الجمعة: "إنه استنزاف من الطرفين، إلا إذا تغير شيء في الوضع القائم".
وأضاف: "وردت إلينا مؤخرا معلومات عن عزم تنظيم الدولة استعمال الأسلحة الكيماوية عبر مدفعية المورتر"، مشيرا إلى أن لديهم "معلومات موثقة عن وجود 40 دبابة في محيط المدينة، وعدد غير محدد من عربات الهامفي أميركية الصنع".
وتابع: "إذا وصلت إلينا أسلحة نوعية نستطيع من خلالها ضرب الدبابات والمدرعات التي يستعملونها قد نستطيع إحداث تغيير نوعي في أرض المعركة".
ورد مسلم على سؤال عن المساعدات التي أسقطتها طائرات تابعة للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد "تنظيم الدولة" بأنها "لم تكن كافية لتغيير موازين القوى، لكنها لو استمرت لأمكن لها أن تحقق تغييرا. الغارات حتى اليوم محدودة".
وقال المرصد السوري نقلا عن مصادر لم يكشف عن اسمها، إن انفجارا شديدا هزّ الجهة الجنوبية من المدينة، الجمعة، وسمع دويه على بعد عدة كيلومترات من المدينة، ويعتقد أنه ناجم عن انفجار أو تفجير عربة مفخخة لـ"تنظيم الدولة" في جنوب المدينة.
وقال المرصد، إن "تنظيم الدولة لا يزال يستقدم المزيد من مقاتليه إلى مدينة عين العرب (كوباني)، من قرى وبلدات ومدن يسيطر عليها في أرياف حلب، ودير الزور والرقة والحسكة، وذلك بعد الخسائر البشرية الكبيرة التي مُني بها التنظيم في المدينة، إما نتيجة غارات التحالف الدولي، أو الاشتباكات مع الوحدات الكردية المدعمة بالكتائب المقاتلة".
وأبلغت المصادر التي نقل عنها المرصد السوري من مدينة كوباني، أن جثث عناصر التنظيم، لا تزال ملقاة على الأرض في بعض شوارع المدينة، ولم يتمكن مقاتلو وحدات الحماية أو "تنظيم الدولة" من سحبها، نتيجة لوقوعها في مرمى قناصة الطرفين.
وعن الدور التركي، قال مسلم: "لا يزال الدور التركي غامضا، يقولون الشيء ويفعلون عكسه، فالدلائل تقول إنهم مستمرون بدعم
داعش وتقديم التسهيلات عبر غض النظر عن هذه الإمدادات إن لم نقل إنها تتم عمدا"، على حد قوله.
وأضاف أن لديه معلومات تفيد بأن 120 مقاتلا من التنظيم دخلوا عبر الحدود من تركيا في وقت سابق من الأسبوع.
وتنفي أنقرة مساعدة مقاتلي "داعش"، لكنها كانت مترددة في تقديم أي مساعدة للمقاتلين الأكراد السوريين الذين تربطهم صلة بحزب العمال الكردستاني، الذي خاض تمردا مسلحا لثلاثة عقود ضد السلطات التركية، وتعتبره اسطنبول تنظيما إرهابيا.
وكان المسؤول السياسي الكردي العراقي، هيمن هورامي، كتب على حسابه في موقع "تويتر" إن قوات "البشمركة" ستحصل على أسلحة ثقيلة أكثر من تلك التي يستخدمها المقاتلون السوريون الأكراد في الوقت الحالي.
وردا على سؤال بشأن قوات "البشمركة" المقرر أن تتوجه إلى كوباني، قال مسلم: "لم يصل أحد بعد. فهذا الموضوع لا يزال قيد النقاش".
ويتوقع المسؤولون الأمريكييون استمرار هجوم "تنظيم الدولة"، فكوباني تتسم بأهمية رمزية لمقاتلي "تنظيم الدولة" وللتحالف الدولي على السواء.
وحاصر مقاتلو "تنظيم الدولة" المدينة التي تقع على مقربة من الحدود التركية قبل أكثر من شهر، وهم يستخدمون الدبابات والمدرعات التي استولوا عليها خلال معاركهم في العراق في الهجوم على الأكراد المسلحين على الأغلب بأسلحة خفيفة.