بعد مقتل الرجل الثالث من أصول أفريقية برصاص شرطي "أبيض"، في بلد يزعم نشر الحرية والديمقراطية في العالم، وليس في مكان آخر، ما أثار احتجاجات عرقية عمت البلاد، فهل يفضي ذلك إلى انطلاق "
ربيع أسود" في الولايات المتحدة؟
أعلنت شرطة مدينة فينيكس الأمريكية في بيان لها عن وفاة رجل يدعى رومين بريزبون (34 عامًا) اشتبه بحيازته سلاحا أثناء محاولة اعتقاله من قبل شرطي اشتبه بأن الرجل الأسود يتاجر بالمخدرات، في مشهد يعيد إلى الأذهان حادثتين مماثلتين.
كانت أولى الحادثتين في شهر تموز/ يوليو في مدينة فيرغسون بولاية ميسوري، عندما قتل الشاب مايكل براون على يد الشرطي ولسون، الذي عمدت السلطات الأمريكية إلى التكتم عن هويته بادئ الأمر ثم عدم توجيه تهم إليه، ما فجَّر موجة احتجاجات واسعة شملت أغلب المدن الأمريكية الكبرى قبل أسبوعين.
وكذلك فعلت هيئة محلفين أخرى في نيويورك عندما قررت عدم توجيه الاتهام لشرطي أبيض مسؤول عن مقتل الرجل "الأسود" إريك غارنر خنقًا أثناء محاولة اعتقاله في نيويورك، في ثاني قرار لصالح قوات الأمن في غضون أسبوعين بعد قضية فيرغسون.
هذا الأمر لم يتقبله الأمريكيون على اختلاف ألوانهم وانتماءاتهم العرقية؛ إذ تدفق المحتجون على شوارع مانهاتن في نيويورك ومدن أخرى في مظاهرات غالبيتها سلمية لليلة الثانية على التوالي.
وردد المشاركون في احتجاجات الشوارع في وسط مانهاتن "لا أستطيع التنفس"، وهي العبارة التي قالها غارنر تكرارًا في فيديو يصور الحادث قبل موته.
وكانت تقارير إعلامية أفادت بأن الشرطة الأمريكية اعتقلت أكثر من 400 متظاهر في الأيام الثلاثة الماضية خلال تلك الاحتجاجات، ووجهت لأغلبهم تهمة الإخلال بالنظام العام.
يذكر أن قضيتي نيويورك وميسوري فجرتا جدلًا قديمًا عن أجهزة إنفاذ القانون في الولايات المتحدة، واتهامها على نطاق واسع باستهداف الأمريكيين الأفارقة والأقليات الأخرى دون وجه حق، الأمر الذي أرغم وزير العدل الأمريكي إريك هولدر على الإعلان عن إجراء تحقيق كامل في قضية نيويورك.
وكان هولدر قد أطلق من قبل مراجعة للحقوق المدنية في قضية فيرغسون، وأعلن أن تحقيقًا فدراليًّا أظهر أن شرطة كليفلاند (
أوهايو، شمالا) التي قتل أحد أفرادها في تشرين الثاني/ نوفمبر فتى أسود عمره 12 عامًا، أفرطت في السابق في استخدام القوة.
وقال إن التحقيق الفدرالي "خلص إلى أن هناك أسبابًا تدعو إلى الاعتقاد بأن شرطة كليفلاند انخرطت في مجال أو عادة استخدام القوة بشكل غير عقلاني وغير مفيد، وفي انتهاك للتعديل الرابع للدستور".
وفي أول رد فعل أممي على الأحداث الجارية في الولايات المتحدة؛ دعت الأمم المتحدة السلطات الأمريكية إلى احترام حرية التعبير، مطالبة إياها بتعزيز محاسبة شرطييها على أفعالهم.
وقال ستيفان دوغاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، إن "هذه القضية تطرح مجددًا قضية مسؤولية عناصر قوات الأمن".
وأضاف أن الأمين العام "يدعو السلطات المختصة في الولايات المتحدة بإلحاح إلى بذل قصارى جهدها من أجل الاستجابة للنداءات" التي تطالب بـ"محاسبة عناصر الشرطة على أفعالهم أكثر فأكثر".
أحداث متسارعة تشهدها الولايات المتحدة، وإن اختلفت أسبابها، فهي تدور حول نفس المحور الذي تدعي هيئات
حقوق الإنسان الأمريكية في الداخل والخارج الدفاع عنه، ألا وهو أبسط الحقوق، "العيش الكريم" و"حرية التعبير".
مظاهرات الاحتجاج انطلقت، فهل تكون بداية لـ"ربيع أسود" في أمريكا على غرار ما سمي بالربيع العربي، وهل يثمر هذا الربيع أو يزهر على الأقل؟