عززت تدوينة لإحدى مرجعيات
تنظيم الدولة إيمان البغا من مخاوف إقدام مقاتلي التنظيم على تدمير
آثار مدينة
تدمر وسط
سوريا، والمدرجة على لائحة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو"، والتي سقطت بيد مقاتلي التنظيم الأربعاء الماضي.
وعلى صفحتها على "فيسبوك"، كتبت إيمان البغا التي تركت التدريس في جامعة الدمام في السعودية وأعلنت انضمامها إلى تنظيم الدولة في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، تدوينة وصفت فيها علماء الآثار بأنهم "أكثر العلماء كذبا"، والاهتمام بالآثار "مسخرة "(مدعاة للسخرية).
وقالت "ابتلانا الحكام الخونة بالاهتمام بالآثار تلبية لرغبات أعداء الأمة فملؤوا العقول بأن هذه الأحجار المكسرة والتماثيل البشعة معالم حضارة".
واعتبرت ابنة عالم الدين الدمشقي المعروف مصطفى البغا، والتي تحمل شهادة دكتوراه بأصول الفقه من كلية الشريعة في جامعة دمشق، بأن "التماثيل في الإسلام حرام وأمر رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم معاذا عندما بعثه إلى اليمن أن لا يدع قبرا إلا سواه".
وأشارت إلى أن الغرب "قال لنا في الماضي إن بلادنا زراعية وأما بلادهم فصناعية، لأن الصناعة أكثر موردا من الزراعة، أما اليوم فلم يريدوا لبلادنا أن تكون زراعية ولا صناعية، وإنما سياحية -بلا مؤاخذة- حتى نبني الفنادق بدل المصانع، وليعمل شبابنا كراسين مطاعم(عمال خدمة) وبناتنا مرشدات سياحة أو راقصات، ولنبقى مستوردين لما نحتاجه من عندهم فيزدادون ثراء ونزداد فقرا".
وأضافت "انطلت هذه الحيلة على العقول بسبب الإعلام الخبيث، ولكن آن الأوان لإنهاء هذه المهزلة على يد رجال لا يمكن الضحك على ذقونهم، وها هي دولة الإسلام (التي أعلنها تنظيم الدولة على مناطق سيطر عليها في العراق وسوريا صيف العام الماضي) تهدم الأضرحة والتماثيل في كل مكان".
ولم تشر البغا إلى مصير آثار تدمر تحديدا، إلا أن هذا الموقف يعد الأول الذي يصدر عن مرجعية لدى التنظيم منذ سقوط مدينة تدمر بيد مقاتلي التنظيم، وتزايد المخاوف من إقدام الأخيرين على تدمير الآثار الثمينة الموجودة فيها.
وفي تشرين أول/ أكتوبر الماضي، أعلنت البغا على صفحتها على "فيسبوك" انضمامها لـتنظيم الدولة، وقالت بعد تبريرها أسباب انضمامها للتنظيم وترك معيشتها الفارهة وجامعتها التي كانت تدرّس فيها في السعودية، إنها "داعشية قبل أن يوجد داعش"، أي تحمل فكر التنظيم المتشدد قبل أن يوجد.
واشتهرت البغا بكتابة تدوينات عن مشاهداتها في المناطق الواقعة تحت سيطرة تنظيم الدولة، وإبداء آرائها الشرعية خاصة فيما يتعلق بالنساء، وأيضا في إبداء مواقف سياسية حيال خصوم التنظيم الذين تصفهم في غالب الأحيان بـ"الكفرة" و"الظلمة" و"الفسقة"، كما تعلن مواقف معادية للغرب وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية.
وتثير سيطرة تنظيم الدولة على المدينة الأثرية في تدمر، مخاوف من نهب أو تدمير الآثار الموجودة فيها وفي متحفها، خاصة بعد أن قام التنظيم خلال الأشهر الماضية بتدمير عدد من المواقع والمدن الأثرية في المناطق التي يسيطر عليها مثل متحف الموصل بمدينة الموصل شمالي العراق، وآثار مدينتي النمرود والحضر التاريخيتين شمالي العراق، ما أثار موجة من الإدانة من قبل المنظمات الأممية المهتمة بالآثار.
وكان ناشطون سوريون أعلنوا، الأربعاء الماضي، سيطرة تنظيم الدولة على مدينة تدمر بشكل كامل بعد انسحاب قوات النظام السوري غربا تجاه ريف حمص الشرقي، وهو ما أقر به النظام في وسائل إعلامه.
وتدمر الأثرية (بالميرا باللاتينية) الواقعة وسط مدينة تدمر الحديثة، هي إحدى أهم المدن الأثرية عالميا، وورد اسمها في ألواح طينية تعود إلى القرن الثامن عشر قبل الميلاد، سكنها الكنعانيون والعموريون والآراميون، وتتميز بأن معالم الحاضرة القديمة شبه متكاملة، وتتوزع الأطلال فيها على مساحة تتجاوز 10كم2 ويحيط بها سور دفاعي من الحجر المنحوت، وآخر للجمارك من الحجر واللبن، وتتوزع بيوتها حسب المخطط الشطرنجي.
وأهم معالمها القلعة الأثرية والمعابد، منها "الإله بل" و"بعلشمين" و"نبو" و"اللات" و"ارصو"، إلى جانب الشارع الطويل وقوس النصر والحمامات ومجلس الشيوخ، والسوق العامة، ووادي القبور، والمدافن البرجية، كما يوجد في مدينة تدمر متحف كبير يضم آثاراً تعود لأكثر من 30 قرنا من الزمن.