قال روبرت فيسك إن قضية صحافيي
الجزيرة، الذين حكمت عليهم محكمة بداية العام الحالي، هي جزء من حرب دائمة بين دولة
قطر ومصر؛ بسبب دعم الدوحة للإخوان.
ويشير الكاتب في مقال له نشرته صحيفة "إندبندنت" إلى رسالة تلقاها من عائلة محمد فهمي، أحد الصحفيين الثلاثة ومدير مكتب الجزيرة في القاهرة.
ويبين فيسك أن فهمي وجه في الرسالة نقداً للجزيرة، التي زعم أنها تركته والفريق العامل معه دون توجيه. ويقول إنه غاضب ومن حقه الغضب. يقول فهمي إن اعتقاله وزميليه، بيتر غريسته وباهر محمد، تم لأن
مصر "أرادت تلقين قطر درساً لا تنساه"؛ بسبب دعمها للإخوان المسلمين.
ويذكر الكاتب أن فهمي عبّر في رسائله عن سخطه من مسؤوليه في قناة الجزيرة، التي قال إن إهمالها أدى لتعريض حياته وزميليه للخطر قبل أيام من اعتقالهم.
ويقول فيسك إن قصة محمد مؤسفة؛ لأنه صحفي بارع وعمل معه في العراق، وكذلك زميلاه بيتر وباهر، حيث يقول محمد إنهم كانوا ضحية "حرب باردة مستمرة بين مصر وقطر".
ويلفت الكاتب إلى أن قناة الجزيرة أنشئت عام 1996، لكن منصب المدير التنفيذي ظل شاغراً لعدة أشهر، وعندما احتاج العاملون في مكتب الجزيرة – القاهرة النصيحة لم يحصلوا عليها. وجاء فهمي، الذي يحمل الجنسية المزدوجة الكندية- المصرية، وعمل في صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" وشبكة "سي إن إن"، وعبر عن معضلته في رسالة مكتوبة أرسلها هذا الأسبوع للجنة الصحفيين الكنديين لحرية التعبير.
وجاء في رسالته "لقد تسلمت الوظيفة تحدياً شخصياً بعد الإطاحة بالإخوان المسلمين في 3 تموز/ يوليو 2013، أي قبل خمسة أشهر من اعتقالنا". مضيفاً "بعد عدة أشهر بدا واضحاً لي، أنني ورثت سفينة غارقة تتقاذفها الأمواج بلا بوصلة ولا سارية من مقر الجزيرة لكي تخرجنا إلى بر الأمان".
ويفيد الكاتب أنه بحسب أفراد عائلته فقد اشتكى فهمي أكثر من مرة للجزيرة، خاصة بعد إغلاق السلطات الجديدة مكاتب القناة في مصر، وقال إنه يجب عدم استخدام فندق ماريوت والتظاهر بلعب لعبة التخفي من الشرطة. وهو ما سمح للحكومة المصرية لاحقاً بالزعم وبطريقة زائفة أنهم كانوا يدعمون "الإرهاب"، الذي يمثله
الإخوان بعد الانقلاب الذي نفذه الجيش ضد الرئيس المنتخب محمد مرسي. "في الحقيقة فقد تظاهر محمد فهمي ضد الإخوان المسلمين عندما كان مرسي في السلطة".
وينقل فيسك عن فهمي قوله إن المصريين كانوا ساخطين على قناة الجزيرة "مباشر مصر"، وطلب من رئيس الشبكة الامتناع عن استخدام التقارير التي يعدها فهمي وزملاؤه، "ولكنهم استخدموا تقاريرنا على مباشر واستضافوا معلقين للتعليق في استديوهات قطر".
ويكشف الكاتب شكوى فهمي من المحامي الذي عينته القناة للدفاع عنه وزميليه. وانتقاده قرار القناة الطلب من الحكومة المصرية تعويضات بقيمة 150 مليون دولار، من خلال وساطة دولية، مع أن الصحفيين كانوا في السجن.
ويشير الكاتب إلى أن مصادر داخل الجزيرة رجحت أن فهمي، الذي لا يزال يعاني من آثار كسر كتفه، ربما لم يفهم الجهود التي تمت للدفاع عنه. فيما يقول آخرون إن إدارة القناة ومسؤوليها البارزين كانوا في الولايات المتحدة عندما اعتقل الثلاثة، حيث كانوا مشغولين بإطلاق القناة هناك، ولهذا تركوا متابعة القضية لمسؤولين أقل أهمية. ويقول فهمي إن الإدارة طلبت منه متابعة الشؤون التحريرية وترك السياسة لها.
وفي رسالته للجنة الصحفيين الكنديين من أجل حرية التعبير في تورنتو، قال إنه تعرف على الصحفي الأميركي ستيفن سوتولوف، الذي أعدمه تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام هذا العام، ووصفه بأنه كان "متعطشاً للبحث عن الحقيقة". وكتب "هؤلاء القتلة هم الإرهابيون الحقيقيون، وليس بيتر وفهمي أو محمد"، مضيفاً أن كتابا سيعد حول العلاقة المتوترة بين مصر وقطر، التي تركتهم وراء قضبان السجن، وسيحمل الكتاب عنوان "خلية ماريوت".
وفي رسالته للإندبندنت قال محمد فهمي إنه "غاضب جداً جداً"؛ لأنه وجد نفسه وسط نزاع دولي. مبيناً أن عائلته تقوم بمقابلة الوزراء في الحكومة لتأمين الإفراج عنه، ويعتقد أن عبدالفتاح
السيسي الذي قاد الانقلاب ضد مرسي مهتم بالإفراج عنه.
ويتابع "لقد تحدثت مع الصحفيين في (الجزيرة) عن سبب عدم تقديم القناة الحماية لنا، ولم تحصل لنا على رخص عمل، وقلت لهم لماذا نحن في الماريوت، وأشرت إلى أن لي اتصالات جيدة مع الوزراء والمخابرات، وقلت هذا وضع غير صحيح، وسنتعرض للاعتقال، وقالوا لي (اترك الأمر لنا وركز على تحرير التقارير)".
وتمثل فهمي اليوم المحامية أمل علم الدين، زوجة الممثل جورج كلوني وهو متفائل.
ويختم الكاتب بالقول إنه عرض ما ورده من محمد فهمي على القناة، ورد المتحدث باسمها أسامة السعيد قائلاً: "إن الجزيرة هي القناة الوحيدة التي تقوم بتغطية أخبار مصر من عدة جوانب وتقدم كل الآراء، رغم تعرضها لحملة استفزاز، وقد ينتقد البعض ردنا على هذا التحدي، وعلينا تذكر أن مسؤولية حبس الصحفيين لا تقع على كاهل القناة، ولكن على الجهات التي سجنتهم".