في مقال تحليلي لها، رصدت جريدة "ليبيراسيون" الفرنسية التحديات التي تواجهها الدول المعنية بالحرب ضد "تنظيم الدولة"، مؤكدة أن الولايات المتحدة الأمريكية تتهم الجيش العراقي بأنه "لا يريد القتال"، في حين تعيب إيران على واشنطن كونها "غير فعالة" في هذا الصدد.
وتوقعت الجريدة الفرنسية، عجز القوات العراقية عن إحراز أي تقدم كبير في مواجهة تنظيم الدولة في طريق الموصل.
تحديات تبدو جلية في نتائج الحرب ضد تنظيم الدولة في العراق وسوريا، والتي لا تبدو فعالة لحد الساعة، حسب ما أوردت الجريدة، والتي استدلت على ذلك بسقوط مدينة الرمادي "الاستراتيجية" في أيدي التنظيم مؤخرا، كما هو الشأن بالنسبة لمدينة "تدمر" التاريخية في سوريا، وهي معطيات أثارت من جهة غضب الولايات المتحدة الأمريكية التي انتقدت "عدم رغبة الجيش العراقي في القتال" من جهة، ومن جهة أخرى أغضبت إيران، التي تتهم أمريكا بالفشل على الرغم من تقديمها لنفسها بأنها "الحصن" الوحيد ضد هجومات المتطرفين السنة.
على صعيد آخر، أوضح التقرير أن الأنظمة الملكية في الخليج سلمت مؤخرا بأن الضربات الجوية تبقى غير كافية للقضاء على تنظيم الدولة، لكنها لحد الساعة لم تتوصل إلى "الوصفة السحرية" البديلة، يورد المصدر ذاته.
وفي غضون ذلك، يستمر تنظيم الدولة في السيطرة على المواقع الاستراتيجية، تضيف "ليبراسيون"، والتي كان آخرها الأحد الماضي من خلال السيطرة على نقطة حدودية بين العراق وسوريا، من شأنها أن تمنح للتنظيم عمقا جغرافيا واستراتيجيا كبيرا، هذا بالتوازي مع عمله على تنفيذ الكثير من عمليات الإعدام، في العراق كما في سوريا.
وأكد التقرير أن واشنطن خلقت المفاجأة عن طريق وزير دفاعها آشتون كارتر، وهجومه العنيف على الجيش العراقي باتهامه بـ"عدم القتال في سبيل الدفاع عن الرمادي"، هذا في وقت يتفوق الجيش العراقي عدديا على المهاجمين، "لكن الجنود لم يقاتلوا وانسحبوا من المنطقة".
وتابعت الجريدة الفرنسية نقل تصريحات كارتر، والتي قال فيها إن بلاده على استعداد بأن توفر للجيش العراقي تداريب وتجهيزات لمساعدته "في سبيل أن يتوفر على رغبة في القتال، لأن القضاء على تنظيم الدولة مرتبط بمساهمتهم في القتال". تصريحات علقت عليها "ليبراسيون" بالقول أن الوزير الأمريكي "نسي" أن هذه القوات التي ينتقدها الآن تم تشكيلها وتكوينها على مر سنوات طويلة على أيدي القوات الأمريكية بتكاليف وصلت إلى ملايير الدولارات.
ودافع الوزير الأول العراقي حيدر العبادي عن جيش بلاده في تصريح لقناة "بي بي سي"، وأكد على قرب استعادة الرمادي في غضون "الأيام المقبلة" من طرف القوات العراقية، غير أن "ليبيراسيون" توقعت عدم إحراز أي تقدم كبير من طرف العراقيين في مواجهة "الجهاديين" في طريق الموصل، رغم احتمال أن تكون المليشيات الشيعية الأكثر مشاركة.
وعملت إيران هي الأخرى على تقديم ملخص لـ"الإخفاقات" في الحرب على تنظيم الدولة، على لسان الجنرال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، والذي حمل الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها مسؤولية هذه الإخفاقات، حيث أكد أن الغائب الأكبر في الحرب على تنظيم الدولة هو إيران، متهما في نفس الوقت الرئيس الأمريكي باراك أوباما بكونه "لم يقدم على أدنى خطوة لمواجهة تنظيم الدولة، ما يدل على أن أمريكا لا تتوفر على رغبة في هذه المواجهة"، حسب القائد العسكري الإيراني الذي شوهد مرات عديدة مؤخرا على الحدود السورية والعراقية، كما تواجد في لبنان لتوجيه عمليات عسكرية.
وأوردت الجريدة تساؤلات سليماني حول "ادعاءات" الأمريكيين حول حماية الحكومة العراقية "في وقت ترتكب فيه جرائم حرب عديدة على بعد كيلومترات من مقراتها"، مؤكدا في هذا السياق على ضرورة "تحصين" حدود بلاده ضد "الشيطان الكبير"، يقصد تنظيم الدولة، هذا مع مساعدة الدول التي تعاني من هذا التنظيم.
وختمت الجريدة تقريرها بالإشارة إلى أن "مجازر الجهاديين" مستمرة، مذكرة بإعدام "تنظيم الدولة" لـ16 تاجرا للمواد الغذائية بسبب "رفعهم لأثمنة بضائعهم" في العراق، في ما رصد حقوقيون سوريون إجراء عمليات ذبح علنية في "تدمر" دون أن يستطيعوا تحديد عددها.