لم يزعزع استهداف الاحتلال
الإسرائيلي المستمر للأراضي الزراعية على طول الشريط الحدودي بغزة، أمل
المزارعين هناك بإعادة استصلاح أراضيهم وجني خيراتها الوفيرة.
وشدد المزارع خليل قديح (30عاما)، من منطقة الفراحين شرقي محافظة خانيونس على أنه "كلما اقتلع الاحتلال زرعنا نغرس غيره"، لافتا إلى أن الحرب الأخيرة على قطاع
غزة كلفته خسارة محصول أربع دونمات من الخضراوات الرفيعة كـ"الجرجير والفجل والبقدونس" بالإضافة إلى أشجار الزيتون والفواكه والحمضيات والعشب الأخضر الخاص بالملاعب والمنتزهات.
الحرب قضت على المحصول
وقال قديح لـ"عربي21" :"على مدار السنوات العشر الأخيرة، وخلال الحروب الثلاثة الماضية على القطاع لم تسلم أرضي من انتهاكات الاحتلال".
وعمد الاحتلال الإسرائيلي خلال الحرب الأخيرة إلى استخدام كميات هائلة من الصواريخ والقذائف أثرت على إنتاجية الأراضي الزراعية في المناطق الحدودية، ويفيد المزارع قديح أنه حاول زراعة أرضه مجددا بالقرنبيط لكنه لم يفلح وخسره كاملا، ما دعاه إلى قلب الأرض وحرثها ورشها ومن ثم زراعتها بمحصول البصل، على أمل أن يثمر خيرا يمكنه من إعالة أسرته.
ويؤثر تجريف الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الزراعية على الشريط الحدودي على توفير الخضراوات في القطاع، حيث اشتكى مواطنون لـ"عربي 21" من قلة توفر سلة الخضراوات الغذائية في القطاع وارتفاع أسعارها مثل؛ البندورة والخيار والخضراوات الرفيعة.
حرمان وغلاء
ومنذ عام 2000 يحرم الاحتلال الإسرائيلي المزارع عطا أبو شهلا (41عاما) من الوصول إلى أرضه التي تبعد عن الحدود الشرقية قرابة 200 متر وفلاحتها، ويؤكد لـ"عربي 21" أنه بات يعمل أجيرا في أراضي زراعية مجاورة ليوفر قوت أسرته، موضحا أنه "لا يعرف حرفة غير الزراعة".
ويتمنى أبو شهلا أن يعود لأرضه لينثر فيها المحاصيل المختلفة ويأكل من ثمرها، خاصة وأن أجره لا يتعدى 20 شيكلا (قرابة 5 دولار أمريكي) يوميا، وهذا لا يعينه على قضاء احتياجات أطفاله السبعة في ظل ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة في قطاع غزة المحاصر منذ قرابة ثمانية سنوات.
وعلى عرض 300 متر وعلى امتداد الشريط الحدودي من رفح جنوبا وحتى بيت حانون شمالا بمساحة إجمالية تقدر بـ 25 ألف دونم، تمنع قوات الاحتلال المزارعين من زراعة تلك الأراضي، التي تتمتع بخصائص عالية الجودة في الإنتاج ضاربا بعرض الحائط كافة التفاهمات والاتفاقيات التي تقضي بالسماح لمزارعي تلك المناطق بالعودة لأراضيهم.
ضعف الاهتمام
ويتهم المزارع صدقي شاهين وزارة الزراعة بغزة بـ"ضعف الاهتمام بمزارعي المناطق الحدودية، وعدم تقديم المساعدة اللازمة لفحص التربة بعد كل اجتياح للتأكد من سلامتها".
وأوضح شاهين في حديثه لـ"عربي21"، أنه "بعد كل اجتياح نفتقد جهود وزارة الزراعة في فحص التربة وتحديد مدى صلاحيتها للزراعة وخلوها من سموم القذائف"، مشيرا إلى أنه لا يملك في ظل ضعف إمكانياته الاقتصادية والفنية من إجراء الفحص على حسابه الخاص كونه مرهق ماليا.
وخلال الحرب الأخيرة على القطاع جرف الاحتلال الإسرائيلي محاصيل المزارعين على بعد كيلو متر من الشريط الحدودي، وعمد وفق – إفادة المزارعين- إلى "رش أراضيهم بالغازات السامة لإحباط محاولات زراعتها من جديد"، وفي هذا السياق يؤكد شاهين أن المزارعين "لن ييأسوا من إعادة استصلاح أراضيهم، وزراعتها فهي مصدر رزقنا الوحيد".
ويطالب المزارعون وزارة الزراعة والمعنيين بحماية الأرض والتربة والمؤسسات الحقوقية بالتحرك القضائي ضد الاحتلال الذي يعمد لتجريف أراضيهم وحرق محاصيلهم في كل مرة يجتاح فيها القطاع.
قلة الإمكانيات
بدوره عزا نائب مدير عام الارشاد بوزارة الزراعة المهندس فتحي أبو شمالة، ضعف اهتمام الوزارة بفحص التربة في المناطق الحدودية بعد الاعتداءات الإسرائيلية إلى منع "إسرائيل" دخول أي لجان فحص إلى القطاع في إطار التعتيم على جرائمها، وقال لـ"عربي21" "نحن معنيون بشكل كبير بأن يتم فحص التربة وطالبنا الجهات الدولية بذلك غير أن إسرائيل منعت دخولهم".
وحول إمكانياتهم في الوزارة للقيام بالمهمة، بين أبو شمالة أن الإمكانيات الفنية في الوزارة "ضعيفة" بالإضافة "لعدم دخول الأدوات المخبرية اللازمة للكشف عن تلك السموم بسبب الحصار وإغلاق المعابر".
وناشد نائب مدير عام الإرشاد كافة الجهات الدولية ذات العلاقة بضرورة التحرك لتوفير الإمكانيات وإدخال اللجان المختصة ليتم علاج الأراضي واستثمارها بما يعود بالفائدة على المزارع والاقتصاد
الفلسطيني ككل.