تواجه مليشيا العصائب، إحدى أهم تشيكلات "الحشد الشعبي" المسلحة؛ إحجاما من شباب قضاء الطارمية والتاجي والمناطق المحيطة شمالي بغداد، عن للانضمام والتطوع في صفوفها، في حين تلجأ
المليشيات للترهيب والترغيب لتجنيد الشباب، لمحاربة
تنظيم الدولة في المناطق الساخنة.
ويؤكد حسين عمران، أحد شبان منطقة التاجي، في حديث مع "
عربي21"، أنّ مليشيا العصائب تمارس شتى أنواع الضغط لكسب الشباب السُنة، وإجبارهم في أحيان كثيرة بالقوة، للانخراط في صفوف الحشد الشعبي للقتال، خاصة في القضاء الذي يقطن فيه، والذي يقول حسين إنه صار مرتعا لهذه المليشيات".
وتحاول المليشيات تجنيد الشباب
السنة عبر تقديم الإغرائات المالية، وحتى الإغراء بتقديم النساء، ومن يخالف أمر التطوع فإنه يوضع في دائرة الاستهداف الطائفي، ويتعرض للتهديد بالاعتقال والقتل تارة، أو الترحيل والتضييق عليه تارة أخرى، بحسب حسين عمران.
ويضيف: "كل تلك المحاولات لم تلق ترحيبا واستجابة بين شباب قضاء التاجي لأسباب تتعلق بإدراك الشاب السني بأن المليشيات، بعد تكبدها خسائر فادحة، تريد الآن أن تزج بهم لمقاتلة أبناء جلدتهم في معركة خاسرة وصراع مذهبي يعود إلى 1400 سنة، لا ناقة لهم فيه ولا بعير"، حسب قوله.
ويشير حسين، الذي يقول إنه حصل على معلومات من مصادر مقربة من أشخاص متطوعين في مليشيا العصائب، أن المعارك الأخيرة في بيجي والأنبار أدت إلى هروب الآلاف من مقاتلين العصائب، تاركين مواقعهم وعائدين إلى عائلاتهم التي قدموا منها من وسط وجنوب
العراق، حيث يرفضون مواصلة القتال في المناطق السُنية، لذا وجدت العصائب نفسها مضطرة إلى إعادة ترتيب صفوفها، لكن هذه المرة بالاعتماد على الشبان السُنة، وإجبارهم على التطوع قسرا، لا سيما وأن المقاتلين
الشيعة فقدوا الثقة بقادة الحشد الشعبي بعد تخلي قادة كثيرين عنهم، وأبزرهم هادي العامري، وأبومهدي المهندس، فضلا عن غياب المستشارين الإيرانيين وانسحابهم من أغلب المعارك، ليجد المقاتلون الشيعة أنفسهم في فخاخ السيارات المفخخة التي يقودها الانتحاريون من تنظيم الدولة، ومفارز القناصة.
وتابع قائلا: "لا يمر يوم إلا وتشن مليشيات الحشد حملات اعتقال تطال شباب المنطقة والمناطق المجاورة، ليتم وضعهم أمام خيارين: الاعتقال أو الالتحاق بصفوف العصائب".
وفي قضاء الطارمية، الذي أصبح شبه خال من شبابه بعد مغاردة المئات هاربين بأرواحهم خوفا من إجبارهم على التطوع لقتال التنظيم، تحدث داوود سلمان الحيالي (33 عاما) مع "
عربي 21"، قائلا إنه استطاع الفرار مؤخرا من الحواجز الأمنية التي تقيمها المليشيات على طول المداخل والمخارج والطرق المؤدية إلى بلدة الطارمية بحثا عن شبان القضاء.
وتوقف الحواجز جميع السيارات التي تمر في تلك النقاط، حيث تخضع للتفتيش، والتدقيق بهويات الركاب، فيما يتم إنزال الشباب منها عنوة ويحتجزون بسيارة نقل كبيرة لينقلوا فيما بعد إلى معسكرات مخصصة للتدريب خارج العاصمة بغداد.
ويقول داوود لـ"
عربي21"؛ إنه نجح بإعجوبة في الفرار، بحمله هوية مزورة لأحد الأحزاب الدينية الشيعية النافذة.
ويقول أمير وليد المشهداني، لـ"
عربي21": "لم أخضع لترهيب وترغيب وأوامر مليشيا العصائب، وأذهب للقتال، والنتيجة كانت أن فجّروا محلي الصغير، واعتقلوا والدي الذي تجاوز الـ70 من العمر، وجميع أخوتي، وكتبوا على جدار منزلنا: لا يباع ولا يشترى، ولا يستأجر؛ لأن صاحب الدار مطلوب لمليشيا العصائب".
ويرى المشهداني أن عناصر هذه المليشيات "طائفيون مجرمون ويتبعون إيران"، مؤكدا أنه "بعد أن ضحكوا على عقول الشبان الشيعة واستنزفوهم فأسكنوهم المقابر، واليوم جاء دورنا للتخلص منا".
وأضاف: "يريدوننا وقودا في حربهم العبثية هذه، ذهبنا للتطوع أم لم نذهب، فنحن في إطار الاستهداف بكل الحالات"، بحسب قوله.