اشتدت وتيرة المعارك في المناطق السنية في
العراق، وتكبدت المليشيات الشيعية العراقية والإيرانية خسائر فادحة في الأرواح والمعدات، بشكل مستمر يكاد يكون بصورة يومية.
وتتعرض هذه
الميليشيات لهجمات منظمة من قبل تنظيم الدولة خصوصاً في قواطع
الأنبار وصلاح الدين، عبر استهداف مقراتها العسكرية بالسيارات المفخخة، التي غالباً ما يقودها انتحاريون، فضلاً عن عمليات القنص، ومعارك كر وفر.
وتتناقل وسائل الإعلام المحلية والعالمية أرقاما لقتلى وجرحى مليشيات "
الحشد الشعبي"، بعد كل هجوم يشنه تنظيم الدولة. وآخر الأرقام كان لعدد القتلى خلال الأسبوع الماضي في المعارك العنيفة المتواصلة على مشارف مدينة
تكريت، والهجمات المتواصلة في سامراء شمال بغداد.
وتشهد مقبرة وادي السلام في محافظة النجف كل ساعة تقريباً توافد نعوش لقتلى في صفوف المليشيات الشيعية والقوات الأمنية، هذا بالإضافة إلى قطع النعي السوداء المنشترة عند مداخل المناطق الشيعية في بغداد والمحافظات الجنوبية. وهذا ما يعطي انطباعا عن أعداد القتلى رغم تكتم الحكومة العراقية وقادة الميليشيات المنضوية تحت اسم "الحشد الشعبي".
وتحدَّث صاحب أحد مكاتب الدفن في النجف، ويدعى "أبو حسين"، لـ"
عربي21"، وقال: "منذ عام 2003 و(حتى) الاقتتال الطائفي الذي شهده العراق لم تشهد مقبرة وادي السلام هذا العدد الهائل من القتلى للشباب الشيعة"، مضيفا: "أرقام مهولة للقتلى منذ بدء المعركة في الأنبار وحتى هذه اللحظة، إنني أذكر ذات مرة، وفي يوم واحد، دفن 500 جثة تم جلبها من معارك الأنبار، وأحياناً يفوق هذا الرقم".
ويضيف تم إنشاء مقبرة خاصة لقتلى عناصر الحشد الشعبي، وتخطى عددهم 1000 قتيل. وقال: "هذا ما أعرفه أنا، ولكن الرقم يمكن أن يكون أكثر من ذلك"، موضحا أن الغالبية العظمى منهم شباب تتراوح أعمارهم ما بين 20 الى 32 عاماً.
بدورها، تمتنع دائرة الطب العدلي التابعة لوزارة الصحة العراقية عن الإفصاح عن الرقم الحقيقي لقتلى مليشيات الحشد الشعبي الذين سقطوا جراء المعارك، نتيجة عدم توفر إحصائيات دقيقة لأعداد القتلى، لأن غالبية القتلى لا يتم تسجيلهم عبر الدائرة بسبب نقل الجثث من ساحة المعركة إلى المقبرة مباشرة، فيما تتكتم الجهات الرسمية في "الحشد" على الأعداد الحقيقية، خوفاً من ردة فعل الرأي العام وذوي القتلى، لكن ربما الأهم من ذلك، حتى لا تؤثر على معنويات المقاتلين الآخرين الذين يشاهدون سقوط عشرات القتلى من زملائهم يومياً.
وكانت الحكومة العراقية قد خصصت أراضي لدفن قتلى المليشيات الشيعية في النجف وكربلاء ومدن أخرى، بعد أن غصت المقابر القديمة بالقتلى، فيما تتواصل النعوش بالتدفق إلى جنوبي العراق.
من جانبه، قال أحد المقاتلين في الحشد الشعبي لـ"
عربي21"، مفضلا عدم ذكر اسمه لكنه من مدينة حي "العامل" ببغداد ويقاتل الآن على جبهات صلاح الدين: "الرقم الذي يذكر عبر بعض الفضائيات إجمالا هو غير دقيق، وذلك لكثرة الاستهدافات التي نتعرض لها".
ويروي هذا المقاتل عن شراسة المعارك التي تخوضها ميليشيات الحشد الشعبي مع تنظيم الدولة، ويقول معترضا: "إن التقليل من أعدادنا، جرحى كنا أم قتلى، هو ظلم وانتهاك لحق من حقوقنا، فالاستشهاد هو استبسال في سبيل الوطن، ويجب كشف الحقائق حتى يعرف العالم كم قدمنا، وما زلنا نقدم، من تضحيات وشهداء لدحر التنظيم، وتحرير المناطق السنية"، على حد تعبيره.