نفى رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الدكتور يوسف
القرضاوي، أن يكون قد أفتى بجواز
العمليات الانتحارية في
مصر، مشددا في الوقت ذاته على سلمية
الثورة المصرية، رغم ما يلاقيه المعارضون من قتل وتعذيب وانتهاك واعتقال ومطاردة.
جاء ذلك عبر بيان توضيحي حول هذه الفتوى المزعومة، صدر عن مكتب القرضاوي، الاثنين، قال فيه إن "القنوات المؤيدة للانقلاب العسكري في مصر أذاعت تسجيلا مصورا مجتزأ للعلامة القرضاوي، عن العمليات الاستشهادية، محاولة الإيهام بأن فضيلته يتحدث فيه عن مصر، وهو كذب وافتراء لا شك فيه، فتاريخ هذا الفيديو يرجع إلى تاريخ 21 آذار/ مارس 2013، حيث لم يكن الانقلاب قد وقع بعد".
وكان الإعلامي المصري المقرب من الأجهزة الأمنية أحمد موسى، عرض فيديو للشيخ القرضاوي، زعم من خلاله أن "القرضاوي أصدر فتوى تبيح تفجير الانتحاري لنفسه، بناء على طلب جماعة الإخوان المسلمين".
وادعى موسى في برنامجه التلفزيوني "على مسؤوليتي" الذي يعرض على قناة "صدى البلد" الفضائية" أن القرضاوي قال ردا على سؤال حول تفجير شخص ما لنفسه ليستهدف تجمعا ما تابع للنظام الجائر ولو نتج عنه خسائر في صفوف المدنيين، إن "الجماعة هي التي ترى أنها بحاجة إلى هذا الأمر، وإذا رأت الجماعة أنها بحاجة إلى أنه يفجر الشخص نفسه في الآخرين ويكون أمرا مطلوبا، فتدبر الجماعة كيف يفعل هذا، وبأقل الخسائر الممكنة، ولكن لا يمكن أن يترك هذا لأفراد وحدهم، ولا يترك الفرد يتصرف وحده في هذا الأمر".
وواصل بيان مكتب القرضاوي توضيحه، قائلا: "من يتابع تصريحات فضيلة الشيخ وبياناته، يجده يشدد على سلمية الثورة، ويحيي الثوار الأحرار لتمسكهم بها، رغم ما يلاقونه من قتل، وتعذيب، وانتهاك، واعتقال، ومطاردة، واعتداءات تشيب لها الولدان".
ولفت إلى أن "حكم العمليات الاستشهادية فصّله فضيلة الشيخ القرضاوي في كتابه فقه الجهاد، وختم كلامه عنه بهذين التنبيهين المهمين، التنبيه الأول: أننا أجزنا هذه العمليات للإخوة في
فلسطين لظروفهم الخاصَّة في الدفاع عن أنفسهم وأهليهم وأولادهم وحُرماتهم، وهي التي اضْطرَّتهم إلى اللجوء إلى هذه العمليات؛ إذ لم يجدوا بديلا عنها، ولم نُجِز استخدام هذه العمليات في غير فلسطين لانتفاء الضرورة الموجبة أو المبيحة، وقياس البلاد الأخرى على فلسطين، كالذين يستخدمون هذه العمليات ضدَّ المسلمين بعضهم بعضا، كما في الجزائر ومصر واليمن والسعودية والعراق وباكستان وغيرها، هو قياس في غير موضعه، وهو قياس مع الفارق، فهو باطل شرعا، ومثل هؤلاء: الذين اتَّخذوها ضدَّ أمريكا في عُقر دارها، مثل أحداث 11 سبتمبر 2001م، فلا تدخل في هذا الاستثناء.
أما التنبيه الثاني الذي أشار إليه بيان مكتب القرضاوي فهو أنَّ "الإخوة في فلسطين قد أغناهم الله عن هذه العمليات، بما مكَّنهم من الحصول على صواريخ تضرب في عُمق إسرائيل ذاتها، وإن لم تبلغ مبلغ الصواريخ الإسرائيلية، ولكنها أصبحت تؤذيهم وتقلقهم وتزعجهم، فلم يعد إذن المعوّل على العمليات الاستشهادية، كما كان الأمر من قبل، فلكلِّ حالة حكمها، ولكلِّ مقام مقال. والفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان والحال) انتهى من فقه الجهاد".
وختم مكتب الدكتور القرضاوي بيانه بالإشارة إلى أنه "على أن رأي فضيلة الشيخ الذي ارتآه حينها، لم يكن رأيه وحده، بل معه عشرات علماء الإثبات، ومنهم شيخ الأزهر الراحل الدكتور محمد سيد طنطاوي، الذي وصف هذه العمليات بأنها دفاع عن النفس ونوع من الشهادة، لأن جزاء سيئة سيئة مثلها، وما تقوم به إسرائيل داخل الأراضي الفلسطينية يدفع أي مسلم للانتقام والدفاع عن النفس، فمن فجَّر نفسه في عدو من الجيش الإسرائيلي لرد اعتدائه، ولم يكن له وسيلة لرد الاعتداء سوى تفجير نفسه فهو شهيد، شهيد، شهيد، وإن قيل إنه رجع عن موقفه بعد ذلك لأمور لا تخفى".